SHIA-NEWS.COMشیعة نیوز:
«اجتمعنا من اجل الانسان الذي كانت من اجله الاديان، وكانت واحدة آنذاك، يبشر بعضها ببعض، ويصدق احدها الآخر فاخرج الله الناس بها من الظلمات الى النور بعد ان انقذهم بها من الخلافات الكثيرة الساحقة والمفرقة وعلمهم السلوك في سبيل السلام . كانت الاديان واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد دعوة الى الله وخدمة للانسان، وهما وجهان لحقيقة واحدة، ثم اختلفت عندما اتجهت الى خدمة نفسها ايضاً، ثم تعاظم اهتمامها بنفسها حتى كادت ان تنسى الغاية، فتعاظم الخلاف واشتد، فازدات محنة الانسان والامة» هذا قول للامام المغيب موسى الصدر الذي كانت رسالته الدفاع عن الانسان المحروم والمعذب، لقد كان الامام الصدر اكبر من بلده وهو الذي قال للبنانيين ذات مرة «احفظوا وطنكم قبل ان تجدوه في مزابل التاريخ» وهو الذي فتح قلبه وعقله لجميع الفئات من اللبنانيين وكان مثالاً للاعتدال والتقوى، غيبوه لأنه قال كلمة حق في وجه ظالم، هو من اعتصم في الكنائس والمساجد لوقف شلال الدم اللبناني - اللبناني، وهو صاحب القول المشهور: «لسلاح زينة الرجال ووجهته ضد العدو الاسرائيلي وليس للاقتتال الداخلي»، فدفع ثمن ذلك 35 عاماً من التغييب في سجون نظام معمر القذافي، الا ان القدرة الالهية حققت العدالة على الارض، وقتل القذافي على يد شعبه الذي تأخر 35 عاماً لمحاسبة الديكتاتور الذي شوه وجه الاسلام الحنيف.
الامام الصدر اكد ان لبنان ضرورة حضارية للعالم وان التعايش اللبناني هو ميزة لبنان الخاصة وان السلام لقاء تاريخي محتوم بين الاسلام والمسيحية». لقد مضى على تغييب الامام الصدر 35 عاماً اثر الزيارة التي قام بها الى طرابلس الغرب في 31 آب 1978 حين قرر زيارة رؤساء الدول العربية لانهاء محنة لبنان وانقاذ جنوبه من الاحتلال الاسرائيلي، الا ان زيارته لم تقتصر على الدول العربية بل تعدتها الى ليبيا لما لها من تأثير على مجريات الوضع العسكري والسياسي في لبنان، هذه الزيارة كانت الرحلة الاخيرة التي يقوم بها الامام الصدر بعد ان انقطع الاتصال به والنتيجة التي وصلت الى السلطات اللبنانية ان الامام غادر ليبيا.
لقد تعدد الروايات والتكهنات حول مصيره، حتى بعد اسقاط حكم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والى اليوم لم يتم التوصل الى نتيجة.
في 31 آب سيحيي لبنان الذكرى الـ 35 لغيابه والآمال ما تزال معلقة حول امكانية عودته ورفيقيه سالمين فما هي آخر التطورات في هذه القضية خصوصاً ان السلطات اللبنانية حققت لمدة خمس ساعات مع مدير المخابرات الليبي السابق عبد الله السنوسي ولم تستطع اخذ اية معلومة منه، فهل هناك معلومات ما تلقتها شقيقته السيدة رباب الصدر وما الدور التي تقوم به لاستمرار نهج الامام الاعتدالي في وجه الهجمة التكفيرية والاصولية التي يعيشها لبنان والمنطقة.
السيدة رباب الصدر وريثة الالم الكبير والجرح الذي لا يزال مفتوحاً منذ تغييب شقيقها، حملت القضية على اكتافها منذ 35 عاماً الى اليوم، وهي تشبه الامام بدماثة اخلاقه وانفتاحها على جميع الفئات والطوائف، تعمل بلا كلل تتابع الصغيرة والكبيرة في رحلة البحث عن الحقيقة ومصير الامام المغيب الذي يلاحقها كرغيف يومي وكظلها فماذا تقول اليوم السيدة رباب عن هذه الرحلة.
اكدت السيدة رباب انه قبل مقتل القذافي لم يكن هناك مجال لاي اتصال ولم يكن احد يتجرأ على فتح هذا الموضوع ، الا ان الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي الذي تربطنا به علاقة مصاهرة حاول متابعة الموضوع والاتصال بالقذافي الذي كلف نجله سيف الاسلام متابعة القضية ومن بعدها انتقل الملف الى ابن عمه احمد قذاف الدم، الا انهم لم يتوصلوا الى نتيجة .
