SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
بحسب موقع "عرب أون لاين" كان هناك اتفاق أوروبي أمريكي على أن تلعب السعودية الدور الرئيسي في ملف الأزمة، وبالذات الأمير بندر شخصياً رئيس المخابرات السعودية، واستكمالاً لمؤتمر برلين الأمني الذي عقد بمشاركة رؤساء المخابرات في ألمانيا وفرنسا وأمريكا والسعودية وقطر وتركيا، فقد دُعي إلى اجتماع جديد عقد هذه المرة في الرابع من تموز في مدينة "كان" الفرنسية، وشارك فيه فقط رؤساء المخابرات في كل من السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وكان الهدف الذي أراده بندر من هذا الاجتماع هو اطلاع هذه الدول على خطته المعدة من أجل إسقاط النظام في سورية.
تحفظ السعوديون منذ البداية على دعوة تركيا إلى هذا الاجتماع، وناصرهم في ذلك الفرنسيون لأن السعوديين يعتقدون أن تركيا فشلت بالملف السوري بفشل القطريين بعد أن سُحب هذا الملف من القطريين، حيث كان القطريون والأتراك على تفاهم تام وتنسيق مباشر ومستمر.
فقطر بالنسبة لتركيا ليست دولة إقليمية منافسة وبالنهاية فإن تركيا ستستخدم إنجازات قطر في تدعيم موقفها الإقليمي بعكس الموقف السعودي الذي أراد الدخول لهذه الأزمة لإعلان نفسه كقوة إقليمية سنية صاعدة، وبالتالي سيكون هذا الدور على حساب تركيا، ولذلك كانت كل خطة بندر بعد تنحية أمير قطر هي إبعاد الأتراك عن الملف السوري قدر الإمكان، واستبدال الجغرافيا التركية بالجغرافيا الأردنية، بعد أن تمكن بندر من ممارسة ضغوط كبيرة من قبله وقبل آخرين على الأردن من أجل الموافقة على التعاون مع بندر في هذا الملف.
تتلخص خطة بندر المقدمة للاجتماع بما يلي:
أولاً: حشد عشرين ألف مقاتل داخل الأردن على أن يتولى قيادة هذه القوة ضباط سابقون في الجيش السوري "فارون"، بحيث تكون هذه القوة هي النواة الصلبة للهجوم على الأراضي السورية وصولاً للسيطرة على دمشق لكونها مقر وقوة النظام الحالي.
ثانياً: تشكيل قوة من القوات الخاصة الفرنسية والبريطانية والأمريكية تكون داعمة لهذه القوات، ويمكن لها أن تشارك بالخطط والاستطلاع، وفي لحظة معينة من الممكن أن تدخل الحرب مباشرة، ويمكن دخول هذه القوات إلى الأردن ضمن مسميات مختلفة مثل (مدربين، مناورات مشتركة) ورتب وسيرتب بندر كل التفاصيل مع الجانب الأردني.
ثالثاً: يسبق الهجوم ضربات جوية كبيرة ومدمرة على مراكز النظام ومناطق نفوذه وبالذات بالعاصمة دمشق لعمل إرباك داخل النظام ليكون من السهل على القوات التي ستنطلق من الأردن القيام بمهماتها، على أن تحقق هذه الضربات الجوية قطع أوصال دمشق عن باقي المحافظات بحيث يتم منع وصول أي قوات داعمة للنظام إلى دمشق وذلك من خلال ضرب الجسور وتدمير الطرق.
رابعاً: تقوم الولايات المتحدة وبالتنسيق مع حلفائها المشاركين في الضربة بإدارة عملية العبور الأخرى من داخل الأراضي التركية باتجاه مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسورية.
أي أنه وبعد سقوط مدينتي دمشق وحلب يكون النظام قد سقط معنوياً وواقعياً.
لاقت خطة بندر هذه الدعم البريطاني والفرنسي مباشرةً إلا أن الأمريكيين لم يعارضوها ولم يباركوها.
قال الممثل الأمريكي في الاجتماع إن تطورات مهمة في المنطقة حصلت ويجب أخذها بعين الاعتبار.
قاطعه بندر سائلاً إياه ما المقصود؟
أجاب الممثل الأمريكي إن ما حصل وما يحصل في مصر يجبرنا جميعاً على إعادة قراءة الواقع مرة أخرى في المنطقة.
قلل بندر من أهمية ما حدث في مصر، وقال إن ما حصل في مصر سيدعم خطته وسيكون له دور ايجابي عليها لأنه يطمئن لحكم العسكر أكثر مما يطمئن لحكم الإخوان، فالمؤسسة العسكرية ثابتة في مواقفها ومواقف الإخوان متغيرة.
ضحك الممثل الأمريكي ساخراً من كلام بندر وقال إن سمو الأمير لا يعلم جيداً حقيقة ما حدث في مصر وما يحدث فيها، وان كان سمو الأمير يعتقد أن هذا الانقلاب الذي حدث في مصر هو لمصلحته ولمصلحتنا فهو واهم، وأن ما حصل في مصر هو تعبير حقيقي عن تغيير جوهري سيمثله الموقف المصري فنحن ننظر بخطورة كبرى لما يحدث في مصر، وأريد أن اكشف أمامكم جميعاً أن علاقتنا بالقيادة العسكرية في مصر ليست على ما يرام وهي متوترة جداً ولم نكن على علم مسبق بكل ما حدث في مصر، وإن كنا لاحظنا ذلك مسبقاً وحذرنا القيادة العسكرية من ذلك ولكن تحذيرنا لم يُأخذ بعين الاعتبار فالقيادة العسكرية المصرية تعتبر نفسها التعبير الحقيقي لرغبة الشعب المصري، وحاولنا كثيراً تدارك ما حصل في مصر قبل وقوعه إلا أننا لم نوفق.. لا أريد أن أحمل طرفاً بعينه مسؤولية فشلنا ولكن لقيادة الجيش النصيب الأكبر في ذلك.
