SHIA-NEWS.COMشیعة نیوز:
إلا ان حركة هذه المسيرة بدأت تضعف فنشطت الحضارة الجاهلية المفسدة وبدأ التراجع والتقهقر في حركة الحضارة الاسلامية، وحرم الانسان من العيش في ظل الايمان والعدل والسلام، وانتشر الظلم في ربوع الارض وطغت الشرور الجاهلية حتي كادت الآمال تخبو واليأس يدب في قلوب المؤمنين، لولا وعد الله بنصر دينه العظيم واقامة العدل الشامل وتصفية بؤر الشر والفساد وتحقيق التغيير الشامل علي يد مصلح للبشرية يقيم سنن الانبياء وبيني الحياة علي اساس القرآن والسنة النبوية المطهرة، وهو (مهدي هذه الامة) كما سماه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في روايات عديدة وذلك وعد حق نطق به القرآن الكريم ووعدت به الكتب الالهية.
فكان المصلح والامل الكبير الذي يحطم أوثان الجاهلية الحديثة ويملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.ونذكر بشكل موجز جدا ماورد عن هذا الوعد الالهي المحتوم والقاطع في القرآن المجيد، فقد اشار الله تعالي في محكم كتابه الكريم الي ظهور المصلح العظيم - المهدي - كما ذكر المفسرون ذلك وهو:
* (ولقد كتبنا في الزَبور من بعد الذكر أن الله الارض يرثها عبادي الصَالحون). الانبياء /105.
* (هو الذي أرسل رسُولهُ بالهدي ودين الحق ليُظهرهُ علي الدَين كُله ولو كره المشركون). التوبة /33.
*(ونُريدُ أن نمنَ علي الذين اسُتضفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين). القصص / 5.
كما سجلت كتب الرواية والحديث العديد من الروايات التي اخبر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) امته عن المهدي وشخصيته وانه يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ومن ذلك نفهم ان الايمان بوجود المهدي المصلح عليه السلام عقيدة اسلامية يؤمن بها المسلمون جميعا.
ان قضية الإمام المهدي المنتظر الذي بشر به الاسلام وبشرت به الاديان من قبل، قضية انسانية قبل ان تكون قضية دينية او اسلامية، فانها تعبير دقيق عن ضرورة تحقق الطموح الانساني بشكله التام.
وقد تميز مذهب أهل البيت عليهم السلام بالاعتقاد بالإمامة محمَد بن الحسن المهدي عليه السلام الذي ولد في ليلة النصف من شعبان سنة 255 للهجرة النبوية الشريفة، في مدنية سامراء، شمال العراق، وأستلم زمام الامر وتصدي لمسؤولياته القيادية سنة 260 للهجرة وهو الان حي يرزق يقوم بمهامه الرسالية من خلال متابعته الأحداث فهو يعاصر التطورات ويرقب الظروف التي لابد من تحققها كي يظهر الي العالم الانساني بعد ان تستنفذ الحضارات الجاهلية كل ما لديها من قدرات وطاقات، وتتفتح البشرية بعقولها وقلوبها لتلقي الهدي الالهي من خلال قائد قادر علي قيادة العالم اجمع كما يريده الله تعالي له.
وهذا الامام الثاني عشر هو من أهل البيت الذين نصَ الرسول الاعظم صلي الله عليه وآله وسلم علي إمامتهم وبشَر بهم وبمستقبلهم، امته، وقد تحققت ولادته في ظروف حرجة جدا لم تكن لتسمح بالاعلان العام عن ولادته، ولكن أباه الامام الحسن العسكري عليه السلام وعدَة من اهل بيته وأقربائه كحكيمة ونسيم وغيرهما قد شهدوا ولادته واعلنوا فرحهم وسرورهم بذلك، واطلع شيعته واتباعه علي ولادته وحياته وانه امامهم الثاني عشر الذي بشر به خاتم الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم ) وبعه نشاط الامام المهدي (علیه السلام) نفسه طيلة خمس سنوات من أجوبة المسائل والحضور في الاماكن الخاصة التي كان يؤمن فيها عليه من ملاحقة السلطة.
