SHIA-news.com شیعة نیوز:
طالب مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة «بشار الجعفري»، بدعوة الدول لضبط حدودها للحد من تدفق "الإرهابيين المتطرفين" إلى سوريا، والتضامن مع الحكومة السورية في مواجهة "الإرهاب" الذي أزهق حياة الآف السوريين الأبرياء. وأكد الجعفري أن مكافحة "الإرهاب" الذي يستهدف المواطنين السوريين هو أمر حاسم لنجاح أي حل سلمي للأزمة في سوريا، ولإعطاء العملية السياسية مصداقية في أعين الشعب السوري.
وقال الجعفري في كلمة له أمس الأربعاء خلال جلسة استماع مجلس الأمن لإحاطات رؤساء اللجان الفرعية المعنية بتطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب: على غرار دعوتنا التي كنا قد أطلقناها خلال عضوية سورية في مجلس الأمن عام 2003، لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل، فإننا اليوم نوجه إليكم وعبركم دعوة للعمل المشترك لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من جميع أشكال الإرهاب كخطوة على درب القضاء على آفة الإرهاب العالمي.
وأضاف الجعفري في كلمته: منذ الإحاطة الماضية المقدمة إلى المجلس وعلى الرغم من تزايد وتنوع التهديدات التي يمثلها الإرهاب، تبقى الأمم المتحدة المحفل الأساسي لتنسيق وتعزيز الجهود الدولية الرامية لجعل عالمنا خالياً من هذه الآفة، مبيناً أن مجلس الأمن آمن بهذه البديهية وأصدر عشرات القرارات الخاصة بمكافحة الإرهاب علاوة على قيام الجمعية العامة بدورها في اعتماد الاستراتيجية الشاملة لمكافحة الارهاب .. كل ذلك من أجل تنسيق جهود الدول الأعضاء في مسعاها لمكافحته، مشيراً إلى أن هيئات الأمم المتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب مطالبة بتعزيز جهودها وضمان اتساقها وفاعليتها والابتعاد عن تسييس جهود مكافحة الإرهاب، وعدم الرضوخ لمحاولات تبريره أو سعي البعض لتصنيفه إلى إرهاب حلال وإرهاب حرام.
وأوضح الجعفري أنه وعلى الرغم من تكاتف الجهود وتزايد القرارات الخاصة بمكافحة الإرهاب، إلا أن الواقع يبين أنه انتشر بشكل أكبر وبات الإرهابيون يستخدمون طرائق وأنماطا جديدة، إذ بتنا نشهد مستويات عالية من التطرف والراديكالية أفرزت أعمال عنف وإرهاب لا سابق لها قائلاً: "إنه وخلافاُ لما يعتقده البعض من أن التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم القاعدة باتت أضعف من قبل وأن العالم أصبح أكثر أمنا بعد مقتل أسامة بن لادن، إلا أن الإرهاب للأسف لا يزال يمثل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين ولا تزال بعض الكيانات والأفرع التابعة لهذا التنظيم تسعى لإيجاد قواعد ومراكز انطلاق لها في أماكن جديدة، مستغلة الظروف التي شهدتها بعض الدول ومستفيدة من الحاضنة والدعم غير المحدود الذي تقدمه لها دول أعضاء في هذه المنظمة ترى في الإرهاب أداة لخدمة سياستها الخارجية ومصالحها الضيقة".
وشدد الجعفري على أن وفد سورية في الأمم المتحدة دأب منذ بداية الأزمة في سورية على إلقاء الضوء على تزايد الخطر الذي يشكله الإرهاب الذي يستهدف سورية، وقال إنه علاوة على ما تضمنته بياناته في الأمم المتحدة من شرح مفصل لجوانب وأنماط الإرهاب الذي تتعرض له سورية، فقد "وجهنا بالنيابة عن الحكومة السورية حتى الآن 259 رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء مجلس الأمن المتعاقبين تتعلق كلها بمسألة مكافحة الإرهاب، تتناول 76 منها أنشطة إرهابية ترتبط بتنظيم القاعدة علاوة على 9 رسائل تم توجيهها إلى رئيس لجنة القرار 1373 و4 رسائل تم توجيهها إلى رئيس لجنة القرار 1540 وكنا نتوقع أن نتلقى رداً رسمياً بالخطوات العملية التي اتخذها المجلس عبر لجانه الفرعية الثلاث لمواجهة الإرهاب الذي يستهدف سورية ومازلنا ننتظر هذا الرد".