مرة أخرى أقول لكم، يجب أن تأخذوا بعين الاعتبار ما حصل في مصر، فالقيادة العسكرية المصرية كانت على خلاف حقيقي وحاد مع قيادة مرسي بالنسبة للملف السوري، فمرسي كان يفكر ضمن تفكير حزبه وما يريده الإخوان من سورية أو من غيرها، ولكن الجيش المصري وقيادته ينظرون إلى سورية بطريقة مختلفة تماماً فهم ينظرون إليها كجزء من أمنهم القومي.
ومن حاربوه وتصدوا له في مصر لا يمكن أن يكون حليفهم في سورية، أطالبكم بالمزيد من التأني واستخلاص العبر لكي لا نفتح باباً يصعب علينا جميعاً إغلاقه، وأي تصعيد في أي بلد في المنطقة، ممكن أن ينتقل سريعاً إلى مواقع أخرى.. فالاستقرار الهش الآن في الخليج يمكن أن ينفجر بأي لحظة بوجهنا جميعاً، سياساتنا في الولايات المتحدة بطيئة وعميقة وننظر إلى الصورة بكافة أوجهها، نحن نقر أمامكم أنه لا بد من موقف حازم وصارم في مواجهة النظام السوري الذي أصبح عنصر إرباك وقلق للمنطقة بأسرها، ولكن علينا أن نكون يقظين لنخرج من هذه الأزمة بأقل الخسائر.
هذا الموقف الأمريكي صدم بندر، ولم يكن مريحاً بالنسبة له، وقال بندر أنا لا أرى جدية بالموقف الأمريكي، وعلى أمريكا أن تحدد بوضوح وجهة نظرها بالنسبة للأزمة السورية.
وأكمل قائلاً: عندما توليت أنا زمام المبادرة في هذا الملف كان بمباركة أمريكية كاملة، والرئيس اوباما شخصياً بارك ذلك، ولكن ما لمسته بعد تلك اللحظة أن ما طلب مني الإعداد له لا يدل على أن الولايات المتحدة تبارك ذلك.. بصراحة أنا لا أفهم حقيقة الموقف الأمريكي، بالأمس هاتفتني سوزان رايس وقالت لي مباشــرة "Go ahaed” واليوم أرى بممثل الولايات المتحدة في هذا الاجتماع يحاول إحباط وتدمير كل ما سعينا له.. أنا اتفقت مع الأمريكان مباشرة أنه ومع بداية أيلول سيكون النظام السوري من حديث الماضي.. نحن الآن في مطلع تموز ولا أرى أي فعل حقيقي أمريكي داعم لخطتنا، وبالعكس من ذلك كل العراقيل الأمريكية توضع أمامنا، حتى أن هناك من طالب في الإدارة الأمريكية الملك عبد الله ملك الأردن بعدم التهور والتأني بالتجاوب مع بندر، وهنا أقصد بالتحديد كيري وزير الخارجية الأمريكية الذي له تأثير سلبي على موقف ملك الأردن حيث إن الملك عبد الله بدأ بالتذمر ويحاول الهرب وفك الالتزام.
أنا سائر في خطتي كما اتفقنا عليها، وقطعت شوطاً كبيراً على الأرض، ولا مجال للتراجع، وكل ما أطلبه الآن هو التزام الآخرين لنحافظ على ما تبقى من السوريين الذين يُقتلون يومياً بالمئات لا بل بالألوف من قبل النظام السوري وحلفائه الإيرانيين وحزب الله.
نحن في السعودية في موقف حرج أمام الشعب السعودي، راقبوا واسمعوا خطب مشايخ السعودية في المساجد فهم يحملوننا دم الشعب السوري ويقولون لنا ماذا تنتظروا؟!..
لم يغير الممثل الأمريكي موقفه في ختام هذا الاجتماع وقال إنه بحاجة إلى مزيد من الوقت للاتصال مع قيادته.
جلس الأمير بندر بعد هذا اللقاء مع مدير المخابرات الفرنسية على انفراد حيث اتفق الطرفان على أن هناك تراجعاً أمريكياً قد بدا ملحوظاً، وأن شيئاً في الخفاء تعد له أمريكا ولم يستبعدوا أن يكون البريطانيون على علم بما تعد له أمريكا، واتفق الطرفان أيضاً على مباركة خطوات بندر، وطالبه الوفد الفرنسي بسرعة التحرك ضمن سياسة فرض الأمر الواقع، وعدم إعطاء أي مجال للبريطانيين وللأمريكيين عن التراجع.
غادر بندر فرنسا وهو محبط نوعاً ما، ولكنه كان مصمماً على مواصلة ما أعد له بسبب اطلاع مدير المخابرات الفرنسية له بأن الأمريكيين والبريطانيين قد حددوا نقطة الصفر لتوجيه ضربة إلى سورية، وهم متفقون على هذه الضربة ولكنهم ليسوا متفقين على توقيتها وحجمها.