وبعد استشهاد أبيه (علیه السلام) اقام الادلة القاطعة علي وجوده حتي استطاع ان يبدد الشكوك حول ولادته وامامته ويمسك بزمام الامور ويقوم بالمهام الكبري وهو في مرحلة الغيبة الصغري كل ذلك في خفاء من عيون الحكام وعمَالهم.واستمر بالقيام بمهامه القيادية في مرحلة الغيبة الكبري بعد تمهيد كاف لها وتعيينه لمجموعة الوظائف والمهام القيادية للعلماء، الامناء علي حلاله وحرامه، ليكونوا نوابه علي طول الغيبة الكبري وليقوموا بمهام المرجعية الدينية في كل الظروف التي ترافق هذه المرحلة حتي تتوفر له مقدمات الظهور للاصلاح الشامل الذي وعده الله تعالي به الامم.لقد بدات غيبته الكبري سنة ( 329) للهجرة ولازالت هذه الغيبة مستمرة حتي عصرنا هذا.
وقد مارس الامام محمد بن الحسن المهدي عليه السلام خلال مرحلة الغيبة الصغري نشاطا مكثفا وهو مستتر عن عامة اتباعه لتثبيت موقعه كامام مفترض الطاعة وانه الذي ينبغي للامة تنتظر خروجه وقيامه حين تتوفر الظروف الملائمة لثورته العالمية الشاملة.وقد واصل الامام المهدي المنتظر عليه السلام ارتباطه بأتباعه من خلال نوَابه الاربعة خلال مرحلة الغيبة الصغري، غير أنها انتهت قبل ان تكشف السلطة محل تواجد الامام ونشاطه وانقطعت الامة عن الارتباط بوكلائه عند اعلانه انتهاء الغيبة الصغري وبقي يمارس مهامه القيادية وينفع الامة كما تنتفع بالشمس اذا ظلها السحاب.
وقد ترك الامام المهدي المنتظر عليه السلام للامة الاسلامية خلال مرحلة الغيبة الصغري تراثا غنيا لايمكن التغافل عنه.وهو لايزال يمارس ما يمكنه من مهامه القيادية خلال مرحلة الغيبة الكبري، وهو ينتظر مع سائر المنتظرين اليوم الذي يسمح له الله سبحانه فيه ان يخرج ويقوم بكل استعداداته وطاقاته التي اعدها وهياها الله له ليملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان تملأ ظلما وجورا، وذلك بعد ان تتهيأ كل الظروف الموضوعية الازمة من حيث العدد والعدَة، وسائر الظروف العالمية التي ستمهد لخروجه وظهوره كقائد رباني عالمي، وتفجير ثورته الاسلامية الكبري وتحقيق الدين الحق وذلك حين ظهوره علي الدين كله ولو كره المشركون.
ان الدعوة الحقة التي دعا اليها القرآن الكريم واوضحها الرسول الهادي (صلى الله عليه وآله وسلم ) هي دعوة العمل والجهاد والاصلاح وتربية الذات واصلاح المجتمع لتهيئة الارضية المناسبة لمرحلة الاستخلاف المنتظر في الارض لا دعوة تقاعس وتفرج وخنوع.اذا لابد من الاهتمام بقضية الامام المهدي عليه السلام بجدية كقضية عقائدية، وربط الانسانية بمصلح منتظر والعمل الجاد من اجل الالتحام بقيادته المرتقبة والسير تحت لواء مصلح عظيم لتنمية روح الجد في الاصلاح ولابد من الاكثار من الدعاء والتوجه الي الله سبحانه وتعالي وتربية النفس والمجتمع والعمل الجاد لاصلاح المجتمع ومحاربة الفساد من اجل تهئية اجواء الظهور.
وينبغي ان نشير اخيرا الي دورة تاريخية قد بدات تباشيرها تتجسد علي مسرح الحياة البشرية، فاصبح المشروع الاسلامي هو المشروع الحضاري والنظام الاجتماعي الذي ينادي به المسلمون في كل انحاء العالم، وماهي هذه الحركات الشعبية والصحوة الاسلامية في الكثير من دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الا حركات تمهيدية لظهور الامام المهدي عليه السلام ومؤشرات قوية تدفع المسلمين نحو العمل من اجل اقامة الحياة الاسلامية وتطبيق احكام الشريعة المقدسة.
النهاية
العالم