سایر زبان ها

شهروند خبرنگار

صفحه نخست

سرویس خانواده شیعه

سرویس شیعه شناسی

دیده بان شیعیان

سرویس عکس

سرویس فیلم

صوت

سردبیر

صفحات داخلی

زيارة عاشوراء سنداً ومكانةً

کد خبر: ۲۰۵۷۹
۰۲:۱۱ - ۲۷ فروردين ۱۳۹۰
مقدّمات تمهيدية

ولنقدّم قبل دراسة السند أُموراً تضفي على الموضوع جلاء ووضوحاً:

1. الحديث المعتبر عند القدماء

إنّ الحديث بين القدماء كان ثنائيّ التقسيم وهو بين معتبر وغير معتبر، فما أيّدته القرائن فمعتبر يصحّ الركون إليه والاحتجاج به، وأمّا  ما لم تؤيّده القرائن فغير معتبر، لا يحتجّ به. وأمّا القرائن فهي:

1. وجود الحديث في كثير من الأُصول الأربعمائة المتداولة بينهم التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتّصلة بأصحاب العصمة (سلام اللّه عليهم).

2. تكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة، أو وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار.

3. اندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمة المعصومين، فأثنوا على مؤلّفيها، ككتاب عبيد اللّه الحلبي الذي عرض على الصادق(عليه السلام)، وكتابي يونس بن عبدالرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على الإمام العسكري(عليه السلام).

4. أخذه من أحد الكتب التي شاع بين سلفهم، الوثوق بها، والاعتماد عليها، سواء أكان المؤلّف من الإمامية، ككتاب الصلاة لحريز بن عبداللّه السجستاني، وكتب ابني سعيد بن الحسين الأهوازي، وعلي بن مهزيار; أم من غير الإمامية، ككتاب حفص بن غياث القاضي والحسين بن عبيد اللّه السعدي، وكتاب القبلة لعلي بن الحسن الطاطري.

ولذلك نرى أنّهم حكموا بصحّة أحاديث بعض الرواة وإن لم يكونوا من الإمامية، كعلي بن محمد بن رياح وغيره لوجود القرائن المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم.([5])

هذه نماذج من القرائن المفيدة للوثوق، وهناك قرائن أُخرى مفيدة له طوينا عنها الكلام روماً للاختصار.

هذا هو ديدن القدماء، وأمّا المتأخرون فقد عدلوا عن التقسيم الثنائي إلى التقسيم الرباعي بتقسيم الحديث إلى: صحيح، وموثّق، وحسن، وضعيف. والداعي لهذا التقسيم هو أنّ القرائن المورثة للاطمئنان بصدور الحديث آلت إلى القلّة والندرة حسب مرور الزمان; وأوجب ضياع الأُصول والمصنّفات المؤلّفة بيد الثقات، اللجوءَ إلى التقسيم الرباعي الذي يبتني على ملاحظة السند وأحوال الراوي.

ويترتّب على ما ذكرنا: أنّه إذا أكّدت القرائن صدور الخبر عن المعصوم فهو حديث صحيح في مصطلح القدماء، وإن لم يكن كذلك في مصطلح المتأخّرين، ولكنّهم ـ أيضاً ـ غير آبين عن العمل بمثله.

2. الحجّة هو الخبر الموثوق بصدوره

هل الحجّة هو قول الثقة وخبره، أو أنّ الحجة هو الخبر الموثوق بصدوره؟ قولان:

أصحّهما هو الثاني وأنّ الاعتماد  على وثاقة الراوي لأجل كونها مفيدةً للوثوق بصدور الحديث، ولذلك لو لم تثبت وثاقة الراوي ولكن دلّت القرائن على صدق الخبر، يكون حجّة عند العقلاء وبالتالي عند الشرع الذي أمضى سيرة العقلاء في هذا المضمار.

إنّ الأُصوليين وإن  ركّزوا على حجّية قول الثقة، وظاهر كلامهم أنّ الشارع كان بصدد تأسيس قاعدة هي حجّية خبر الثقة دون غيره، ولكن التحقيق أنّه لم يرد في الشرع دليل على أنّ الشارع بصدد تأسيس قاعدة باسم حجّية قول الثقة. أمّا الآيات فدلالتها على الكبرى(حجّية قول الثقة) مخدوشة كما هو واضح لمن راجع الكتب الأُصولية.([6])

وأمّا الروايات فالجميع بصدد بيان الصغرى حيث تعلق السؤال بها وأنّ فلاناً هل هو ثقة أو لا؟ وليس فيها ما يشير إلى تأسيس كبرى شرعية باسم حجية خبر الثقة، ولذلك نرى أنّ الراوي يسأل الإمام ويقول: أفيونس بن عبدالرحمن ثقة، آخذ منه  ما احتاج إليه من معالم ديني؟!([7]) أو يقول الإمام: العمري وابنه ثقتان ما أدّيا عنّي فعنّي يؤدّيان.([8])

وعلى هذا فالدليل الوحيد على حجّية الخبر الواحد هو سيرة العقلاء في معاشهم ومعادهم، ومن المعلوم أنّ السيرة جرت على الاعتماد على الخبر الموثوق بصدوره، وأنّ وثاقة الراوي من القرائن المفيدة لصدوره، ولذلك لو ثبتت وثاقة الراوي ولكن القرائن شهدت على عدم الصدور يترك قوله ويعذّر بأحد الأعذار.

وقد عرفت أنّ محور الحجّية عند القدماء هو شهادة القرائن الداخلية أو الخارجية على صدور الرواية، واقترانه بقرائن يجعله موثوق الصدور.

3. الشهرة العملية جابرة لضعف السند

اعلم أنّ الشهرة تنقسم إلى: روائية، وعملية، وفتوائيّة.

الشهرة الروائية: عبارة عن اشتهار نقل الرواية بين الرواة وأرباب الحديث ونقلها في الكتب، سواء عَمِلَ بها الفقهاء أم لم يعملوا.

والشهرة العملية: عبارة عن اشتهار العمل بالرواية والاستناد إليها في مقام الفتوى، كاستناد الفقهاء على النبويّ: «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي»، أو قوله(صلى الله عليه وآله):«الناس مسلّطون على أموالهم» والروايتان وإن لم تنقلا في جوامعنا الحديثية ولكن الفقهاء عملوا بها، فالشهرة العملية بين الفقهاء تعرب عن وجود قرائن محتفّة بالرواية سبّبت حصول الاطمئنان بصدورها.

وبذلك يعلم أنّ الشهرة الروائية إنّما تفيد إذا كان النقل مقروناً بالعمل، وأمّا النقل المجرد عن العمل فهو كاسر للحجية ويورث الظن بعدم  صحة الحديث.

والشهرة الفتوائية : عبارة عن مجرّد اشتهار الفتوى في مسألة، سواء لم تكن على وفقها رواية أو كانت الفتوى على خلافها فهل مثل هذه الشهرة حجّة أو لا؟ فيها تفاصيل أوضحناها في محاضراتنا الأُصولية .

والمقصود في المقام هو إثبات أنّ الشهرة العملية بمعنى اعتماد العلماء على الرواية بالعمل بها جابر لضعف السند ـ على فرض وجوده ـ و يورث الاطمئنان بصدورها.

