SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
شغل نقل السلطة في قطر من حمد بن خليفة آل ثاني إلى نجله تميم الصحافة العربية التي ذهبت باتجاه تحليلات مختلفة تلتقي عند أن التغيير فرضته التحولات الجارية في الشرق الأوسط ولاسيما الأحداث في سورية، فضلاً عن التدخل الأمريكي في رسم سياسات الممالك والإمارات الخليجية.
"جهينة نيوز" الذي رصد بعض ردود أفعال الصحافة العربية على هذا التغيير "المصطنع" وقف عند عدة عناوين منها: ("الجزيرة" مصدومة وخشية من انتقام ابن جاسم.. إلى أين ستذهب قطر مع تميم بن حمد؟!).
فقد أكدت الصحفية الجزائرية حدة حزام في مقال نشرته صحيفة "الفجر" أن ما حدث لا علاقة له بمزاعم الديمقراطية والإصلاح والتغيير، وقالت حزام: لا أدري لماذا يصف المعلقون على تنحي أمير قطر من الحكم الأمر بالقرار الديمقراطي والشجاع وغير المسبوق. ربما هو غير مسبوق في البلدان العربية، التي تحولت حتى جمهورياتها إلى ملكيات، وفي قطر نفسها التي ألفت التغيير عن طريق الانقلابات! فعندما تسمع القرضاوي يعلق على اختيار مولاه الأمير الشيخ تميم، لأنه الأصغر سناً، وبذلك يكون أمام الإمارة خمسون سنة من الاستقرار في الحكم، نفهم أن الخيار جاء لأسباب أخرى لا علاقة لها بالديمقراطية، وهي إبعاد والده عن المشهد، بعد أن ورط الإمارة في قضايا أكبر من حجمه، بل وورط المنطقة كلها في فوضى عارمة، ولم يعد يعرف كيف يلملمها.
وأضافت: فالأمير الجديد مطالب ليس بالتوجه في نفس الاتجاه وبنفس السرعة التي سار بها والده، خاصة على مستوى السياسة الخارجية، إنما أيضاً هو مطالب بمراجعة جادة لهذه السياسة تجاه القضايا العربية، وتحديداً تجاه الملف السوري الذي يكون أحد أهم الأسباب التي عصفت بحكم الأمير ووزير خارجيته، الذي غاب قبل أول أمس، من طابور المبايعين والمهنئين، بعدما تبين أنه وراء تسليح الجماعات المتطرفة سواء في سورية أو في ليبيا قبلها. كما أنه مجبر على فك ارتباطه بتنظيم الإخوان الذي تعاظم دوره في الساحة العربية بفضل التمويل القطري. وبدور "الجزيرة"، التي كانت قناة إخوانية بدون منازع منذ تأسيسها. وإن كان البعض يعتبر أن الأمير الجديد أكثر قرباً من التنظيم من والده، وأن تعيينه على رأس الإمارة هو لأخونتها، لتكون منسجمة في الساحة العربية مع حكومات "الربيع العربي"، التي وصلت بالدعم والمال القطريين إلى الحكم.
وقالت حزام: الأمير يعرف أن أمريكا والغرب لن يسمحا له بإطلاق يده في المنطقة العربية، خاصة في ليبيا، حيث حاول الشيخ تميم فرض إملاءاته على النظام الجديد، مثلما يروي شلقم في كتابه الصادر نهاية السنة الماضية (نهاية القذافي)، حيث قال الأمير الجديد وولي العهد السابق لشلقم وشخصيات ليبية إن بلاده التي صرفت 3 مليارات دولار في ليبيا، لم تصرفها هكذا، وإنما ليكون لها دور في الحكم فيها، وخاصة تسيير قطاع المحروقات، وهو الكلام الذي لم يعجب الغرب، الذي يكون وجه إنذاراً لقطر بأن تنسى أطماعها في ليبيا، وهو ما حصل. وأضافت: الدليل على ما أقول، أن الأمير تميم في أول خطاب له، ركز على مواصلة الاستثمار والبناء، وعلى إتمام مسيرة البناء الداخلي التي بدأها والده، ولهذا السبب ربما نصب وزير الداخلية السابق رئيساً للوزراء، ولم يركز على دعم الثورات العربية، ولا على ما يجري في سورية، وهو ما يعني أن الإمارة لن تكون عراباً للحراك العربي مثلما كانت في عهد والده.
