رغم أن تجاوب النظام الخليفي مع مطالب الشعب البحريني يكاد يكون معدوماً، تصرّ أطياف المعارضة على المضيّ قدماً بأنشطتها وفعالياتها.. تجاوز الحراك في المملكة الخليجية الصغيرة الألف يومٍ منذ 14 فبراير/شباط، ومع هذا لم يخترق اليأس نفوس المتظاهرين الدائمين في المنامة وسترة وعالي والمحرق وأبو صيبع والبديع والبلاد القديمة والدراز والسلمانية والسنابس والصالحية والمقشع وبني جمرة والنويدرات وجدحفص، فالحقوق ما زالت بعيدة المنال والسلطات تواصل انتهاكاتها المتمادية.
بمناسبة عيد الشهداء ومرور ألف يومٍ على انطلاق ثورة 14 فبراير/شباط، قرّرت أطراف عدة في البحرين إطلاق جملة من الفعاليات الشعبية أبرزها إعلان العصيان المدني الشعبي، بينما تشجّع الجمعيات السياسية على اختلافها أي مسيرة سلمية تطالب بالحقوق المشروعة للبحرينيين.
مجيد ميلاد، القيادي في جمعية "الوفاق" يؤكد أن "المعارضة لم تتعب طيلة السنتين والنصف اللتين مضتا"، ويشدّد على أن "الشعب مهيّء ومتحمّس لمواصلة الثورة لأنه يؤمن بصوابية وحقوقية مطالبه، وأنه لا بدّ من انتهاء هذا الظلم الذي يعيشه، وهو قطع على نفسه عهداً بالانتقال من حكم الاستبداد الى الحياة الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع".
السلطات لا تأبه لكلّ خطوات المعارضة، لذلك يقول ميلاد لـ"العهد" إن "تجاهل صوت الحقّ يدفع البحرينيين الى الاستعداد الدائم لاستكمال المطالبة بالملكية الدستورية رغم القبضة الأمنية الواسعة التي يمارسها االنظام بحقّ من سجن وقمع وتعذيب واضطهاد ومحاكمات ظالمة"، ويجزم بأن "لاشيء يمكن أن يؤثر على الشعب".
برأي ميلاد، "البحرين تعيش هذا التوتر وهذه الحالة من اللامساواة منذ وصول آل خليفة الى الحكم". أما تحركات اليوم، فتشّجعها "الوفاق" اذا "كانت في الاطار السليم الرامي الى إيصال رسالة الشعب".
يعتقد ميلاد أن "كلّ الفعاليات الثورية من شأنها أن تضغط على النظام، غير أن الأخير وعلى لسان ملك البلاد تجاهل الأزمة في خطابه.. هذا التغاضي المقصود لا يلغي حقيقة أن العالم كلّه يشاهد الوضع المتفاقم في المملكة بدليل أن المنظمات الحقوقية والادارة الامريكية تناولت الملفّ البحرين وأنه بحاجة الى حلّ سياسي".
يتوقّف ميلاد عند ما أعلنه الملك عن الاستعداد للموافقة على الاتحاد الخليجي، ويشرح وجهة نظر الجمعية قائلاً "ندعم مشروع الاتحاد بشرط أن ينبع من إرادة الشعوب وهذا ينسحب على شعوب الخليج أيضاً من أجل أن ينجح".
ألف يومٍ من المظاهرات في البحرين: النظام مصرّ على تجاهل مطالب الشعب..
في لغة الميدان، تمتلئ الشوراع اليوم بالمسيرات الشعبية التي دعت إليها حملة "تمرد البحرين". الحملة حشدت الجماهير على غرار تحركها في 14 أغسطس/آب الماضي.
عن أصداء الدعوة، يتحدّث الناطق باسم الحملة حسين يوسف لـ"العهد"، فيوضح أن "الفعاليات انطلقت منذ ساعات الفجر الاولى من يوم أمس بمناسبة حلول عيد الشهداء، مع نزول المواطنين الى الشوارع، إلّا أن قوات الامن سارعت الى تنفيذ عمليات المداهمة والاقتحامات في السنابس وصولاً الى المالكية وبعض القرى الأخرى، وأكثر، تزامن ذلك مع تحليق مكثّف للمروحيات في ظلّ إغلاق تامّ لمنافذ المنامة ما أدى الى حدوث زحمة سير خانقة أربكت المواطنين. لم تنتهِ الامور عند هذا الحدّ، بل جرت ملاحقة الناشطين البارزين كالحاج صمود الذي أُخضع لتفتيش دقيق دون أي سبب، في محاولة للتأثير على المشاركين في المسيرات".
رغم كلّ ما يتعرّض له البحرينيون، يلفت يوسف الى أن "الظروف الصعبة التي يمرّون بها ولاسيّما على صعيد ارتفاع وتيرة الحملة الأمنية في المملكة بعد مرور ألف يوم على الثورة، من شأنها أن تفتح مرحلة جديدة لتنظيم الحراك فهي المرة الأولى التي يعلن فيها العصيان المدني التدريجي".
من الخطوات المقررة في عيد الشهداء، تخصيص أكثر من جولة خلال اليوم لخروج المظاهرات (نهارية وليلية) وأحياناً في منطقة واحدة"، يشير يوسف، الذي يؤكد أن "هكذا تحركات تشجّع المواطنين على المتابعة الذين لن يملّوا أو يكلّوا حتى تحقيق المطالب".
"يُراد من هذا العصيان مخاطبة الجماهير وليس النظام"، يردف يوسف، "هي رسائل شعبية تتزامن مع خطاب الملك الذي تضمّن خطأً تاريخياً بإعلانه أن عائلته هي من فتحت البحرين وجعلتها دولة إسلامية، فجذور الشعب موجودة قبل أن يدرك آل خليفة اسم البحرين التي دخلت طوعاً بالاسلام منذ الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي".
يوسف ينتقد باسم حملة "تمرد" ما جاء في خطاب الملك، فهو غير راضٍ به، بنظره، الملك همّش الشعب وليس الأزمة.
الخطاب أشار الى عزم الملك على تكريم وحدة العمليات الخاصة في الحرس الوطني، متناولاً الأجهزة الأمنية في ظلّ أزمة البلاد.. هذا الإجراء المرتقب يعتبره يوسف "إثباتاً لمسؤوليته (الملك) المباشرة عن الانتهاكات، التكريم الحقيقي يكون لمن بذل دماءه في سبيل البحرين"، يشدّد يوسف.
المشهد البحريني بالنسبة ليوسف سوداوي، يستند الى خطاب الملك ليخلص الى هذه القراءة، "الكباش السياسي سيستمرّ، وتجاهل حمد بن خليفة لمطالب الشعب يشجّع على تنفيذ المزيد من المظاهرات الميدانية والتمسك بالحقوق حتى وصول الشعب الى الحكم".
النهاية