واضافت السيدة رباب ان القذافي كان رجلاً غير طبيعي، على الرغم من انه اشاد بالامام لناحية انه رجل مجاهد وهو سيد المقاومة ومن ثم عاد ليطلق عليه نعوتاً لا تليق بالامام، وبقينا على هذا الحال دون ان تصلنا اي اخبار عنه ولكننا لم نتلق اخباراً سيئة تتعلق بمصيره. وتابعت السيدة رباب بعد مقتل القذافي بدأنا التعامل مع النظام الجديد وهم ابدوا استعدادات للتعاون ووصفوا الامام بصفات حسنة واستقبلونا بشكل جيد، وتشكلت لجنة لبنانية من وزير الخارجية اللبناني وعدد من الضباط الكبار والقضاة ونجل الامام الصدر، و عندما وصلوا الى ليبيا تشكلت هناك لجنة اخرى لمتابعة القضية والتقوا وزير العدل والداخلية الليبي ولكنهم لم يتوصلوا الى نتيجة، وهذا الامر يؤدي الى استنتاج ان دول العالم لا تريد كشف حقيقة تغييب الامام، لأن هناك اياد كثيرة مشتركة في اخفائه عربية ودولية وليس من مصلحتهم ان يكون طليقاً لانه سيتحرك على صعيد المقاومة، ونحن الى الآن نتابع هذا الامر، وعلى الرغم من اخبار كثيرة اشيعت عن وجود جثث تعود للامام ورفيقيه الا ان الفحوصات الدي.ان.اي اثبتت انها لا تعود لهم.
وشددت السيدة رباب انهم لن يتراجعوا على الرغم من امكانياتهم الضئيلة والمتواضعة، وان التحقيق مع مدير مخابرات القذافي عبد الله السنوسي لم تتوصل الى نتيجة لانها لم تكن جدية، وجميع الذين دخلوا على خط القضية لم يكونوا جديين ان كان على صعيد السلطات اللبنانية او على صعيد الدول العربية والغربية، فالقاضي اللبناني الذي بعهدته القضية لا يتحرك دون ان تتصل به شخصية كبيرة لاصدار القرارات، وكأن حق هذا الانسان لا يفرض عليه اتخاذ هكذا خطوات .
ولفتت السيدة رباب انه عندما بدأ القذافي بنشر الفضائح سارعت الجهات الدولية لاسكاته عبر قتله لكي لا تتكشف الكثير من الامور، ومما يزيد الامر تعقيداً ان هناك سجوناً لم يستطع النظام الجديد الوصول اليها، لان الفوضى ما زالت قائمة، واللجنة الليبية المكلفة متابعة القضية زارت لبنان اكثر من مرتين، يضاف الى ذلك ان ليس هناك وثائق تدل على ان الامام ورفيقيه اخفوا في ليبيا، وان الشائعة التي اطلقها مندوب محطة الجزيرة عن رؤيته لملف يتعلق بالامام عاد ونفاها.
وشددت السيدة الرباب على انهم مستمرون على نهج الامام الصدر، فالدين انزله الله على الناس فكيف نختلف عليه، خصوصاً ان المجتمع العالمي سائر باتجاه العنف الذي اصبح لغة العصر، ان كان على الصعيد السياسي او على صعيد الحياة الخصوصية، ويمكن ملاحظة العنف من خلال ما يجري في الدول المحيطة بنا فهل هذا ما يسمى «الربيع العربي» حيث يقتل الابرياء وتدمر بيوتهم، هناك فكر تعميم الخراب في العالم، عندما تصل الامور الى الدين الذي هو قابل للعنف، وهنا يمكن القول ان ليس كل المتدينين لديهم وعي للدين، اذا كنا مسلمين او مسيحيين فكم من المسموح لنا ان نؤذي، لاننا اذا كنا ملتزمين لدينا حدود وهي حتى عدم جرح شعور الآخرين لان هذا الامر يحاسب عليه الله .
وتابعت السيدة رباب عندما يكون هناك حب وتفاهم وتراحم هذا الامر ينعكس على المجتمع، وعندما يكون هناك اجرام وعنف فهذا ايضاً ينعكس على ما حوله، لذلك فالعنف ينتقل اليوم من بلد الى آخر، فنحن قمنا بحرب طائفية لم تؤد الى نتيجة، ولكن الايجابية الوحيدة ان الشعب اللبناني لن يدخل في حرب اهلية ثانية بعدما اقتنع انها لن توصله الى اي مكان .
ولفتت السيدة رباب انهم يحاولون من خلال مؤسسات الصدر متابعة المسيرة، بحيث يجدون انفسهم منفصلين عن الواقع الذي يعيشونه، وهم لا يعطون بالهم للشائعات، وهم يعملون مع الاطفال على حب الوطن وحب الآخر، الا ان العمل الجميل لا يظهر بين الكم الهائل من العنف ، خصوصاً ان الاعلام يساهم في اذكاء العنف . وشددت السيدة رباب ان علاقتهم بـ «حزب الله» و«حركة امل» هي علاقة احترام وتقدير على الرغم من اننا نعمل بمعزل عنهم ، لان عملنا محض انساني .
وهنا نختم بقول للامام الصدر «اذا سقطت تجربة لبنان سوف تظلم الحضارة الانسانية لمدة خمسين عاماً على الاقل لذلك نقول ان لبنان في هذه الفترة ضرورة حضارية اكثر من ذي قبل، لذلك فليسمح اللبنانيون لنا بأن نقول، ان التعايش ليس ملكاً للبنانيين لكنه امانة في يد اللبنانيين ومسؤوليتهم وواجبهم وليس حقهم فحسب». فهل سيبقى لبنان ضرورة حضارية كما قال الامام، وهل سيحافظ اللبنانيون على الامانة التي هي في اعناقهم وعلى صيانة هذا الكيان الذي هو امانة للحضارة العالمية وفق الامام المغيب.
النهاية
الوعی