ورأت حزام في ختام مقالها أنه ينتظر أيضاً من الأمير الجديد، بل هو مجبر، على لجم القرضاوي الذي أدت فتواه إلى إشعال حرب طائفية في المنطقة العربية، حرب تتحمل تبعاتها قطر!!.
فيما أشارت الصحفية القطرية مياسة المهندي في مقال آخر إلى أن الإطلالة الأولى للأمير الجديد لم تكن موفّقة، على الأقل من حيث الشكل. فقد جلس أمام صورة لم يظهر منها إلا قدم خلف رأسه، في كادر أقل ما يقال إنه من صناعة هواة. أما في المضمون، فقد طغت الإشادة بـ«الأمير الوالد»، والتركيز على شؤون الداخل، مع إشارات عامة في ما يتعلق بالحراك الإقليمي لإمبراطوريته «التي لم يكن أحد يعرف أين تقع على الخريطة».
وقالت المهندي: في خطاب إعلانه قبول تكليف والده حكم إمارته «الغازية»، حاول الأمير الجديد تميم بن حمد الإيحاء ببعض التمايز عن والده، رغم كثرة الإشادات به، باعتباره «باني نهضة قطر الحديثة» وتأكيده أنه يواجه التحديات نفسها، وذلك من دون أن يتضح ما إذا كانت إشارات ستجد ترجمة عملية لها في الفترة المقبلة، أو مجرد عبارات أراد من خلالها أن يعطي لنفسه كياناً مستقلاً.
«إننا كمسلمين… نحترم التنوع في المذاهب ونحترم كل الديانات في بلداننا وخارجها». العبارة المفتاح في خطاب تميم، راعي شيوخ التكفير في المنطقة، ويتقدمهم يوسف القرضاوي الذي كان أول مهنئيه بتولي حكم الإمارة، يرى، بحسب خطابه الأول مذ توليه الحكم، «أننا كعرب نرفض تقسيم المجتمعات العربية على أساس طائفي ومذهبي، ذلك لأن هذا يمس بحصانتها الاجتماعية والاقتصادية ويمنع تحديثها وتطورها على أساس المواطنة، بغض النظر عن الدين والمذهب والطائفة»، معتبراً أن الانقسام الطائفي «يسمح لقوى خارجية بالتدخل في قضايا الدول العربية وتحقيق النفوذ فيها».
وأضافت المهندي: كلام يصدر عن حاكم الدولة التي جعلت الفتنة في سورية من أولى أولوياتها، ومع ذلك لم يذكر اسم هذا البلد في خطابه الذي استمر 15 دقيقة، وإنما استعاض عنه بفلسطين، «عدّة الشغل»، التي أكد استمرار دعمه لها. «نحن دولة وشعب ومجتمع متماسك، ولسنا حزباً سياسياً. ولهذا فنحن نسعى إلى الحفاظ على علاقات مع الحكومات والدول كافة، كما أننا نحترم جميع التيارات في السياسة المخلصة المؤثرة والفاعلة في المنطقة، لكننا لا نحسب على تيار ضد آخر»، عبارة رأى البعض أنها إشارة ودّية تجاه إيران. ومع ذلك كان جليّاً أنه لم يتناول مواقف بلاده من القضايا العربية والدولية إلا بصورة عامة، على الرغم من أن اليد القطرية تعبث بكل مكان، ما يؤشر، بحسب مراقبين، إلى أن الاتجاه الجديد لحكمه سيكون المزيد من الانغماس في الشؤون الداخلية لكي يتمكن من تجنب المطبات الداخلية المعترضة أو الراضية على مضض من هذا التغيير المفاجئ.