فهم بندر من ذلك أنه كلما أسرع في تنفيذ خطته على الأرض كلما عجل من الضربة الأمريكية الأوروبية على سورية.
عاد بندر إلى عمان ومكث هناك لساعات والتقى بكل القادة العسكريين الميدانيين من المعارضة السورية وغيرهم وشد من هممهم وقال لهم إن هناك اتفاقاً على أن ساعة الصفر قد اقتربت، وأن ذلك لن يكون بعيداً والمطلوب منكم الإعداد الجيد لتكونوا بمستوى هذه المعركة.
عاد بندر إلى الرياض والتقى مباشرة بالأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية حيث أبدى انزعاجه من الموقف الأمريكي الذي لمسه في مدينة "كان"، وقال لسعود الفيصل إنه شعر في هذا الاجتماع أن الولايات المتحدة ليست جادة بعمل أي شيء، وإن كانت جادة فهو خارج التفاهم معنا، فالأمريكان لم ينظروا إلينا بأننا من فريقهم الأساسي أو من مطبخهم لأن الممثل الأمريكي تكلم في اجتماع "كان" بلغة لا توحي بأن الأمريكيين جادون في ضرب سورية أو تنفيذ أي عملية عسكرية في سورية، بعكس ما قاله لي مدير المخابرات الفرنسية بأن اتفاقاً فرنسياً أمريكياً بريطانياً قد حصل لتوجيه ضربة عسكرية حاسمة للنظام السوري في دمشق.
طالب بندر سعود الفيصل بفتح جولة جديدة من الاتصالات مع الأمريكيين وخاصة مع كيري لأن علاقة بندر بجون كيري علاقة سيئة.
قال بندر لسعود الفيصل، يبدو أن أكثر المؤثرين الآن في قرار الرئيس اوباما هو وزير خارجيته جون كيري ونحن مقتنعون تماماً أن كيري لا يرغب بتوجيه أي ضربة عسكرية إلى سورية، ودائماً كيري يرعب الرئيس الأمريكي أنه لو سقط الرئيس الأسد في دمشق فالقاعدة سوف تحكم بلاد الشام، هذه معادلة كيري دائماً أمام الرئيس اوباما "إما بشار الأسد وإما القاعدة".
أبلغ الأمير سعود الفيصل بندر أيضاً بأنه غير مرتاح من موقف كيري، وأن كيري يجري اتصالات في المملكة مع مسؤولين كبار خارج إطار وزارة الخارجية السعودية، وأن الأمير عبد العزيز ابن الملك عبد الله الرجل الثاني في وزارة الخارجية على اتصال دائم ومتواصل مع جون كيري ووزارة الخارجية الأمريكية، ويبدو أن رسائل تبعث لجلالة الملك من الأمريكيين عبر كيري ومن ثم للأمير عبد العزيز.
بعد فترة قصيرة من عودة بندر من الرياض غادر مجدداً إلى الأردن، حيث اتخذ من الأردن شبه مقر له ليكون قريباً من قيادة معركة إسقاط النظام السوري بالرغم من أن إقامته وتحركه في الأردن لم ينل الرضا الكامل من الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، الذي كانت تشكل له (أي إقامة بندر في الأردن) مصدر إزعاج وقلق ولكن دون القدرة على رفض ذلك.
اتصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال تلك الفترة بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل حيث نقل وزير الخارجية الفرنسي لسعود الفيصل انزعاج الفرنسيين من الموقف الأمريكي البريطاني. وقال للفيصل إنهم في فرنسا يلمسون بأن تغييراً قد بدأ يدرك في الموقف الأمريكي البريطاني بشأن الأزمة السورية، وقد قمت بالأمس بالاتصال بوزير الخارجية البريطاني وليام هيج لأطالبه بعقد اجتماع أمريكي فرنسي بريطاني لتحديد موعد ضرب سورية، والاتفاق بشكل نهائي على الموعد والآلية والمواقع وحجم القوات والقواعد التي سوف تنطلق منها القوات التي ستوجه الضربة إلى سورية، وفوجئت من موقف هيج الذي قال إن ذلك أمر مبكر، وأن كاميرون رئيس الوزراء عازم على التوجه لمجلس العموم البريطاني قبل توجيه أي ضربة عسكرية إلى سورية لأخذ موافقتهم على ذلك.
أزعج هذا الموقف وزير الخارجية الفرنسي، حيث قال لهيج لقد اتفقنا في ما مضى على عدم التوجه إلى البرلمانات في بلادنا، وأن القوانين والدساتير في بلادنا تسمح لنا بذلك، فأنتم في حال توجهتم لمجلس العموم ستحرجوننا في فرنسا وستحرجون الرئيس أوباما في الولايات المتحدة، وإن هذا موقف جديد من قبلكم ولا أفهم منه سوى أنكم تخليتم عن ضرب النظام السوري لأنني على ثقة كاملة أن خياركم واقتراحكم سيسقط في مجلس العموم البريطاني.
سأل فابيوس الأمير سعود الفيصل إن كان لدى السعودية أية معلومات عن اتصالات قد حصلت بالفترة الحالية أو الماضية القريبة بين إيران والولايات المتحدة، لأن المخابرات الفرنسية قدمت تقريراً للرئيس الفرنسي، بأن وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي وفور عودة قابوس من زيارة إيران قد زار الولايات المتحدة وبريطانيا سراً دون إعلان رسمي عن ذلك، ومن ثم عاد إلى العاصمة مسقط وتوجه بعدها إلى طهران وعاد إلى لندن.