والشاهد على ذلك مقبولة عمر بن حنظلة([9])، فقد سئل الإمامَ عن الخبرين المتعارضين اللّذين رواهما العدلان. قال ابن حنظلة: فقلت: فإنّهما  عدلان، مرضيان عند أصحابنا لا يفضّل واحد منهما على صاحبه؟ قال: فقال: «ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به، المجمعَ عليه عند أصحابك فيُؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، إنّما الأُمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيُتبع، وأمر بيّن غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى اللّه وإلى رسوله.([10])

وجه الدلالة:

1. انّ المراد من «المجمع عليه» ليس ما اتّفق الكلّ على روايته، بل المراد ما اشتهرتْ روايتُه بين الأصحاب، في مقابل الشاذّ الذي ليس كذلك، ويدل على ذلك قول الإمام (عليه السلام)  : «يُترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك».

2. المراد من اشتهار الرواية بين الأصحاب، هو اشتهارها مع العمل بها والإفتاء بمضمونها، إذ هو الذي يصلح لأن يكون ممّا لا ريب فيه، وإلاّ فلو رووها ولم يعملوا بمضمونها، بل أفتوا على خلافه، ففي مثلها كلّ الريب.

3. المراد كون  المجمع عليه «ممّا لا ريب» هو نفي الريب على وجه الإطلاق كقوله سبحانه:(ذلِك الْكِتابُ لا رَيْبَ فيهِ)([11])، بشهادة أنّ النكرة وقعت في سياق النفي وهو يفيد العموم، وإذا كانت الرواية المشهورة المعمول بها ممّا لا ريب فيه، تكون الرواية الشاذة المعرض عنها، ممّا لا ريب في بطلانها، وذلك بحكم العقل لا بالدلالة اللفظية، فإنّه إذا كان أحد طرفي القضية ممّا لا ريب في صحّته وقطعَ الإنسان بصحّته يكون الطرف الآخر مقطوع البطلان، وإلاّ يلزم اجتماع اليقين بالصحّة، مع الشك فيها، مثلاً إذا كانت عدالة زيد ممّا لا ريب فيها، يكون مخالفها ـ فسقه ـ ممّا لا ريب في بطلانه.

ومن ذلك يعلم أنّ الخبر المشهور  داخل في القسم الأوّل من التثليث الوارد في الحديث أيْ بيّن الرشد، والخبر الشاذ داخل في القسم الثاني أيْ بيّن الغي، لا في القسم الثالث أيْ مشكل يرد حكمه إلى اللّه ورسوله.

ثمّ إنّ المراد من قوله(عليه السلام): «فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه»، ـ كما مرّ ـ هو شهرة الخبر بين الأصحاب مع العمل به لا ما أجمع على صدوره من المعصوم، لأنّ الراوي افترض أنّ الخبرين رواهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على  صاحبه، فلو كان أحد الخبرين ممّا أجمع الأصحاب عليه فلا معنى لفرض المذكور ـ أعني: رواية العدلين المرضيين الخبرين المتعارضين ـ ففرض المخالف دليل على أنّ المراد هو الشهرة لا المجمع عليه حسب اصطلاح الأُصوليين.

ثمّ إنّ تقديم الخبر المشهور بالمعنى المذكور ليس إلاّ لأجل كونه مثيراً للاطمئنان بالصدور، وقد عرفت أنّه هو الموضوع لحجّية الخبر.

إذا عرفت ما ذكرنا، فاعلم أنّ زيارة عاشوراء وردت بأسانيد خمسة مع اختلاف في درجات اعتبارها، لكن المجموع من حيث المجموع مع القرائن التي ستوافيك في دراسة الأسانيد يورث الاطمئنان بصدورها، وأنّ التعبّد بها تعبّد مع الحجة ، ويُثاب الزائر حسب ما ورد في الرواية.

إنّ دراسة أسانيد الزيارة على ضوء القواعد الرجالية وإن كان أمراً متيناً ولكن الاقتصار عليها والغضّ عن القرائن الكثيرة الدالّة على صحّة الرواية أمر لا يمكن الإغماض عنه، وسيوافيك في ثنايا البحث القرائن التي ربما تورث وثاقة الراوي أو صحّة الرواية.

4. رجال الغضائري و قيمته العلمية

إنّ كتاب الضعفاء المنسوب إلى الغضائري ـ أعني: الحسين بن عبيد اللّه،  أو إلى ابنه أحمد بن الحسين ـ لم تثبت صحة انتسابه إلى واحد منهما، فكيف يمكن الاعتماد على مثل هذا الكتاب؟! لأنّ الكتاب كان مفقوداً طيلة قرون والغضائري من رجال القرن الرابع وأوائل الخامس وقد توفّي عام 411هـ، وهكذا ابنه فهو من رجال القرن الخامس، وانقطع أثر الكتاب عنهما غير قرنين،  إلى أن وقف عليه السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن طاووس الحسيني الحلّي (المتوفّى سنة 673هـ) ، وعلى ذلك  كيف يمكن الاعتماد عليه؟!

أضف إلى ذلك: إنّ القرائن تدلّ  على عدم ثبوت النسبة، وقد أوضح حالها السيد الخوئي في كتاب «معجم رجال الحديث»([12])، فمن أراد التفصيل فليرجع إليه، كما أوضحنا حاله في كتابنا «كليات في علم الرجال».([13])

هذا ونظير ذلك تضعيف القمّيين قسماً كبيراً من الرواة حيث إنّ جرحهم لم يكن مستنداً إلى سماع من عادل، إلى عادل بل كانوا يعرضون الروايات المروية عن لفيف من الرواة على عقائدهم الخاصّة، فإذا رأوا في الرواية شيئاً من الارتفاع والغلوّ يرمونه بالغلوّ ووضع الحديث. يقول المحقّق البهبهاني: «اعلم أنّ الظاهر أنّ كثيراً من القدماء لا سيّما القمّيّين منهم والغضائري ـ كانوا يعتقدون للأئمّة(عليهم السلام)منزلة  خاصّة من الرفعة والجلالة، ومرتبة معيّنة من العصمة والكمال بحسب اجتهادهم ورأيهم، وما كانوا يجوّزون التعدّي عنها، وكانوا يعدّون التعدّي ارتفاعاً وغلوّاً حسب معتقدهم، حتّى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلوّاً، بل ربّما جعلوا مطلق التفويض إليهم أو التفويض الّذي اختلف فيه  ـ كما سنذكر ـ أو المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خـوارق العـادات عنهم، أو الإغراق في شأنهم وإجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقـائص، وإظهار كثير قدرة لهم، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض (جعلوا كلّ ذلك) ارتفاعاً أو مورثاً للتهمة به، لا سيّما لأجل أنّ الغلاة كانوا مختفين في الشيعة مخلوطين بهم مدلسين.