وأوضح الجعفري أنه تم في هذه الرسائل لفت عناية المجلس ولجانه المختصة إلى الأنشطة الإرهابية الوحشية التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية المسلحة التي يرتبط بعضها بتنظيم القاعدة وجل عناصرها من المتطرفين العابرين للحدود والمرتزقة الأجانب، ممن يخوضون حروب الغير بالوكالة على الأرض السورية، واستهدفت تلك الأنشطة مؤسسات الدولة والبنى التحتية ومرافق الخدمات العامة ومنها المشافي والمؤسسات التعليمية ودور العبادة والآثار والمتاحف والأضرحة، وكذلك الكوادر الوطنية ورجال الدين وعناصر حفظ السلام العاملون في قوات الأندوف، مبيناً أن الهجمات الإرهابية اتخذت مؤخراً مساراً جديداً يتمثل في استهداف المناطق المدنية بقذائف هاون عشوائية طالت قاطنيها وأماكن العبادة الإسلامية والمسيحية والأطفال في مدارسهم وفي حافلات النقل المدرسي في خطوة ترمي لحرمانهم من المعرفة وتكريس الجهل الذي يغذي العقول المتطرفة.
وقال الجعفري: "بالأمس فقط قتل 40 مرتزقاً سعودياً على يد قوات الجيش السوري أحدهم نجل رئيس قسم شؤون الضباط في الحرس الملكي السعودي .. وبالأمس أيضاً أطلقت قذائف هاون على مدرسة للتلاميذ في دمشق أزهقت حياة عشرات الأطفال، كما طالت قذائف الهاون أيضا معهد الرعاية الاجتماعية للشلل الدماغي في منطقة برزة في دمشق، ومعهد اللقطاء أي فاقدي الرعاية الاجتماعية، وقد أدى ذلك إلى مقتل العديد من الأطفال والمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة في هذين المعهدين، مشيراً إلى أنه بالأمس في مدينة دير عطية قتل الإرهابيون المرتزقة الذين قدموا إلى سورية عبر الحدود مع لبنان ثمانية أطباء وعشر ممرضات والعديد من المرضى في مشفى دير عطية".
وأضاف الجعفري "بالرغم من إدراج الكيان الإرهابي المسمى "جبهة النصرة لأهل الشام" ومتزعمه "أبو محمد الجولاني" على لائحة القرار 1267 للكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة والمشمولين بالعقوبات المفروضة على هذا التنظيم، وبالرغم من إدانة مجلس الأمن في بيانه الرئاسي المرخ في 2-10-2013 للهجمات الإرهابية المتزايدة التي تنفذها الجهات المرتبطة بتنظيم القاعدة، من منظمات وأفراد في سورية ودعوة المجلس جميع الأطراف إلى الالتزام بوضع حد للأعمال الإرهابية المرتكبة من جانب هذه الجهات وعلى الرغم من تأكيد المجلس في الفقرة العاملة 18 من القرار 2118 لعام 2013، على ضرورة امتناع جميع الدول الأعضاء عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم للجهات من غير الدول التي تحاول استحداث أسلحة دمار شامل أو حيازتها أو صنعها أو استخدامها في سورية، فإن هذه الخطوات لا ترقى للأسف إلى حجم التحدي الذي يمثله الإرهاب الدولي الذي يستهدف سورية والسوريين جميعاً.