ويخشى الفرنسيون من أن سلطنة عُمان تقوم الآن بدور الناقل ما بين إيران والولايات المتحدة، ولا نقول دور وسيط، ونحن في فرنسا لا علم لنا بذلك واتصالي بك يا سمو الأمير لأطلب أية معلومات إن كانت عندكم، أو البحث عن معلومات لنعرف حقيقة ما يجري لأن تغيير الموقف البريطاني له ما له، وعليه ما عليه، ويجب ألا ننظر إليه ببراءة وببساطة فالأمريكان في هذه الفترة هم أكثر انفتاحاً على البريطانيين.
وعد سعود الفيصل وزير الخارجية الفرنسي بأنه سوف يسعى ومنذ هذه اللحظة للبحث عما يجري في الخفاء وإن كان قد أبلغ وزير خارجية فرنسا أنه بدأ يشعر أن فتوراً خليجاً وعند أطراف عدة بدا واضحاً بعد أن كانوا متحمسين لتوجيه ضربة صارمة للنظام السوري، ولا أستبعد أن يكون سبب هذا الفتور هو التأثير الأمريكي.
وأنا شخصياً (أي سعود الفيصل) بت على قناعة مطلقة أن الأمريكيين يحاولون أن يتركونا منفردين في السعودية بهذا التوجه ويحاولون عرقلتنا من خلال أقرب حلفائنا الخليجيين.
أنا في كل يوم وبكل ساعة أجد تغيراً في مواقف بعض الدول الخليجية بشكل سريع، هذا التغيير ليس بلا سبب، فالأمريكان هم وراء ذلك، فقد علمنا أن دولة الإمارات قد وقعت اتفاقية استثمار في البنية التحتية مع روسيا بقيمة خمسة عشر مليار دولار خلال خمس سنوات، وأن الاتفاقية قد وقعت ما بين بوتين وولي العهد الإماراتي الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، وهذا يعني بالنسبة لنا أن دولة الإمارات يمكن لها أن تكون خارج أي ائتلاف في المنطقة.
استدعى سعود الفيصل بصفته وزير خارجية للسعودية في اليوم التالي سفير سلطنة عُمان في الرياض وحاول أن يفهم منه عن حقيقة الاتصالات التي تقوم بها سلطنة عُمان ما بين إيران وأمريكا.
أبلغ السفير العُماني سعود الفيصل عن زيارة السلطان قابوس إلى طهران والتي كان للمملكة العربية السعودية علم ودور فيها، حيث نقلت لكم والكلام للسفير موقف السلطنة ما قبل الزيارة وما بعد الزيارة وليس لدي علم جديد بما جرى بعد هذه الزيارة.
أبلغ الأمير بندر في هذه الأثناء سعود الفيصل بأن إسرائيل قد زودت الإدارة الأمريكية بتسجيلات صوتية لضباط أمن في الأمن الأردني وفي الجيش الأردني يتصلون بنظرائهم في سورية وينقلون لهم معلومات دقيقة أولاً بأول عن تحركات قوى المعارضة السورية على الأرض الأردنية من حيث عددها وتجهيزها وأسلحتها وأماكن تجمعها وتوزيعها وانتشارها، وأن الاسم الحركي للأمير بندر في هذه الاتصالات هو "الكاهن"، وبالرغم من هذه المعلومات لم تقم الحكومة الأمريكية بالاحتجاج للحكومة الأردنية ونحن أيضاً لا نملك قدرة الاحتجاج ونحن على الأراضي الأردنية.
قال بندر لسعود الفيصل إن الأردن يلعب لعبة توزيع الأدوار فيفرز لنا من معنا ويجند للسوريين ويزودهم بما يريدوا. وقال بندر إنه غير مقتنع أبداً بالرواية الأردنية من أن فصائل المعارضة السورية مخترقة من قبل النظام السوري وأن التسجيلات التي رصدتها إسرائيل هي لضباط أردنيين معروفين وليس لضباط سوريين.
يعمل الأردن مع السوريين لإحباط هجوم درعا كما أحُبط هجوم اللاذقية ولا أرى أي جدية من قبل الأمريكيين لردع الأردنيين عن هذا التصرف.
يتوجه كاميرون في هذه الأثناء إلى مجلس العموم البريطاني ويخسر التصويت وتخرج بريطانيا من معركة ضرب سورية ويعلن أوباما أنه سيتوجه إلى الكونغرس.
أدرك السعوديون عندها أن شيئاً من تحت الطاولة قد حدث وأن الأمريكيين يجرون مفاوضات سرية مع إيران وسورية وروسيا، وأن قابوس وسلطنة عُمان لهم دور رئيسي في حقيقة ما يجري.
ذهب سعود الفيصل وبصورة مفاجئة وسرية إلى سلطنة عُمان مطالباً العُمانيين باطلاعه على حقيقة ما يجري، أبلغ العُمانيون سعود الفيصل أن أمريكا وبريطانيا هم الآن على اتصال مباشر مع إيران وأن مهمة العُمانيين قد انتهت وكل ما قاموا به هو المساعدة على فتح هذا الاتصال ولكنهم في الحقيقة لا يعلمون عنه شيئاً، لأن دورهم قد انتهى وكل ما يعلموه أن مسؤولين إيرانيين وأمريكيين عقدوا أكثر من لقاء في موسكو.