وبالجملة ، الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأُصولية أيضاً فربّما كان شيء عند بعضهم فاسداً أو كفراً أو غلوّاً أو تفويضاً أو جبراً أو تشبيهاً أو غير ذلك، وكان عند آخر ممّا يجب اعتقاده، أو لا هذا و لا ذاك. وربّما كان منشأ جرحهم بالأُمور المذكورة وجدان الرواية الظاهرة فيها منهم ـ كما أشرنا آنفاً ـ أو ادّعاء أرباب المذاهب كونه منهم أو روايتهم عنه، وربّما كان المنشأ روايتهم المناكير عنه، إلى غير ذلك، فعلى هذا ربّما يحصل التأمّل في جرحهم بأمثال الأُمور المذكورة، إلى أن قال:

ثمّ اعلم أنّه (أحمد بن محمد بن عيسى) والغضائري ربّما ينسبان الراوي إلى الكذب ووضع الحديث أيضاً بعد ما نسباه إلى الغلوّ وكأنّه لروايته ما يدلّ عليه».([14])

5. مفاد الخبر الضعيف

إذا أُريد  من الخبر الصحيح ما اتّصل إلى  المعصوم بعدل إمامي، ومن الحسن ما رواه الإمامي الممدوح من غير نص على عدالته، وأُريد من الموثّق ما رواه من نُصّ على توثيقه مع عدم سلامة عقيدته، فيكون الضعيف ما يقابل الثلاثة، وفي الوقت نفسه قد يكون مطابقاً للواقع أو أكثر مطابقة من الثلاثة، ولكنّه حسب المعايير ليس بحجّة.

إذا عرفت ذلك فإذا كانت هناك أخبار ضعاف تهدف إلى أمر خاص لا يمكن العدول عنها بحجّة ضعفها، لأنّ لكلّ خبر تأثيراً في حصول الوثوق  في نفس الإنسان، فإذا كثر السبب يزداد الوثوق في نفس الإنسان.

وعلى ضوء ما ذكرنا فلو فرضنا ضعف أسانيد زيارة عاشوراء ـ وهو فرض  غير صحيح كما سيوافيك ـ  فهذه الأسانيد الخمسة مع ما في طيّاتها من شخصيات لا يشق غبارهم، قد اعتنوا بروايتها، يكون المجموع من حيث المجموع مورثاً للوثوق، فالتسرّع  بردّ الزيارة بحجّة أنّ الأسانيد ضعاف في غير محلّه، صغرى وكبرى.

6. التسامح في أدلّة السنن

قد اشتهرت بين الأصحاب مسألة التسامح في أدلّة السنن، ويراد بها أنّه لا يعتبر في ثبوتها ما يشترط في ثبوت غيرها، ومنها كون الراوي ثقة ضابطاً، بل يكفي ورودها ولو عن طريق ضعيف. والمسألة معنونة في كلمات الفريقين ويعبر أهل السنّة عن هذه المسألة بقولهم: العمل بالخبر الضعيف في فضائل الأعمال، وقد ألمع إليها:

1. الشهيد الأوّل(734ـ 786هـ) في الذكرى.

2. ابن فهد الحلي(المتوفّى 841هـ) في عدة الداعي.

3. الشهيد الثاني (المتوفّى 966هـ) في درايته.

4. بهاء الدين العاملي (المتوفّى 1030هـ) في أربعينه.

5. الشيخ الأنصاري(المتوفّى 1281هـ) في  رسالته المستقلة في هذا الموضوع.

روى الكليني بسند صحيح عن ابن أبي عمير،  عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه(عليه السلام)قال: «مَن سمع شيئاً من الثواب على شيء فصنعه  كان له، وإن لم يكن على ما بلغه» .([15])

وقد استرسل العلماء في الكلام في مفاد هذه الرواية ونظائرها وأنّها هل تضفي على العمل حكم الاستحباب، أو لا تثبت سوى ترتّب الثواب؟ ونحن لا نريد الخوض في ذلك، فقد أوضحنا الكلام في مفاد الروايات في محاضراتنا الأُصولية.([16])

وليس الهـدف مـن هذه الروايات هو حثّ الناس على نقل الخبر الضعيف ونشره بين الناس، بل الغرض هو حفظ الآثار النبوية حتى لا تترك لأجل كون السند ضعيفاً.

فلو فرضنا فرضاً غير صحيح ضعف أسانيد زيارة عاشوراء، فللشيعي المتحرّق قلبه على مصائب الحسين(عليه السلام) أن يقرأ الزيارة لأجل الحصول على الثواب الموجود في الرواية.

هذا بعض ما يمكن أن يقال، وأنت إذا لاحظت هذه المقدّمات وما سيوافيك من دراسة أسناد الزيارة، يظهر لك أنّ زيارة عاشوراء زيارة معتبرة صدرت عن أئمّة أهل البيت(عليهم السلام)بقلب حزين يندّد بسياسة الجور والظلم التي مارسها بنو أُميّة ضد أهل البيت(عليهم السلام)وأنّها تبقى مشرقة عبر العصور والقرون.

إذا عرفت ذلك فلنبحث في أسانيد زيارة عاشوراء ودراستها، ورتّبنا البحث في فصلين:

الأوّل: زيارة عاشوراء بأسانيدها الثلاثة عند الشيخ الطوسي(قدس سره)(385ـ 460هـ).

الثاني: زيارة عاشوراء التي رواها ابن قولويه(قدس سره)(المتوفّى 369هـ) بطريقين.

ولعلّ الباحث يَعثر على غير ما ذكرنا من الطرق.

     الفصل الأوّل

الأسانيد الثلاثة للشيخ الطوسي

لزيارة عاشوراء


إنّ استحباب زيارة سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام)في اليوم العاشر  من محرم الحرام ممّا أصفق عليه علماء الطائفة الإمامية عبْر القرون، واتّفاقهم هذا من أتقن الأدلّة على صحّتها وصدورهاعن أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) .

إنّ زيارة سيد الشهداء في العاشر من محرم الحرام وردت بطرق خمسة: رواها شيخ الطائفة بطرق ثلاثة، غير أنّ السند الأوّل يختصّ ببيان ثواب الزيارة دون النصّ المعروف، والأخيرين طريقان لنفس النصّ، ويعلم ذلك بالإمعان في ما نقله الشيخ في هذا المضمار.

ورواها ابن قولويه بطريقين، فتكون الطرق إليها خمسة. وسنتعرض في هذا الفصل لدراسة أسانيد الشيخ الطوسي(رحمه الله).

السند الأوّل ([17])

قال الشيخ الطوسي: روى محمد  بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه(عقبة بن قيس بن سمعان)، عن أبي جعفر(عليه السلام) ، قال: «مَن زار الحسين بن علي (عليهما السلام)في يوم عاشوراء من محرم الحرام حتّى يظلّ عنده باكياً لقي اللّه عزّ وجلّ يوم يلقاه بثواب ألفي حجّة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ غزوة وحجّة وعمرة كثواب من حجّ واعتمر وغزا  مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)ومع الأئمة الراشدين».

قال: قلت جعلت فداك فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟

قال: «إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره، وأومأ إليه بالسلام واجتهد في الدعاء على قاتله وصلّى من بعدُ ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس، ثمّ ليندب الحسين (عليه السلام)ويبكيه، ويأمر مَن في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليعزِّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين (عليه السلام)، وأنا  الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على اللّه تعالى جميع ذلك».

