يقول مراسل صحيفة "الاندبندنت البريطانية"، إنه زار الأسبوع الماضي مدينتي كربلاء والنجف المقدستين جنوب بغداد، إذ وجدهما ساحرتين وخلابتين لتمتعهما بقباب ذهبية ترتفع فوق أسطح المنازل الاعتيادية، فضلاً عن تلك القباب، تحيط المنازل التي حولها، وفقاً لباترك كوكبرن كاتب التقرير الذي أكد أن رجال الدين الشيعة وحدهم القادرون على إيقاف داعش الارهابي. المراسل يقول أيضا في تقريره الموسع المنشور في الصحيفة البريطانية اليوم، انه شاهد مدينة النجف لأول مرة وكان على مقربة من ضريح الإمام علي (عليه السلام) فتبادر إلى ذهنه كيف أن الرئيس المقبور صدام تجرأ وأطلق على هذا الضريح الفريد من نوعه الصواريخ والرصاص بأمر المقبور حسين كامل بتنفيذ ذلك
استعرض "باترك كوكبرن" كاتب الصحيفة ومراسلها المخضرم التي تجاوز السبعين من العمر ومازال يقدم عطائه بشكل فريد، جزء كبير من تاريخ العراق الحديث، ولاسيما تاريخ هاتين المدينتين اللتين دارت حولهما أحداث عنف في تسعينات القرن الماضي، فقد تجرأت دبابات "صدام" على سحق الانتفاضة في تلك الفترة، عقب أحداث الحرب على الكويت
في كربلاء كان الأمر مشابهاً تماماً لما يدور في النجف بتلك الفترة، فقد شهدت المدينة معارك حول مرقدي الإمامين الحسين والعباس (عليهما السلام) الذان يحيطهما المحال التجارية التي تحولت إلى ركام فيما بعد بسبب جنود صدام الذين قتلوا كل من يشاهدوه مسلحاً او اعزلاً.
قبل تلك الفترة وما سبقها من تداعيات للأوضاع بالعراق بشأن قمع الانتفاضة الشيعية، كان المرجع الديني السيد علي السيستاني يتربع على إمامة المسلمين الشيعية في تلك الفترة، ومما لا شك فيه زاد نفوذه إلى حد كبير إقليميا ودولياً.
مع صعود وبروز "داعش" في العراق وبسط سيطرته على مدينة الموصل في عام 2014، والرمادي هذا العام في شهر آيار الماضي، فقد الجيش العراقي قوته إلى حد كبير وبدأت المخاوف تتنامى من احتمالية سيطرة الارهابيين على بغداد بعد انسحاب الجيش العراقي من مواقعه، هنا برز دور المرجع الديني خلال إعلانه تشكيل قوة عقائدية تطلق عليها اليوم تسمية "الحشد الشعبي" التي استطاعت أن توقف الزخم الحاصل الذي يمثله داعش.
بتفكك الجيش العراقي العام الماضي، أصدر السيد السيستاني يوم 13 حزيران من العام الماضي، فتوى تتيح حمل السلاح دفاعاً عن مقدسات البلد، ولاسيما في النجف وكربلاء.
قوة الحشد الشعبي المُشكلة بفضل المرجع الديني الأعلى في العراق، يمكن القول عنها أنها تسيطر على الملف الأمني في بغداد، إذ تشير التقديرات العراقية إلى أن عدد هذه القوة بلغ الآن نحو 50 آلف مقاتل، ومهمة هذه القوة العقائدية الآن، استعادة السيطرة على مدينة الفلوجة التي تبعد 40 ميلاً من الغرب عن بغداد.
يقول كاتب هذا التقرير "كوكبرن، ان هناك تفاؤل بين رجال الدين وضباط الجيش في النجف وكربلاء بشأن نتائج المعركة المقبلة ولاسيما الجارية في الفلوجة، لإيمانهم المطلق بان الحشد الشعبي هو ليس الجيش وهو لن يتعاون مع الأمريكان لاستعادة المدينة من مسلحي الجماعة الارهابية. مهمة رجال الدين والمراجع اليوم، توحيد كل القوى لاستعادة مدينة الفلوجة، إذ لا خيار لهم سوى الاتفاق لإنهاء الانقسامات، فضلاً عن أهمية تشكيل "حشد سني" كالقوة المشكلة في عامي 2006 و2007، التي قامت بإنهاء جماعة القاعدة في تلك السنتين، وفقاً لمحمد حسين الحكيم نجل المرجع الديني محمد سعيد الحكيم. يقول الحكيم، انه في ظل حكومة المالكي، فتح الجيش أبوابه لمجندين غير أكفاء، وكان هذا سببه بقاء نوري المالكي، إذ ادخل عدد كبير من المنتسبين لزيادة عدد أصواته بالانتخابات الماضية. ويرى الحكيم أيضاً، أن هناك حقيقة مهمة في العراق على المواطنين معرفتها، وهي أن الحشد سيقدم شهداء كُثر من اجل هذا البلد، فضلاً عن "داعش" الذي سيقتل منه عناصر كثيرة، وهذا يعني أن البلد ماضي باتجاه صحيح هو إنهاء داعش، لكن يجب أن يكون لصالح الشعب لا للحكومات الفاسدة.