عاد سعود الفيصل إلى الرياض متوتراً ومنزعجاً واستدعى الأمير بندر على عجل من الأردن، وأبلغه بما سمعه من العُمانيين، واتفق الاثنان على نقل هذه المعلومة فوراً إلى فرنسا وطلبوا من الفرنسيين بدورهم نقل هذه المعلومات إلى الأتراك.
قال سعود الفيصل للفرنسيين بأن الأمريكيين سيدفعون ثمن ذلك غالياً ولا يمكن للسعودية أن تكون على هامش أي تحرك فنحن مؤثرون في سورية الآن أكثر بكثير من الولايات المتحدة وسنخوض المعركة حتى نهايتها حتى لو تصدت لنا أمريكا.
أبلغ الفرنسيون السعوديين أيضاً أن أوباما سيشارك في مؤتمر قمة العشرين وهو بعكس ما كانوا قد أبلغوا به أولاً بأن أوباما لن يشارك ولن يلتقي بوتين.
الفرنسيون في تحليلهم الخاص الذي نقلوه للسعوديين أرادوا التوضيح بأن الأمور تبدو في نهايتها وأن ذهاب اوباما لقمة العشرين لن يكون إلا لإخراج ما تم الاتفاق عليه بشكله الرسمي وطالبوا السعوديين بأن يقوم الخليجيون بضغط كبير على الولايات المتحدة لمنعهم من أي اتفاق مع الروس والإيرانيين، وأبلغ وزير الخارجية الفرنسي سعود الفيصل أن الفرنسيين سيكونون بجانبهم في ممارسة هذه الضغوط.
أصبح موقف الخبراء العسكريون الأمريكيون الموجودون في الأردن الذين يتولون قيادة وتدريب قوى المعارضة السورية حماسهم قد فتر وأصبحوا وكأنهم غير معنيين أو جادين بما تم الإعداد له في الأردن، وأبلغ البعض منهم زملاءهم الأوروبيين أن تعليمات قد وصلتهم من قيادتهم العسكرية، وبأن شيئاً جديداً ربما يتبلور مع مشاركة أوباما في قمة العشرين وكل شيء بالنسبة للأمريكيين الآن مجمداً وبانتظار نتائج هذه القمة، حيث إن مجموعة من الخبراء الأمريكين ومن الضباط الكبار قد غادروا الأردن إلى قبرص في طريقهم للولايات المتحدة حيث استدعوا إلى هناك.
وقبل موعد قمة العشرين بيوم اتصل الأمير سعود الفيصل بوليام هيج وزير الخارجية البريطاني ليستوضح منه عن سبب الانقلاب المفاجئ في الموقف الأمريكي وبالتالي الموقف البريطاني. وعاتب الفيصل وليام هيج على تهميش دور السعودية والدول العربية الخليجية الأخرى بحقيقة ما يجري والاتصالات الدائرة في المنطقة دون أن يكون للسعودية أي دور فيها وخاصة أن الكل يعرف أن السعودية تحمل العبء الأكبر سواء مالياً أو معنوياً لكل ما يجري في المنطقة.
أبلغ وليام هيج سعود الفيصل بأن أفكاراً عديدة تُدرس ومقترحات تم تبادلها ما بين روسيا وأمريكا، وحتى هذه اللحظة لم يتم بلورة أي شيء بشكل نهائي، وكل شيء يعتمد على سير الأمور في القمة، ولكن لا أخفيك إن قلت لك إن التوجه العام في الإدارة الأمريكية نحو الحرب قد بدأ يخبو وأن الإدارة الأمريكية تلقت تقريراً صادماً ومتشائماً من قبل بعض الخبراء الأمريكيين الأمنيين والعسكريين والاقتصاديين.
قُدم هذا التقرير للرئيس اوباما ولزعماء الكونجرس بشقيه.
يقول هذا التقرير:
إن ضرب سورية سيقود حتماً إلى حرب إقليمية وبالتالي أن حرباً عالمية لن تكون مستبعدة والأمريكان في خططهم وبسبب أزماتهم الاقتصادية غير مهيئين وغير جاهزين لمثل هذه الحرب.
وتحدث أيضاً عن أن إيران جاهزة ومستعدة لمثل هذه الحرب.. فإيران ومنذ اليوم الأول لضرب سورية ستشعل جبهة الخليج بكل قوة وأن مضيق هرمز سيكون مغلقاً منذ اليوم التالي لتوجيه ضربه إلى سورية.
أبلغ هيج سعود الفيصل أن إغلاق مضيق هرمز هو ما تسعى إليه روسيا في هذه المرحلة، ويعتقد الأمريكان أن للروس دوراً أساسياً، ومن خلال عدة وسائل وأساليب وطرق ساهموا في تصعيد الموقف الإيراني، لأنه في حال إغلاق مضيق هرمز سيتوقف توريد البترول الخليجي إلى أوروبا، أي إن عشرة ملايين برميل يومياً ستتوقف بسبب إغلاق هذا المضيق ولن يكون أمام أوروبا بديلاً عن هذا البترول سوى البترول والغاز الروسي، وأنه في اليوم العاشر للحرب حسب ما يقدر الخبراء الأمريكان سيكون سعر برميل البترول الروسي قد تجاوز عتبة الألف دولار، حيث ستكون روسيا قادرة على تزويد أوروبا بثلاثة ملايين برميل يومياً، أي إن الاقتصاد الروسي سوف يزهوا ويتقدم، وسوف تكون روسيا قوة كبرى ومؤثرة أكثر من أي وقت مضى، وهذا اليوم الذي يعد له بوتين من أجل روسيا، لذلك فإن الموقف الروسي يتعامل مع الأمريكيين بالتهويل محذراً أمريكا من البعبع الإيراني.