قلت: جعلت فداك أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟!

قال: «أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك».

قلت: فكيف يُعزّي بعضنا بعضاً؟

قال:« تقولون: أعظم اللّه أُجورنا بمصابنا بالحسين(عليه السلام)وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد (عليهم السلام) ، وإن استطعت  أن لا تَنْتَشِر يومك في حاجة فافعل فإنّه يوم نحس لا يُقضى فيه حاجة مؤمن، فإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير فيها رشداً، ولا يدَّخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادّخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له فيما ادّخره ، ولم يبارك له في أهله ، فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه تعالى لهم أجر ثواب ألف حجّة وألف عمرة وألف غزوة كلّها مع رسول اللّه(صلى الله عليه وآله)، وكان له أجر وثواب مصيبة كلّ نبي ورسول ووصي وصدّيق وشهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلى أن تقوم الساعة».([18])

إلى هنا تمّ سند الشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين يوم عاشوراء دون أن يذكر فيه نصّ خاص للزيارة، بل اقتصرت الرواية على نيل الثواب، كما جاء فيها: البروز إلى الصحراء  و الصعود إلى السطح المرتفع والإيماء إليه بالسلام والاجتهاد في الدعاء على قاتله...، وليس فيها أي أثر من الزيارة الخاصة التي نحن بصدد تقويم سندها.

وإليك دراسة سندها:

أقول: قد أخذ  الشيخ الرواية   من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع، ونقل سنده إلى كتابه في الفهرست بالنحو التالي:

ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن علي بن إبراهيم،عن أبيه، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع.([19])

وعلى هذا فالشيخ يروي ثواب زيارة الحسين (عليه السلام)في يوم عاشوراء عن المشايخ التالية:

1. ابن أبي جيد.

2. محمد بن الحسن بن الوليد.

3. علي بن إبراهيم.

4.  إبراهيم بن هاشم.

5. محمد بن إسماعيل بن بزيع.

6.  صالح بن عقبة.

7. عقبة بن قيس.

8. عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) .

وإليك دراسة أحوالهم:

1. ابن أبي جيد

علي بن أحمد بن محمد بن أبي جيد المكنّى بأبي الحسين، وهو من مشايخ النجاشي والشيخ، ومشايخ النجاشي كلّهم ثقات.

2.  محمد بن الحسن بن الوليد

محمد بن الحسن بن الوليد(المتوفّى عام 343هـ) وهو من مشايخ الطائفة وأجلاّئها، غني عن الوصف والبيان ، ويصدر عنه الشيخ الصدوق  في التعديل والتجريح.

3. علي بن إبراهيم القمي

علي بن إبراهيم وهو شيخ الكليني الذي كان  حيّاً عام 307هـ ، وهو من مشايخ الطائفة الذين لا يُشق غبارهم.

4. إبراهيم بن هاشم

إبراهيم بن هاشم، الذي ادّعى ابن طاووس الإجماع على وثاقته، ويبلغ عدد رواياته 6414 رواية في الكتب الأربعة، وليس له نظير في رواة الشيعة.

5.محمد بن إسماعيل بن بزيع

محمد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب أبي الحسن الأوّل والرضا والجواد (عليهم السلام) ، يقول الشيخ في رجاله: ثقة صحيح كوفي.([20]) ويقول النجاشي: من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم، كثير العمل.([21])

6. صالح بن عقبة

صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان.

عرّفه النجاشي بقوله: صالح بن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة.

روى عن أبيه عن جدّه.

وروى عن زيد الشحام.

روى عنه محمد بن الحسين  بن أبي الخطاب.

وابنه إسماعيل بن صالح بن عقبة.([22])

وليس المراد منه صالح بن عقبة بن خالد الأسدي، وذلك لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي عنه بواسطة محمد بن أيوب  كما يظهر من طريق النجاشي إلى كتاب صالح بن عقبة بن خالد الأسدي، حيث قال بعد ذكر عدّة من المشايخ: ... عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن أيّوب عن صالح بن عقبة بن خالد الأسدي.([23])

كما أنّ الشيخ اقتصر في الفهرست  على ذكر شخص واحد، وقال : صالح بن عقبة له كتاب أخبرنا به ابن أبي جيد عن ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عنه.([24]) ومراده هو: صالح بن عقبـة بن قيس لا صـالح بـن عقبـة بن خـالد الأسدي. فما احتمله المحقّق التستري ليس في محلّه.([25])

إذا ظهر ذلك فاعلم:

إنّ الضابطة  في كلّ ما يذكره النجاشي هو  أنّه إماميّ فلو كان غير إمامي لتعرض إلى مذهبه،  كما تعرض لأحوال لفيف من الرواة إذا كانوا غير إماميين.

وعلى ذلك بنى جمع من علمائنا الرجاليين كالسيد بحر العلوم الطباطبائي رحمه اللّه في الفائدة العاشرة من فوائده الرجالية.([26]) فذهب إلى أنّ جميع من ذكره الطوسي والنجاشي في كتابيهما من الشيعة الإمامية صحيح المذهب، ممدوح بمدح عام يقتضيه الوضع لذكر المصنفين العلماءوالاعتناء بشأنهم وشأن كتبهم وذكر الطريق إليهم وذكر من روى عنهم و من رووا عنه إلاّ من نص فيه على خلاف ذلك من الرجال كالزيدية والفطحية والواقفية وغيرهم.

إنّ ما ذكره(قدس سره) في مورد  رجال الشيخ وإن كان غير تامّ، لأنّه ـ بشهادة ما ذكره في مقدّمة الكتاب ـ بصدد بيان أسماء مَن روى عن الرسول والأئمّة(عليهم السلام) ـ من غير التزام بكونه إمامياً أو غيره، ولكنّه صحيح في ما نسبه إلى رجال النجاشي فإنّه قد التزم بذكر أسلاف الشيعة ومصنفيهم ردّاً على قول من يقول:«إنّه لا سلف للشيعة لا مصنّف» وعلى هذا فكلّ من ذكره النجاشي في الكتاب فهو من الشيعة الإمامية، إلاّ إذا نصّ على خلافه أو كان معلوم الحال ولم تكن حاجة للتعريف به، فعلى هذا فالكتاب يختصّ برجال الشيعة ولا يذكر من غيرهم إلاّ إذا روى عنّا أو صنّف لنا فيذكره مع التنبيه عليه، كالمدائني والطبري وهكذا إذا كان الرجل شيعياً غير إماميّ يصرّح به كثيراً، فمادام لم يصرّح بالخلاف فالأصل كونه إماميّاً.

وعلى ضوء ذلك فهو إمامي ممدوح بمدح عام والذي جاء سبباً لذكره في الكتب.

هذا من جانب  ومن جانب آخر يروي عنه   مشايخ الشيعة الكبار نظراء:

1. يونس بن عبد الرحمن (المتوفّى عام 208) كما في مشيخة الفقيه، وهو من أجلة الفقهاء.

2. محمد بن إسماعيل بن بزيع (المتوفّى قبل 220).

3. محمد بن الحسين بن أبي الخطاب(المتوفّى عام 262هـ).