وقال الجعفري:" نعتقد أننا جميعاً بحاجة إلى خطوات مكملة تعززها وتحقق الأثر المرتجى منها في معالجة المشاغل التي نقلناها إلى مجلسكم، والتي تدخل في صميم اختصاص هذه اللجان ومنها على سبيل المثال منع تمويل وتسليح المجموعات الإرهابية، وعدم توفير الملاذ الآمن لعناصرها ومكافحة الفكر الراديكالي المتطرف والتعصب، أيا كانت مسبباته ودعوة الدول لضبط حدودها والحد من تدفق رعاياها من الإرهابيين المتطرفين المقيمين على أراضيها إلى سورية.
وأشار الجعفري إلى المقال الذي نشرته صحيفة «ذي اندبندنت» الثلاثاء عن قيام متطرف بريطاني يدعى «انجيم شدري» بتنظيم شبكة لإرسال المرتزقة من الرعايا البريطانيين إلى سورية، وقد أرسل حتى الآن 300 مرتزق باعترافه كما ورد في الصحيفة أيضاً أن هناك مرتزقة يأتون من فرنسا ومن دول أخرى والمشكلة هي نفسها.
وطالب الجعفري المجلس بإلزام جميع الدول الأعضاء بالامتناع عن التحريض على الإرهاب والكراهية وفقا للقرار 1624 لعام 2005، سواء في وسائل الإعلام أو في التصريحات الرسمية أو من خلال تزويد الإرهابيين بالسلاح والمال والأفراد والدعم السياسي والإعلامي ومكافحة استغلال الانترنت والتقنيات الحديثة، من أجل التحريض على الإرهاب والتغرير بشرائح واسعة من الشباب في مختلف أنحاء العالم.
ودعا الجعفري إلى إحباط المساعي التي تبذلها المجموعات الإرهابية للحصول على مواد أو أسلحة دمار شامل واستخدامها كما فعلت بخان العسل في 19 آذار 2013 وفي غوطة دمشق في 21 آب 2013، مضيفاً إن سورية قد وافت لجنة القرار 1540 بوثائق تثبت سعي التنظيمات الإرهابية التي تنشط في سورية للحصول على أسلحة كيميائية عبر دول مجاورة كما لفتت عنايتها إلى التقارير المتعلقة بهذه المساعي وإلى شحنات تم ضبطها في تركيا وفي لبنان وزودناها بأسماء أفراد تم ضبطهم بالجرم المشهود.
وطالب «الجعفري» بمساءلة حكومات الدول التي تقوم بتسليح وتمويل وتدريب وتسهيل عبور المجموعات الإرهابية المسلحة إلى سورية، وتوفر الملاذ الآمن لهم باعتبارها شريكاً في الإرهاب ومتورطة في إزهاق أرواح السوريين وحمل هذه الدول عن الكف عن ممارساتها الهدامة التي لا تنتهك فقط قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب، بل تتعارض مع قرارات المجلس 2042 و2043 لعام 2012 و2118 لعام 2013، لا بل تتعارض مع بيان جنيف وهي كلها تؤكد ضرورة التوصل إلى تسوية للأزمة في سورية من خلال عملية سياسية بقيادة سورية وتؤكد على الحوار الوطني الشامل بين السوريين.
وأوضح «الجعفري» أن سورية على مدى عشرات الأعوام دعت إلى ضرورة إنهاء السيطرة الاستعمارية ونادت دائماً بقدسية مبدأ السيادة وحتمية الالتزام، بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كما أعربت مراراً وتكراراً عن إيمانها بالدور المحوري للأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب وعدم إمكانية مكافحة هذه الآفة بشكل منفرد.
وقال الجعفري: نود أن نلفت عناية مجلسكم إلى نوع جديد من أنواع التدخل ومحاولة السيطرة على دول أخرى، ألا وهو قيام دول أعضاء بعينها برعاية وتمويل أعمال إرهابية وإرهابيين علناً وعلى رؤوس الأشهاد بغرض فرض أجنداتها السياسية، وقلب أنظمة الحكم ولعل هذه الأعمال تقع ضمن اختصاص مجلسكم الموقر واللجان الخاصة بمكافحة الإرهاب.
النهاية