قال هيج للفيصل أيضاً إن التراجع في الموقف البريطاني مرتبط بالموقف الأمريكي، فنحن في بريطانيا أدركنا مبكراً أن لا قرار أمريكياً في الحرب على سورية، وكل ما راهن عليه اوباما هو محاولة منه لتخويف سورية وإضعافها، ولكن ردة الفعل الإيرانية والروسية لم تكن في حسابات الإدارة الأمريكية على هذا النحو.. نعتقد في بريطانيا أن الرئيس اوباما ذاهب غداً إلى قمة العشرين من أجل إطفاء نيران هذه الحرب وليس إشعالها.. فذهاب الرئيس اوباما إلى القمة، هو رسالة سلام وليس رسالة حرب، وبريطانيا تعتقد أن المحادثات الروسية الأمريكية قد قطعت شوطاً كبيراً وإيران ليست بعيدة عن هذه المحادثات.
أبدى سعود الفيصل غضبه وانزعاجه من ذلك، وقال لهيج يجب على أمريكا أن تعلم أننا لسنا بعبيد، فنحن لاعبون أساسيون في المنطقة، ولا يمكن أن نسمح لأمريكا أو غيرها بأن تتعامل معنا وفق معادلة "معاهم معاهم، عليهم عليهم"!!!.
في هذه الأثناء يلتقي السفير الأمريكي في الرياض بالأمير عبد العزيز بن عبد الله الرجل الثاني في وزارة الخارجية السعودية ويسلمه رسالة خاصة من الرئيس اوباما إلى الملك عبد الله، يشرح فيها اوباما للملك كل المستجدات الحاصلة ويبرر له مشاركته في قمة العشرين، مبلغاً الملك عبدالله أن الرئيس اوباما حريص على أمن دول الخليج كما هو حريص على أمن الولايات المتحدة نفسها، ويحذر فيها من البلبلة والتهييج غير المدروس الذي يقوم فيه البعض وهنا بكل تأكيد يقصد "سعود الفيصل وبندر".. فأمريكا مع السلم العالمي وحل مشكلات العالم بالطرق الدبلوماسية والسياسية إن أمكن وتجنب أي خيار عسكري.
تعكس رسالة اوباما إلى الملك عبد الله ومن خلال نجله عبد العزيز، مدى التباين في وجهات النظر داخل المملكة العربية السعودية، وأمريكا تدرك في النهاية أن صاحب القرار الأول والأخير هو الملك عبد الله، وتسعى إلى تفاهم تام وكامل معه وهذا ما يمارسه كيري وزير الخارجية الأمريكية يومياً، حيث إن كيري يتجنب قدر الإمكان الاتصال بسعود الفيصل أو بالأمير بندر، وفي حال كان مضطراً لذلك فيلجأ للسفير الأمريكي في الرياض لينقل عنه لهم ما يريد.
بالرغم من أن القمة قد بدأت وأصبح اوباما في عداد المشاركين نقلت رايس رسالة عاجلة إلى الأمير بندر بأن كل خيارات أمريكا ما زالت مفتوحة أمام الولايات المتحدة وأن كل ما يقال ويشاع لم يَحسم وجهة نظر أمريكا بعد، فيمكن أن تبدأ الضربة على سورية والرئيس الأمريكي في القمة.
نقل كلام رايس هذا سعود الفيصل إلى الوفد الفرنسي المشارك في قمة العشرين، فكان جوابهم ضاحكاً ومستهزئاً مما تقوله رايس.
أبلغ وزير الخارجية الفرنسي سعود الفيصل أنه في اللحظة التي وصل فيها اوباما إلى القمة فقد بدأ الجانب الآخر بإعداد وثيقة التفاهم الروسي– الأمريكي.. وأبلغه أيضاً بأن كيري وبالرغم من مقاطعته للقمة احتجاجاً على وصف بوتين له بالكاذب، إلا أن خيار كيري انتصر على خيار رايس وكل ما أعد له كيري ولافروف سيتم الاتفاق عليه والالتزام به، هذا ما نلمسه في جو القمة.
التقى كاميرون اليوم ببوتين على انفراد ونحن نعتقد في فرنسا أن هذا اللقاء هو إعداد للقاء حاسم ما بين اوباما وبوتين.
منذ هذه اللحظة أقول لك يا سمو الأمير بأن خيار الحرب سقط هنا في بطرسبرج، الحلف الخفي ما بين روسيا وإيران انتصر، كما تشكون أنتم من تهميشكم فنحن لسنا في حال أفضل منكم، الموقف الأوروبي المهم بالنسبة للأمريكيين هو موقف بريطانيا وألمانيا لا غير، هذه المعادلة الآن، الأمريكان وبعد القضية الليبية والدور الفرنسي المشهود له في الأزمة الليبية لن يسمحوا لأي قوة كانت في أوروبا أن تحتل دورهم، وتهميشنا في هذه المرحلة هي عملية عقاب لنا عن دورنا المهم والأساسي في ليبيا ومن ثم في مالي.
