في مشهد قل نظيره في العالم غطت محافظة كربلاء اليوم الجموع المليونية من الزائرين لمرقد سبط الرسول الإمام الحسين عليه السلام في ذكرى أربعينيته، ليكون هذا المشهد أشبه بـ [طوفان بشري] يغطي أرجاء كربلاء.
حيث بدأ الزحف المليوني صوب كربلاء قرابة الثلاثة أسابيع من مختلف المحافظات العراقية وبمشاركة متميزة من جنسيات مختلفة دخلت إلى الأراضي العراقية لتلتحق بهذا الزحف، لترتسم صورة معبرة عن قوة الإرادة والتحدي لإكمال المسير صوب المرقد الحسيني المطهر رغم الإرهاب.
وكالة كلّ العراق [أين] استوضحت من الزائرين شعورهم بزيارة الأربعين لهذا العام وما تمثله لهم خصوصاً وان المشاركة المليونية للجماهير كان أكثر وذات تنوع أوسع.
أبو محمد العبودي حاج كبير حدثنا وهو متكئ على ولده الأكبر بعد أن اخذ عناء الطريق مأخذه منه قائلاً " لا ندري من أين نبدأ الحديث عن زيارة الأربعين من مآثر وعطاء الثورة الحسينية أم من عبق العهد والوفاء الذي يجسده زوار كربلاء بمسيرهم المليوني صوب قبلة الاحرار".
وأضاف إن " مجيئنا اليوم إلى أرض الطف بمثابة تجديد عهد الولاء لسيد الشهداء لنوقع على وثيقة تربطنا مع الأحرار الذين بلوا الغالي والنفيس من اجل الحق ، وقد قطعنا المسافات الطويلة لصنع أسمى صورة انسانية للعالم بأن الحسين أعطى رسالة المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة لكل الديانات على وجه المعمورة، وهذا اليوم جاء السائرون على نهجه الشريف ليتزودوا من فيوضات الشهادة".
وتصادف ذكرى أربعينية الامام الحسين (ع) هذا اليوم الـ [20] من شهر صفر حسب التقويم الهجري والتي يحيي فيها المسلمون من العراقيين والوافدين من خارج العراق من العرب والأجانب هذه المناسبة في المرقد الحسيني المطهر بكربلاء من كل عام.
احمد عبد المهيمن من محافظة صلاح الدين التحق بركب الزوار وانطلق مع أصدقائه في بغداد، وحدثنا عن مشاركته في تأدية زيارة الأربعين ، إذ قال " كنت في السابق أشاهد المراسم الحسينية عبر التلفاز وكنت مبهوراً بالشعائر التي يؤديها أتباع أهل بيت النبوة عليهم السلام ، وقادتني رغبتي اليوم لأكون مصطفاً مع أبناء جلدتي وشعبي لأحيي مراسم إمام ضحى بدمه في سبيل العقيدة، ولم ادخر جهداً وابتعد عن السلك المحمدي لأرفع رايات خضراء تشير إلى مظلومية الحسين (ع) في أرض الطف".
وأشار إلى إن " المراسم الحسينية أضحت اليوم في بلدنا العزيز موسماً دينياً لابد من إحيائه، واستذكار جميع المعاني السامية والنبيلة التي صنعتها ثورة الحسين [ع] ".
محمد سعدون طفل يبلغ العاشرة من عمره بين لنا ان زيارته لكربلاء جعلته يفتخر بمجيئه الى مرقد الامام الحسين سيراً على الأقدام من محافظة بابل، ودعا جميع أقرانه إلى تذوق لذة المسير صوب كربلاء لتمجيد الثورة الحسينية الخالدة".
ولفت الى إن " الزخم البشري في زيارة الأربعين يدل على عظم القضية الحسينية والمواقف التي حوتها معركة الطف الأليمة".
وتتميز زيارة الأربعين بكثرة سرادق الخدمة التي توفر الطعام والشراب للزائرين الذين يقطعون مسافات طويلة سيراً على الأقدام، لذا تكون تلك السرادق ممتدة على طول الطريق المؤدي إلى الروضة الحسينية المطهرة.
ويتسابق خدمة الزوار فيما بينهم لتقديم الخدمات لزوار كربلاء، وتميزت الزيارة الأربعينية بعد سقوط النظام السابق بتنوع المأكولات والمشروبات التي تقدم للزائرين فضلاً عن كثرتها.
ابو فادي الدراجي احد القائمين على موكب أنصار المختار الثقفي أكد لـ [أين] إن " العام الحالي سجل رقماً متميزاً في زيارة الأربعين من حيث عدد الزوار وخدمتهم وازدياد المواكب وسرادق العزاء المنتشرة في جميع الطرق المؤدية الى مرقد أبي الأحرار [ع] والخيم الطبية".
وأوضح إن " خدمتنا للزائرين جعلتنا نشعر بالبهجة ونحن نرى الجموع المليونية تتدفق إلى كربلاء رغم عظم الرزية والمصيبة التي مر بها ال الرسول الأكرم".
المظاهر الأمنية بدت واضحة على طول الطرق المؤدية الى كربلاء، ولوحظ الانتشار المكثف لعناصر الأمن في المدن والاقضية والنواحي يساعدهم في ذلك رجال المرور لفك الاختناقات المرورية ولتسهيل انسيابية الزائرين .
وتعرضت زيارة الأربعين لهذا العام الى سلسلة من التفجيرات والاستهدافات المتكررة مما أسفر ذلك عن سقوط عشرات القتلى والجرحى كان أبرزها التفجير الانتحاري الذي استهدف الزائرين في ناحية البطحاء بمحافظة ذي قار.
احد الزائرين رأى كيف تقطع أشلاء الزائرين في البطحاء وتمنى لو كان هو احد الضحايا ليكون في ركب الحسين [ع] بحسب تعبيره .
وقال " حينما رأيت قتلى وجرحى الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الزائرين في ناحية البطحاء ازداد عزمي بأن أحث الخطى لازور كربلاء التضحية والإباء، وصليت للشهداء الذين تمزقت أشلائهم نتيجة عشقهم للحسين واهل بيته عليهم السلام، ولم ينال من عزمي وعزم الزائرين مخالب الإرهاب لأقولها بعلو صوتي [ لو قطعوا أرجلنا واليدين نأتيك زحفاً سيدي ياحسين]".
وتقدر أعداد الزوار الذين دخلوا كربلاء على مدى أسبوعين تقريباً لأداء مراسم زيارة الأربعين بأكثر من [12] مليون زائر وامتازت زيارة العام الحالي بمشاركة جنسيات عربية وأجنبية من [32] دولة بحسب إحصائيات رسمية.
النهاية