وكانت لافتة في هذا السياق دعوة تميم القطريين إلى «مزيد من العمل والجهد»، مؤكداً أنه «سيكون هناك تدقيق أكبر في نتيجة الاستثمارات الضخمة التي تضعها الدولة داخلياً وخارجياً»، وهو الأمر الذي كان نقطة خلاف كبير بينه وبين رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم بن جبر الذي يقبض على صندوق قطر الاستثماري، وعمل على عقد صفقات ضخمة في عواصم العالم، منها باريس ونيويورك ولندن ومدريد، سببت اعتراضاً وأثارت الانتقادات من الصحافة الغربية التي أبدت تخوفها من «الغول القطري» الذي يقضم مجتمعاتها.
أما اختيار الأمير الجديد لخصوم حمد بن جاسم لتولى المناصب المهمة في الحكومة الجديدة فهو إشارة إلى تحسب تميم ووالده من انتقام بن جاسم الذي أطيح به بانقلاب أبيض، رأت مصادر أمنية غربية أنه لن يسكت طويلاً عنه!!.
وفي مقال نشره موقع "الحقيقة" الإخباري أكد الإعلامي القطري حمد الكواري أن الأخبار القادمة من داخل كواليس "الجزيرة" تشير إلى حالة من الاستغراب والصدمة والقلق التي تسود العاملين في المحطة القطرية. هذه الحالة بدأت، كما نقل مصدر في المحطة قريب من رئاسة التحرير فضّل عدم الكشف عن هويته، منذ أن خرجت تسريبات في الإعلام الغربي وخاصة الفرنسي بالإضافة إلى العربي عن إمكانية تنحّي الأمير لصالح ابنه تميم. وسبب الاستغراب هو تسريب هذه "الأخبار العاجلة" القطرية إلى وسائل إعلام أخرى بدلاً من استخدام "الجزيرة" سواء العربية أو الانكليزية لنشرها، وهما الأقرب موضوعياً وعضوياً لأن تكونا صاحبتي السبق الصحفي، بدلاً من أن تأخذ "الجزيرة" مادتها عن قطر من الوكالات ووسائل الإعلام الأخرى.
المحطة وصحفيوها عوملوا كغرباء من قبل أصحاب القرار عندما تعلق الأمر بقضايا السياسة القطرية الداخلية، وتبيّن أن لا دور للمحطة داخلياً إلا بمقدار ترويج قرارات السياسة الداخلية لبيعها للخارج.
أما الصدمة والقلق، بحسب الكواري، فمصدرهما الإحساس بأن أيادٍ خفية وقوية وفاعلة أدارت عملية نقل السلطة وتمريرها سياسياً وإعلامياً وأمنياً بكل تفاصيلها مهما صغرت حفاظاً على الهدوء، وأن هذه الأيادي أعطت الجزيرة دوراً "تأبينياً" هامشياً مرسوماً بدقة فحسب، ظاهره الاحتفاء بالأمير وخطوته، وباطنه يتلخص بكلمتين كانتا يمكن أن تكونا عنوان التغطية كلها: وداعا حمد (العنوان الرسمي للتغطية كان: قطر.. خطوة غير مسبوقة).
ويشير المصدر المذكور إلى أن "التأبينية" المبالغ فيها في التغطية، من الموسيقا الدرامية التي اُستخدمت إلى سرد الإنجازات الداخلية والخارجية، طغت على النفس الاحتفالي وجاءت أقرب إلى تغطية جنازة زعيم عربي. وهو ما يتناقض مع تسريبات عما سُمّي بدور إشرافي مستقبلي للأمير المتنحّي تحت عنوان "المرشد الأعلى"!!.
وأخيراً.. يرى "جهينة نيوز" أن ردود أفعال الصحافة العربية التي نتفق أو نختلف معها حول ما جرى من نقل للسلطة في قطر هي مقدمات لا أكثر ولا أقل لقراءة التغييرات ومستقبل الإمارة التي باتت مركزاً لقرار تخريب مكونات الأمة العربية، ونقل السلطة من حمد إلى تميم لا يعدو أن يكون إلا تبديلاً للأقنعة التي تتلقى أوامرها مباشرة من غرفة العمليات الأمريكية في قاعدة العيديد، الآمر الناهي في تحديد مستقبل قطر وأسرة آل ثاني.
النهاية
جهینة نیوز