مع انتهاء قمة العشرين وإعلان أن اتفاقاً مبدئياً قد حصل ما بين روسيا وأمريكا من خلال اللقاء القصير بين بوتين واوباما، فإن هذا الاتفاق سيعزز وسيفصل في لقاء سيعقد في جنيف بعد أيام ما بين كيري ولافروف.
هذا الاتفاق كان بمثابة الصدمة للسعودية وخصوصاً للأمير سعود الفيصل وللأمير بندر، فجن جنونهم وبدأت تصريحاتهم الشديدة والغاضبة والفاقدة للتوازن حيث بدؤوا بكيل الاتهامات لاوباما والإدارة الأمريكية وحاولوا قدر الإمكان التصدي لمثل هذا الموقف من أمريكا حيث حاولوا جاهدين بلورة موقف خليجي شامل لرفض هذا الاتفاق.. فبدؤوا باتصالات مع دول الخليج لعقد جلسة طارئة لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي وبشكل مستعجل في الرياض، إلا أن هذا اللقاء لم يكتب له النجاح وخصوصاً أن معظم دول الخليج رفضت الدعوة واعتبروا أن ذلك سوف يؤجج الموقف مع الولايات المتحدة وأن خيارات الولايات المتحدة قد حددت فلن نكون مؤثرين.
حاول سعود الفيصل بعدها عقد جلسة طارئة لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، إلا أن نبيل العربي وبضغوط مصرية رفض هذه الفكرة، حيث قال نبيل العربي لسعود الفيصل إن الاجتماع السابق لوزراء الخارجية العرب لاقى صعوبة بالغة في عقده، فكيف بنا الآن عقد مثل هذا اللقاء والعالم كله يتفق على الحل السلمي للأزمة السورية لنقول لهم إننا ضد هذا الخيار ولا بد من تدمير سورية، هذا لن يلقى تجاوباً من أحد في العالم العربي.
مع بدء المحادثات الإيرانية الأمريكية السرية لزيارة روحاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وشعور الخليجيين بمدى التلهف الأمريكي لهذه الزيارة ولقائهم بروحاني، فقد أعطى الأمريكان أهمية قصوى لهذه الزيارة وبدؤوا بمفاوضات سرية مع القيادة الإيرانية من أجل عقد لقاء قمة ما بين روحاني وأوباما.
تولى هذه اللقاءات والمفاوضات من الجانب الأمريكي وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الأمريكية، ومن الجانب الإيراني نائب وزير الخارجية الإيراني، إلا أنهم لم يتمكنوا من النجاح لعقد هذه القمة لإصرار الإيرانيين على جدول أعمال مخالف لما يريده الأمريكان، فالإيرانيون كان جدول أعمالهم الآتي:
1. الأزمة السورية.
2. العقوبات المفروضة على إيران.
3. الملف النووي الإيراني.
في حين أراد الأمريكان بنداً واحداً لهذه القمة وهو الملف النووي الإيراني، ورفض الإيرانيون ذلك بقوة، وكذلك رفض الأمريكان جدول الأعمال الإيراني، لأنهم (أي الأمريكان) ارتأوا أن الموافقة على جدول الأعمال الإيراني هو تجسيد لإيران كقوة إقليمية في العالم والمنطقة قبل أن تعطي أي شيء، وارتأى الأمريكان أن يكون اللقاء بين كيري وزير الخارجية الأمريكي ووزير الخارجية الإيراني على هامش لقاء خمسة زائد واحد، ولا مانع أن يعقد الوزيران خلال هذا اللقاء لقاءاً منفرداً.
قبل سفر روحاني إلى الولايات المتحدة حاول الأمير سعود الفيصل تشكيل وفد خليجي يترأسه الصباح أمير دولة الكويت لزيارة الولايات المتحدة وإبلاغها مدى انزعاج الدول الخليجية لتطور العلاقات الإيرانية الأمريكية بعيداً عن الموقف الخليجي، أي أن دول الخليج تنظر بريبة وشك لهذه المحادثات السرية الأمريكية الإيرانية بعيداً عنها، مما يشكل خطورة على دول الخليج، إلا أن فكرة هذا الوفد قد فشلت أيضاً لرفض أمير الكويت رئاسة الوفد، وفشلت أيضاً فكرة إرسال وفد خليجي من وزراء الخارجية في مجلس الاتحاد الخليجي برئاسة سعود الفيصل لزيارة أمريكا.
بدأ سعود الفيصل يدرك بأنه لا التفاف خليجياً حول موقفه، فدول الخليج بأسرها لا تريد مواجهة الأمريكان، فالخليجيون بدؤوا وسارعوا إلى الاتصالات الخارجية مع إيران مباشرة أو عبر وسطاء آخرين، حيث إن الأمير محمد بن زايد ولي العهد، أبلغ الروس بأنه على استعداد للبدء بمحادثات هامة وإستراتيجية مع إيران.
طلب الأمير تميم من السلطان قابوس التوسط بين قطر وإيران لعودة العلاقات الطبيعية بينهما ملقياً بالمسؤولية الكاملة عن سوء هذه العلاقة على رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق.
أرسل الكويتيون وفداً كبيراً ومهماً إلى العراق للقاء المالكي وأعلنوا أنهم سيقفون إلى جانب الحكومة العراقية في كل ما تحتاجه.