نعم ضعّفه ابن الغضائري، كما نقله العلاّمة في خلاصته وقال:

غال، كذّاب لا يلتفت إليه.([27])

ولكن ذم الغضائري لا يعتد به، لأنّه قدح كثيراً  من ثقاتنا وعلمائنا الذين لا يُشق غبارهم، وقد كان له  عقائد خاصّة في حقّ الأئمّة الاثني عشر فمَن تجاوز عنها وصفه بالغلو، ومن روى رواية في ذلك الموضوع برواية لا توافق عقيدته  وصفه بالكذب، و لذلك رتّب في كلامه على كونه غالياً، قوله: كذّاباً لا يلتفت إليه. والمتبادر منه أنّ وصفه بالكذب، لتوهم الغلوّ فيه.

كيـف يمكـن أن يوصف بالغلو والكذب من هـو مـن مشايخ يونس بن عبدالرحمن و محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أو محمـد بن إسماعيل بن بزيع الذي ذكر عند الرضا (عليه السلام)فقال:«وددت انّ فيكم مثلَه» ومن اعتنى بذكره وذكر كتابه النجاشي. فوثاقته قويّة وروايته معتبرة.

أضف إلى ذلك: أنّه لم تَثْبُت صحة نسبة الكتاب إلى الغضائري والداً وولداً كما مرّ.

7. عقبة بن قيس بن سمعان

عنـونه الشيـخ  فـي رجاله وعدّة مـن أصحاب الإمام الباقر(عليه السلام)([28])، وذكـره فـي أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام)يُورث الظن بأنّه إمامي ولم يظفر الشيخ بشيء من الذم فيه.([29])

إلى هنا تمت دراسة السند الأوّل للشيخ إلى بيان ثواب زيارة الحسين في يوم عاشوراء.

والسند لا بأس به وهو من الحسن بمعنى الممدوح بالمدح العام لا الممدوح بالمدح الخاص.([30])

السند الثاني

والمهم في المقام هو دراسة سند الشيخ إلى نصّ الزيارة ، قال (قدس سره) :

صالح بن عقبة، وسيف بن عميرة، قال علقمة بن محمد الحضرمي، قلت لأبي جعفر (عليه السلام): علّمْني دعاء أدعو به ذلك اليوم إذ أنا زرته من قرب وأومأت من بعد البلاد، ومن داري بالسلام إليه.

قال: فقال لي يا علقمة: إذا أنت صليت الركعتين بعد أن تومئ إليه بالسلام فقل عند الإيماء إليه من بعد التكبير هذا القول، فإنّك إذا قلت ذلك فقد دعوت بما يدعو به زوّاره من الملائكة، وكتب اللّه لك مائة ألف ألف درجة، وكنت كمن استشهد مع الحسين (عليه السلام)حتى تشاركهم في درجاتهم ثمّ لا تعرف إلاّ  مع الشهداء الذين استشهدوا معه، وكتب لك ثواب زيارة كلّ نبي وكلّ رسول وزيارة كلّ من زار الحسين (عليه السلام) منذ يوم قتل (عليه السلام)وعلى أهل بيته.

الزيارة:

السلام عليك يا أبا عبد اللّه، السلام عليك يابن رسول اللّه، السلام عليك يابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين، السلام عليك يابن فاطمة سيدة نساء العالمين....

ثمّ قال ـ بعد السلام مرّة واللعن مرة ـ : ثمّ تسجد و تقول:

اللّهمّ لك الحمد، حمد الشاكرين، لك على مصابهم، الحمد للّه على عظيم رزّيتي، اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين (عليه السلام)  يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليه السلام) .

قال  علقمة: قال أبو جعفر (عليه السلام)  : وإن استطعت أن تزوره في كلّ يوم بهذه الزيارة من دارك فافعل فلك ثواب جميع ذلك.([31])

إلى هنا تمت زيارة عاشوراء سنداً و متناً، وإليك دراسة السند فنقول:

سياق العبارة ظاهر في أنّ الشيخ  أخذ الرواية من كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع الذي لا كلام في وثاقته، إنّما الكلام في مَن يروي هو عنه.

فقد روى محمد بن إسماعيل نصّ الزيارة بالسند التالي:

أ. صالح بن عقبة وسيف بن عميرة.

ب. عن علقمة بن محمد الحضرمي.

أمّا صالح بن عقبة فقد تقدّمت ترجمته، وقد عرفت أنّه في الكتب الرجاليّة إمامي ممدوح بالمدح العام لا الخاص، ولكن دلّت القرائن على كونه مقبول الرواية وإنّ ذم الغضائري لا يعتدّ به.

فلو افترضنا عدم ثبوت وثاقته، فلا يضرّبصحّة هذاالسند، لأنّ محمد بن إسماعيل بن بزيع يروي نص الزيارة عن شخصين: أحدهما صالح بن عقبة، والآخر سيف بن عميرة والثاني ثقة بلا كلام.

قال النجاشي:  سيف بن عميرة النخعي، عربي، كوفي، ثقة، يروي عن أبي عبد اللّه وأبي الحسن، له كتاب يرويه عنه جماعات من أصحابنا.([32])

وصرّح بوثاقته الشيخ في الفهرست.([33])

فالرواة إلى هنا كلّهم ثقات، فالرواية صحيحة. إنّما الكلام في الراوي الأخير، أعني: علقمة بن محمد الحضرمي.

وأمّا علقمة فعدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر (عليه السلام)، والصادق(عليه السلام).([34])

وليس في الكتب الرجالية  تصريح بوثاقته، ولكن القرائن تدلّ على وثاقته:

1. روى الكشي عن بكار بن أبي بكر الحضرمي، قال: دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي، وكان علقمة أكبر من أبيه فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وكان بلغهما أنّه قال: «ليس الإمام منّا من أرخى عليه ستره، إنّما الإمام  من شهر سيفه».

فقال له أبو بكر ـ و كان أجرأهما ـ : يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)أكان إماماً و هو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتى خرج و شهر سيفه، وكان زيد يبصر الكلام فسكت فلم يجبه، فرد عليه الكلام ثلاث مرات كلّ ذلك لا يجيبه بشيء.

فقال له أبو بكر: إن كان  علي بن أبي طالب (عليه السلام)  إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخ ستره، وإن كان علي(عليه السلام)لم يكن إماماً وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا.

فطلب علقمة من أبي أن يكف عنه فكف.([35])

والحديث يكشف عن أنّ الرجلين  كانا على بصيرة من أمر الإمامة.

2. ما سيوافيك عند دراسة السند الثالث للشيخ من أنّ سيف بن عميرة الثقة، اعترض على صفوان بن مهران الثقة بأنّ ما دعا به، لم يرد في رواية العلقمي عن الباقر (عليه السلام)، واعتذر صفوان  ـ بما سيوافيك  في محله ـ  بأنّه سمعه من الإمام الصادق (عليه السلام)  عند زيارته لجدّه الحسين. فالاحتجاج بعدم نقله، والجواب عنه بأنّه سمعه من الإمام الصادق(عليه السلام)، حاك عن تسليم الرجلين الثقتين، وثاقة علقمة بن محمد الحضرمي، وإلاّلما احتجّ به «سيف بن عميرة»، ولما أجاب عنه صفوان بالسماع عن الصادق(عليه السلام) .