كل هذا أشعر الأميرين بندر وسعود الفيصل أن جبهتهم الخليجية قد بدأت بالتخلخل وربما ستشهد الانهيار عما قريب، خصوصاً وأن الأمير تميم أمير قطر نقل عنه أن الأمريكيين قد أبلغوه بأن صيغة مجلس التعاون الخليجي قد أصبحت غير مجدية، وإن كانت قد خدمت في فترات سابقة، إلا أنه لا فائدة منها الآن وأن الأمريكيين يرتؤون أن ما بعد الملك عبد الله ملك السعودية الحالي سيكون مجلس التعاون الخليجي من ذكريات الماضي، وأن على كل دولة خليجية إدارة شؤونها الداخلية والخارجية وفق مصالحها، وهذا ما عززه أيضاً ما قيل عن لقاء ولي العهد الإماراتي مع الرئيس اوباما عندما انتقد الأخير صيغة مجلس التعاون الخليجي والهيمنة السعودية عليه.
تردد سعود الفيصل كثيراً بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة وفد بلاده إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن بضغط كبير من الأمير بندر ذهب حتى لا يقوم غيره بالذهاب للجمعية العامة لأنه وفي حال اعتذار الأمير سعود الفيصل سيذهب الأمير عبد العزيز بن عبد الله، فذهب الأمير سعود الفيصل وبقي منزوياً وقلل من كل اللقاءات الجانبية فلم يلق كلمته بالجمعية العامة بل اكتفى بتوزيعها.
لكن وفي رسالة خفية للأمريكان وفي محاولة للتأثير عليهم وعشية اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة طلب الأمير بندر من شقيقه الأمير سلمان نائب وزير الدفاع السعودي أن يتوجه إلى إسرائيل ويلتقي نتنياهو شخصياً ورافقه في هذه الزيارة مدير المخابرات البحرينية اللذين التقيا نتنياهو في مدينة ايلات، كانت الزيارة تهدف لتشكيل جبهة موحدة ما بين الخليجيين وبالذات السعودية والبحرين وإسرائيل للتصدي للتقارب الإيراني الأمريكي، إلا أن كل ذلك لم يؤثر على سياسة الولايات المتحدة وأصرت على موقفها، فكان روحاني وزيارته للولايات المتحدة الحديث الأول لكل وسائل الإعلام الأمريكية وكان الزائر الأهم لأمريكا، فعقد اللقاء ما بين وزير الخارجية الأمريكي ووزير الخارجية الإيراني ووصف من قبل الجانبين بأنه شكل عملية انطلاق جديدة لعلاقات إيرانية أمريكية مستقبلية وفي نفس الوقت تواصلت المفاوضات السرية ما بين إيران والولايات المتحدة من أجل عقد القمة بين الزعيمين لكن تم الاتفاق بصورة نهائية على أن يقوم اوباما شخصياً بالاتصال الهاتفي على الهاتف الشخصي لمندوب إيران في الأمم المتحدة يطلب من خلاله الحديث مع الرئيس روحاني ويتم الاتصال بينهما قبل مغادرة روحاني أمريكا، وفعلاً تم الاتصال، حيث كانت بداية الكلام للرئيس اوباما الذي ثمن قرار مجلس الأمن الخاص بسورية والذي استند إلى الاتفاق الروسي الأمريكي، ثم انتقل فيما بعد إلى ضرورة رفع الحصار عن إيران وربط ذلك بالمفاوضات بين أمريكا والغرب وإيران في الملف النووي الإيراني، أي أن اوباما وبطريقة أخرى ومن خلال المكالمة الهاتفية خضع لجدول الأعمال الذي عرضته إيران في أي قمة ستحدث ما بين إيران وأمريكا.
بعد كل هذا عمل بندر وبالاتفاق مع سعود الفيصل على محاولة تخريب ما تم إنجازه روسياً وإيرانياً وأمريكياً وسورياً.
فبدأ الأمير بندر معركته من خلال الأزمة السورية في محاولة منه للتأثير على فصائل المعارضة السورية في التجاوب مع المبادرة الأمريكية الروسية ولتعطيل "جنيف2".
والأمير بندر يعرف أكثر من غيره أن قرار "الائتلاف" المعارض سيكون في النهاية في أمريكا، وكذلك "الجيش الحر"، فكان لا بد له من إثارة القتال ما بين الطرفين، حيث تحالف بشكل واضح ونهائي مع "جبهة النصرة" ودعمها لتكون هي القوة الرئيسية في المعارضة التي سوف ترفض التوجهات الأمريكية كل هذا وأمريكا لا تعير أي اهتمام للتحرك السعودي بل بالعكس من ذلك فقد شرعت كل الاتصالات مع السعودية مع الأمير مقرن ومع الأمير متعب والأمير عبد العزيز والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز في إيحاء لبندر أن البديل السعودي متوفر وأنك لم تكن رجل أمريكا في المنطقة ولم تكن ملكاً للسعودية وترافق أيضا مع إرسال شخصية أمنية كبرى إلى البحرين للقاء الملك حمد ابن عيسى والطلب منه بضرورة التفكير الجدي بإيجاد بديل وتغيير رئيس الوزراء خليفة بن سلطان رئيس الوزراء الحالي بشخصية أكثر قبولاً وانفتاحاً على المعارضة، مما يعتبر هذا أن أمريكا ستبدأ في تقديم استحقاقات لإيران قبل المفاوضات المباشرة والحاسمة بين الطرفين!!.
النهاية
جهینة نیوز