وبذلك يعلم: أنّ الدعاء الوارد بعد الزيارة ليس لعلقمة وإن اشتهر بأنّه منه بل هو لصفوان بن مهران.

فخرجنا بالنتيجة التالية:

1. سند الشيخ إلى كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع صحيح في الفهرست.

2. انّ محمد بن إسماعيل بن بزيع ثقة بالاتفاق.

3. انّ سيف بن عميرة ثقة، صرّح بها الشيخ بل النجاشي أيضاً.

4. علقمة بن محمد الحضرمي، ثقة حسب القرائن التي عرفتها.

إلى هنا تمّ السند الثاني، فلو قلنا بوثاقة علقمة كما هو الحقّ فالسند صحيح وإلاّ فهو حسن بالمدح العام.

السند الثالث

ثمّ إنّ للشيخ سنداً ثالثاً في «مصباح المتهجد» إلى نصّ الزيارة نأتي بنصه :

قال الشيخ الطوسي:

وروى محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة، قال: خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا بعد ما خرج أبو عبد اللّه (عليه السلام)]فسرنا[([36]) من الحيرة إلى المدينة.

فلمّا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه  إلى ناحية أبي عبد اللّه]الحسين [(عليه السلام) ، فقال لنا:

تزورون الحسين (عليه السلام)  من هذا المكان  من عند رأس أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه من هاهنا، وأومى إليه أبو عبد اللّه]الصادق[ (عليه السلام)وأنا معه.

قال: فدعا صفوان  بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام)في يوم عاشوراء  ثمّ صلّى ركعتين عند رأس أمير المؤمنين(عليه السلام) وودّع في دبرهما أميرالمؤمنين(عليه السلام)وأومى إلى الحسين بالسلام منصرفاً بوجهه نحوه وودّع وكان فيما دعاه في دبرها.

يا اللّه، يا اللّه، يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين....]الدعاء المعروف بدعاء علقمة[.

والرواية  صريحة في أنّ صفوان زار الإمام الحسين (عليه السلام)بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي  وفي آخر الرواية، قال: سيف بن عميرة، فسألت صفوان: انّ علقمة بن محمد الحضرمي لم يأت بهذا (الدعاء) أعني: «يا اللّه يا اللّه يا اللّه، يا مجيب دعوة المضطرين...» وإنّما أتانا بدعاء الزيارة(أي نصّ الزيارة)، فقال صفوان: وردت مع سيدي أبا عبد اللّه (عليه السلام)  إلى هذا المكان ففعل مثل الذي فعلناه في زيارتنا ودعا بهذا الدعاء عند الوداع.([37])

فالاختلاف إنّما كان في الدعاء الذي يُقرأ بعد الزيارة بعد تسليم نصّها المعروف.

دراسة السند الثالث

إنّ الشيخ أخذ الرواية من كتاب محمد بن خالد الطيالسي وذكر سنده إلى كتابه في «الفهرست» وقال: له كتاب رويناه عن الحسين بن عبيد اللّه(الغضائري)، عن أحمد بن محمد بن يحيى(شيخ الصدوق)، عن أبيه (محمد بن يحيى العطار القمي)، عن محمد بن علي بن محبوب، عنه.([38])

وسنده إلى الكتاب صحيح، وأحمد بن محمد بن يحيى من مشايخ الصدوق وينقل عنه مع الترضّـي عليه، والمشايخ ـ إذا كثرت الرواية عنهم ـ  في غنى عن التوثيق كما ذكرناه في محله.

إذا علمت ذلك فاعلم أنّ الحكم بصحة السند، يتوقف على دراسة أحوال الرواة الواردين فيه وهم :

1. محمد بن خالد الطيالسي.

2.  سيف بن عميرة.

3. صفوان بن مهران الجمال.

أمّا الثاني ـ أعني: سيف بن عميرة ـ فقد عرفت أنّ الشيخ والنجاشي وثّقاه، بقي الكلام في الأوّل و الثالث.

أمّا محمد بن خالد الطيالسي فقد عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) .([39]) وتؤيد وثاقته رواية المشايخ الأعاظم عنه نظراء :

1. علي بن الحسن بن فضال.

2. سعد بن عبد اللّه القمي.

3. حميد بن زياد قال الشيخ في فهرسته([40]): محمد بن خالد الطيالسي يكنّى أبا عبد اللّه روى عنه حميد أُصولاً كثيرة.

4. علي بن إبراهيم القمي.

5. محمد بن علي بن محبوب.

6. محمد بن يحيي المعادي.

7. معاوية بن  حكيم.([41])

وقال النجاشي: محمد بن خالد بن عمر الطيالسي التميمي أبو عبد اللّه مات لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة 259وهو ابن 97 سنة.([42])

ولعلّ هذا المقدار يثبت وجاهته في الحديث، وأنّ له منزلة عند المحدّثين، فيكون إماميّاً ممدوحاً بل مقبول الرواية.

وأمّا الثالث، أعني: صفوان بن مهران فهو كوفي ثقة، يكنّى أبا عبد اللّه. ([43])

إلى هنا تمت  دراسة أسانيد الشيخ الثلاثة،  فخرجنا بالنتيجة التالية:

إنّ السند الأوّل  من الأسانيد  الثلاثة، طريق الشيخ إلى ما يترتّب على زيارة الحسين (عليه السلام) على وجه الإطلاق من الثواب، وهو ليس بمطروح عندنا في هذا المقال، وإنّما ذكرناه استطراداً، لأنّ الشيخ روى الجميع في مقام واحد.

وأمّا السند الثاني فرواه الشيخ:

عن سيف بن عميرة وهو ثقة بالاتفاق.

عن علقمة بن محمد الحضرمي ولم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على وثاقته.

وأمّا السند الثالث فرواه الشيخ:

عن محمد بن خالد الطيالسي،

عن سيف بن  عميرة،

عن صفوان بن مهران.

والأخيران ثقتان، والأوّل لم يصرح بوثاقته وإنّما دلّت القرائن على مقبولية روايته في الحديث.

فحان البحث عن طريق ابن قولويه إلى نصّ الزيارة.

     الفصل الثاني

دراسة سندي ابن قولويه

إلى زيارة عاشوراء

السند الرابع

روى ابن قولويه في كتاب «كامل الزيارات» زيارة عاشوراء بالسند التالي:

حدثني حكيم بن داود بن حكيم وغيره.

عن محمد بن موسى الهمداني،

عن محمد بن خالد الطيالسي،

عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة جميعاً،

عن علقمة بن محمد الحضرمي،

عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)  قال: «من زار الحسين يوم عاشوراء حتّى يظلّ عنده باكياً لقى اللّه عزّوجلّ يوم القيامة بثواب ألفي حجّة...».

ومحمد بن إسماعيل،  عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام)قال: «من زار الحسين (عليه السلام)يوم عاشوراء من محرم حتى يظل عنده...».([44])

وقد تمّ السند الأوّل بقوله: «عن علقمة بن محمد الحضرمي» ثمّ ابتدأ بسند آخر وقال: ومحمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة.

وعلى ذلك ففي قوله: ومحمد بن إسماعيل احتمالان:

الأوّل: انّ ابن قولويه شرع بأوّل السند الثاني وأخذ الرواية عن كتاب محمد بن إسماعيل بن بزيع، لما عرفت من أنّ الشيخ روى نفس الزيارة عن ذلك الكتاب، وطريقه إليه صحيح فينتج قيام الحجة على وجود نصّ الزيارة في ذلك الكتاب، وقد تناول كلّ من العلمين الطوسي وابن قولويه نقلها  من ذلك الكتاب، غير أنّا نعلم سند الشيخ إلى الكتاب ولا نعلم سند ابن قولويه إليه، ولكنّه لا يضر بصحّة الرواية للعلم بوجود الرواية في ذلك الكتاب عن طريق الشيخ.

وهذا الاحتمال هو الأوجه، وعليه يكون لابن قولويه سندان إلى زيارة عاشوراء.

الثاني: انّ قوله: «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله: «محمد بن خالد الطيالسي» وانّ سند ابن قولويه إلى كتاب محمد بن إسماعيل نفس سنده إلى كتاب محمد بن خالد الطيالسي، فيروي كتاب ابن بزيع عن الطريق الذي يروي  به كتاب الطيالسي.

وعلى ذلك يكون سنده إليه كالتالي:

حكيم بن داود، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع; وهذا الاحتمال بعيد.

وثمة احتمال ثالث لا يتفوّه به من له إلمام  بالرجال، وهو انّ قوله «ومحمد بن إسماعيل» عطف على قوله:«علقمة بن محمد الحضرمي» وجزء من السند السابق، لأنّه بعيد عن الصواب غاية البعد، لأنّ علقمة من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) وابن بزيع من أصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) ، ومع الاختلاف في الطبقة كيف يعطف المتأخّر طبقة، على المتقدّم كذلك؟!

إذا عرفت ذلك فلنتاول رواة السند الأوّل بالبحث.

1. حكيم بن داود بن حكيم

أحد مشايخ جعفر بن قولويه وقد وثّق مشايخه إجمالاً في أوّل كتابه فقال: لا يذكر في كتابه إلاّ ما وقع له من جهة الثقات، وروى عنه في كامل الزيارات في الباب الثاني، الحديث11 والباب 54 الحديث الثالث.([45])

مضافاً إلى الباب 71، الحديث 9.

2. محمد بن موسى بن عيسى الهمْداني

ذكره النجاشي بقوله: «محمد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمْداني السمان، ضعّفه القميّون بالغلو وكان ابن الوليد يقول: إنّه كان يصنع الحديث واللّه أعلم»، يروي عنه محمد بن يحيى العطار القمي على ما في طريق النجاشي إلى كتابه، حيث قال: أخبرنا ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عنه بكتبه.

كما يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، الذي هو شيخ مشايخ الكليني، وقد ورد في أسناد نوادر الحكمة، للأشعري.

نعم ضعّفه رجلان:

1. الغضائري، قال: يروى عن الضعفاء ويجوز أن يخرّج شاهداً.

2. ابن الوليد، أُستاذ الصدوق، فانّه استثنى من أسانيد نوادر الحكمة عدّة من الرواة منهم محمد بن موسى الهمداني، وأقرّه على ذلك أبو العباس بن نوح السيرافي أُستاذ الشيخ النجاشي كما نقله في ترجمة صاحب نوادر الحكمة.

ومع ذلك كلّه فلا يعتمد على تضعيفهم، لأنّ تضعيف ابن الوليد يرجع إلى الاختلاف في مقامات الأئمّة، فإنّ للقميين وعلى رأسهم محمد بن الوليد عقائد خاصة في حقّ أهل البيت(عليهم السلام) ربما لا يرتضيها عموم الإمامية.

يقول الشيخ  المفيد في تصحيح الاعتقاد: وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن  أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التفسير، وهي ما حكي عنه أنّه قال: أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام (عليه السلام) ، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القمّيّين ومشيختهم، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين وينزلون الأئمّة (عليهم السلام)عن مراتبهم ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيراً من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم، ورأينا في أُولئك من يقول أنّهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون، ويدّعون مع ذلك أنّهم من العلماء، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه.([46])

وأخيراً: إنّ عبارة النجاشي في حقّ محمد بن موسى تعرب عن عدم جزمه بضعفه وذلك لأجل أمور:

أ.  نسب تضعيفه إلى القميين، وقد تقدّم أنّ تضعيفهم كان لمعايير خاصة مرفوضة عند الآخرين.

ب. إنّه بعد ما ينقل عن ابن الوليد أنّ محمد بن موسى يضع الحديث يردفه بقوله: «واللّه أعلم».

ب. يذكر من كتبه «الردّ على الغلاة» فمن يكتب كتاباً في الردّ على الغلاة كيف يضع الحديث؟! ووضع الحديث كان من شؤون الغلاة.([47])

3. محمد بن خالد الطيالسي

قد مرت ترجمته عند دراسة السند الثالث للشيخ الطوسي، وقد دلّت القرائن على كونه مقبول الرواية.

4. سيف بن عميرة

قد مرّ أنّه ثقة بلا إشكال.

5. صالح بن عقبة

مرّت ترجمته عند دراسة السند الأوّل للشيخ. وانّه امامي ممدوح بالمدح العام.

6. علقمة بن محمد الحضرمي

تقدّمت ترجمته عند دراسة سند الشيخ إليه، وقلنا بأنّ القرائن تدلّ على وثاقته.

إلى هنا تمّ  السند الأوّل للشيخ بن قولويه.

وإليك دراسة السند الثاني.

***

السند الخامس

روى محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) : من زار الحسين (عليه السلام)يوم عاشوراء من محرم حتّى يظل عنده باكياً.

وهـذا السنـد  غنـي عن الدراسة إلاّ ترجمة مالك الجهني.

فإنّ محمد بن إسماعيل و صالح بن عقبة قد تقدمت ترجمتهما، وأمّا مالك الجهني فقدعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر ومن أصحاب الصادق (عليهما السلام)قائلاً: الكوفي مات في حياة أبي عبد اللّه (عليه السلام) .([48])

ويمكن استظهار وثاقته من الأُمور التالية:

الأوّل: ما رواه علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن مالك الجهني، قال: قال أبوجعفر: يا مالك أنتم شيعتنا ألا ترى إنّك تفرّط في أمرنا، إنّه لا يقدر على صفة اللّه فكما لا يقدر على صفة اللّه، كذلك لا يقدر على صفتنا، وكما لا يقدر على صفتنا كذلك لا يقدر على صفة المؤمن، إنّ المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه، فلا يزال اللّه ينظر إليهما والذّنوب تتحاتُّ عن وجوههما، كما يتحاتُّ الورق من الشّجر، حتّى يفترقا، فكيف يقدر على صفة من هو كذلك.([49])

والرواية وإن كانت تنتهي إلى نفس مالك الجهني، لكن اعتناء علي بن إبراهيم القمي ومحمد بن عيسى بن عبيد ويونس بن عبد الرحمن بنقلها حاك عن نوع اعتماد على روايته.

الثاني: روى الكليني، عن عيسى الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد اللّه : يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا وتدخلوا الجنّة؟ يا مالك إنّه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلاّجاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلاّ أنتم ومن كان على مثل حالكم، يا مالك إنّ الميت واللّه منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه.([50])

الثالث:  انّ  مدحه للإمام الباقر (عليه السلام)   يعرب عن وقوفه بمقام الإمام و انّّه كان يجاهر بالولاء يوم كان الجهر به محظوراً، وقال:

إذا طلب الناس علم القرآ *** ن كانت قريش عليه عيالا

وإن قيل أين ابن بنت النبـ *** ـي نلت بذاك فروعاً طوالاً

نجوم تهلّل للمدلجين *** جبـال تــورّث علمــاً جبــالاً([51])

***

هـذه إشـارة سـريعـة إلـى أسـانيد زيـارة عـاشـوراء، وقـد عـرفت صحّـة بعضها ومقبولية البعض الآخر، والمجموع يشد بعضه بعضاً ويورث العلم أو الاطمئنان المتاخم للعلم بصدور الرواية عن المعصوم (عليه السلام)  مضافاً إلى أمرين:

1. اتفاق العصابة ومواظبتهم على قراءتها عبر القرون، وهي إحدى القرائن على صدور الرواية.

2. انّ الإمعان  في مضمون الزيارة  يعرب عن أنّها صدرت عن قلب ملؤه الشجون والأحزان، لا يسكن دمعه ولوعه إلاّ بأخذ الثأر، وهو يتفق بذلك مع مضامين سائر الروايات الواردة في الأدعية والزيارات.

وقد جاءت في أسانيد هذه الزيارة أسماء رجال الطائفة الذين يُعدّون من مراجع الفقه والحديث والرجال، كابن أبي جيد، ومحمد بن الحسن بن الوليد، وعلي بن إبراهيم، وإبراهيم بن هاشم ومحمد بن إسماعيل بن بزيع، وصفوان بن مهران، مضافاً إلى أنّ الزيارة قد نقلها علمان جليلان من أعلام الطائفة هما: الشيخ الطوسي وابن قولويه.

------------------------------------------------

[1] . لاحظ الوافي:1/11ـ 12، المقدمة الثانية.

[2] .  لاحظ : محاضراتنا في كتاب «المحصول في علم الأُصول» و «إرشاد العقول في علم الأُصول»، مبحث حجيّة خبر الواحد.

[3] . الوسائل:18، الباب11 من أبواب صفات القاضي، الحديث 33.

[4] . الوسائل:18، الباب11 من أبواب صفات القاضي، الحديث 4.

[5] . لا مرفوعة زرارة، فإنّها مرسلة أرسلها العلاّمة (المتوفّى عام 726هـ) عن زرارة (المتوفّى 150هـ). ولا يصحّ الاحتجاج بمثلها.

[6] .  الوسائل: ج18، باب9 من أبواب صفات القاضي، الحديث1.

[7] . البقرة:1.

[8] . معجم جال الحديث:1/113ـ114، من المقدمة، طبعة النجف، وص 101ـ 103 من طبعة لبنان.

[9] . كليات في علم الرجال:81 ـ 106.

[10] .  الفوائد الرجالية للوحيد البهبهاني: 38ـ 39 المطبوعة في آخر رجال الخاقاني، وص8 من المطبوعة في مقدمة منهج المقال.

[11] . الوسائل:1، الباب18 من أبواب مقدمة العبادات، الحديث6.

[12] .  لاحظ: إرشاد العقول:3/435ـ 444.

[13] .  تعرضت هذه الرواية بهذا السند إلى بيان ثواب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)، ولم تتطرق إلى متنها.

[14] .  مصباح المتهجد وسلاح المتعبد:713.

[15] . الفهرست:165 باب محمد: برقم 606; وذكره أيضاً ص 183 برقم 705.

[16] . رجال الشيخ:364، أصحاب الرضا(عليه السلام) ، برقم 6.

[17] . رجال النجاشي:2/214 برقم 894.

[18] . رجال النجاشي:1/444، برقم 530.

[19] . رجال النجاشي:1/445، برقم 532.

[20] . الفهرست:110، برقم 364.

[21] . قاموس الرجال:5/465برقم 3633.

[22] . الفوائد  الرجالية:4/114.

[23] . الخلاصة،  القسم الثاني: ص 23; رجال النجاشي، برقم 894.

[24] .  رجال الشيخ:142 ، أصحاب الإمام الباقر 7  ، برقم 74.

[25] . علّق بعض المعاصرين على كلامنا هنا وقال:«ولا ينقضي تعجّبي ممّن أراد أن يوثّقه لأجل أنّ الشيخ الطوسي ذكره في أصحاب الإمام الباقر(عليه السلام) وكونه من أصحابه يدلّ على أنّه إمامىّ ولم يظفر بشيء من الذّمّ فيه».

يلاحظ عليه: بأنّ العبارة المذكورة صريحة في أنّ ذكره في أصحاب الإمام الباقر(عليه السلام) يوجب الظن بأمرين:

1. كونه إماميّاً.

2. أنّ الشيخ لم يظفر بذمّ فيه.

وأين هذا من محاولة إثبات أنّه ثقة، وكلّ مَن لاحظ عبارة الشيخ في رجاله يحصل له مثل هذا الظن وإن لم يحصل له القطع، لأنّ الشيخ ربما ذكر في رجاله من ليس إماميّاً.

[27] . مصباح المتهجّد:715ـ 718.

[28] . رجال النجاشي:1/425 برقم 502.

[29]. فهرست الشيخ:104 برقم 335. /

[30] . رجال الشيخ:140، قسم أصحاب الباقر7   برقم 38; وقسم أصحاب الصادق (عليه السلام)، ص262  برقم 641.

[31] . الكشي: رقم الترجمة416و 417.

[32] . الظاهر انّه  زائد وانّ قوله: «من الحيرة إلى المدينة» متعلق بقوله: «خرج أبو عبد اللّه».

[33] . مصباح المتهجد:718و 719و 723.

[34] . فهرست الشيخ:176 برقم 648.

[35] . رجال الشيخ:343، من أصحاب الكاظم (عليه السلام) برقم 26. ولاحظ أيضاً باب من لم يرو عن الأئمّة برقم 11.

[36] . فهرست الشيخ:176 برقم 648.

[37] . معجم رجال الحديث:17/76.

[38] . رجال النجاشي:2/229، برقم 911.

[39] . رجال النجاشي: 1/440، برقم 523.

[40] . كامل الزيارات:174، الباب 71.

[41] .  قاموس الرجال:3برقم 2385.

[42] . تصحيح الاعتقاد:66.

[43] . رجال النجاشي، ص 10.

[44] .  رجـال الشيخ:145، قسم أصحاب البـاقر7  بـرقم 11 وأصحاب الصـادق7 ص302  برقم 458.

[45] . الكافي:2/180، ح6.

[46] . الروضة:146، برقم 122.

[47] . الإرشاد:262.
ارسال نظرات
نظرات حاوی عبارات توهین آمیز منتشر نخواهد شد
نام:
ایمیل:
* نظر: