SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
تذكر الواشنطن بوست أنه في مطلع عام 2008 أقتنع كبار القادة العسكريين في الولايات المتحدة أن الجهاديين الذين يشنون هجمات منظمة وناجحة على القوات الأمريكية في العراق يستخدمون منتدى حواري في الإنترنيت للتنسيق والتواصل بينهم ، هذا المنتدى في الأصل تم إعداده من قبل الحكومة السعودية وجهاز المخابرات الأمريكية لغرض الكشف عن مخططات الأطراف الجهادية داخل المملكة .
لا يتوقف الأمر عند هذا فحسب بل أن الموقع والذي بنته كل من السي أي إيه والسعودية كان بالنسبة لهم ( وعاء عسل ) لجذب أكبر قدر ممكن من المستخدمين ، فيما بعد تتم مراقبته وبشكل سري بواسطة مكاتب الاستخبارات العالمية لفرز الأشخاص حسب الأهمية والأولية وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات وهذا ما صرح به ثلاثة موظفين سابقين ، الموقع بحد ذاته كان ملاذا آمنا لعملاء المخابرات السعودية وداخليتها والذين استطاعوا من خلاله القبض على أكبر قدر ممكن من الأشخاص . إلا أن الخلل تسرب لكل هذه المنظومة حين بدأ الأعضاء بتحويل المنتدى لمنصة تنسيقية لدخول العراق ومن ثم العمل على مواجهة القوات الأمريكية .
القوات الأمريكية والقيادة العليا وتحديدا ( الجنرال راي اوديرو ) القائد الأمريكي في العراق طالب بشكل صريح وواضح إغلاق الموقع لما يحمله من تبعات قتالية مؤلمة على جنوده المحتلين ، وفي خضم السجالات الحاصلة بين كل من قيادة الجيش ورجال الاستخبارات كان الامتعاض واضحا من جانب الطرف الأول الذي كان يرى أن الموقع المنشئ مخابراتيا (( كان يستخدم لتمرير معلومات عملياتيه )) بين المجاهدين ، في حين كان يصر رجال المخابرات أن الموضوع يستحق المتابعة لما له من آثار مستقبلية مهمه ( أي الاختراق والتصفية القيادية وإعادة التوجيه الذي في النهاية يخدم الخط الاستراتيجي العام بما في ذلك الأهداف السياسية العليا للإدارة الأمريكية ) .
حجم الانقسام داخل الأجهزة الأمريكية كان واضحا جدا فكل من مكتب الأمن القومي والقيادة المركزية و وزارة الدفاع والعدل كانوا يصرون على إغلاق تلك المواقع الآمنة للجهاديين ، وعلى ذلك نوه الجنرال جون ابي زيد أمام لجنة مجلس الشيوخ ، عام 2006 ، قائلا "لا بد أن نعترف أن الفشل في مجابهة هذه الأماكن الآمنة يعني مخاطرة شديدة لأمن بلادنا وأمن قواتنا في الجبهة" , على الجانب الآخر كانت وكالة المخابرات الأمريكية السي أي أيه ومركز مكافحة الإرهاب وعدد من أمراء آل سعود المتمكنين يرفضون بشدة هذا القرار .
أما النقطة الأهم في الموضوع فتكمن في عدم وجود قوانين تحدد صلاحيات أي من الأطراف المتنازعة بهذا الخصوص ، أربعة من رجال الاستخبارات الأمريكية وضحوا بشكل تفصيلي النقاط الموضوعية حول إبقاء أو إغلاق الموقع قائلين أننا بحاجة لسياسات أكثر وضوحا للتحكم في الحرب الإلكترونية ، فاستعمال الحواسب لأغراض استخباراتية أو بهدف إعاقة عدو تمثل أسئلة معقدة تنتظر إجابة شافيه وواضحة فمثلا -
1- متى يسمح بهجمة عبر الإنترنيت وخارج مسرح الحرب؟ ( لأن الموقع داخل في نطاق صلاحيات الحكومة السعودية وليس في مسرح العمليات العسكرية في العراق ) .
2- هل إزالة موقع يعتبر عملية سرية أم عملية عادية عسكرية؟ ( أي هل الموقع ضمن صلاحيات وكالة الاستخبارات الأمريكية أم داخل نطاق القيادة العسكرية الأمريكية ) .
3- هل يجب إخبار الكونجرس بذلك ؟ ( بمعنى إلى أي مستوى قانوني وإداري ترتقي العملية - لأن الموضوع ليس فقط مسح موقع على النت فالأمر له تبعات لا تحصى ومن على أوجه متعددة ) .
إن غياب التعليمات الواضحة بخصوص الحرب الإلكترونية ليست بجديده البته ، فهذه الأسئلة دفعت إدارة الرئيس الأمريكي بوش في نهاية فترته الانتخابية إلى إعادة تشكيل القوانين كلما اندفعت الإدارة نحو عملية مماثلة ( أي أنها لم تكن عملية واحده فريدة من نوعها ) ، على ذلك علق مدير سابق في السي أي إيه مايكل هايدن قائلا - فضاء الإنترنيت كان يتحرك بسرعة أكبر من عملية بناء سياساتنا .
كل تلك الإشكالات القانونية والسياسية ألقت بضلالها على الأشخاص المكلفين بعميلة إنهاء الموقع ، والأكثر من ذلك زادت من حدة الخلاف الحاصل بين كل تلك الأطراف ، هذا ما أعرب عنه أحد ضباط المهمة .
السعي الدؤوب للمحامين في وزارة العدل مع الحجة المقدمة من وزارة الدفاع والقائلة (( هنالك جنود يقتلون ، فهذا ما يحدث في النهاية ، ولن يكون بمقدور القيادة في العراق ولا السنتكوم إيقافه أو إعادته إلى الوراء )) حسمت المسألة بشكل كامل لصالح العسكر وبدت الطريق خالية من أية معوقات أمام عملية التنفيذ ، قرار الإزالة للموقع كلفت به مجموعة من العملاء التابعين للبنتاجون والموجودين في القيادة الشبكية الحربية في فورت ميد ، وتم تنفيذ العملية تحت برنامج أسمه ضد الاستعمال السيئ للإنترنت والموجه في الأصل للمجموعات الجهادية حول العالم للحد من استخدام المقاتلين الإسلاميين للمواقع والمجموعات الحوارية بغرض التجنيد والتحريك والتنظيم والنشر .
الخطوة التالي كانت ، نقل خبر القرار الأمريكي إلى الحلفاء المخلصين والمعنيين في العائلة الحاكمة السعودية ، بما في ذلك الموظفين السعوديين المشمولين بموضوع الموقع . عدد من الأمراء المتمكنين كانوا غاضبين للغاية بسبب هذه الخسارة ( إذا أردنا معرفة الأشخاص المعنيين فيجب أن نراجع ملف الصحوات في العراق وكيفية تفكيك الفصائل الجهادية بكل الوسائل الممكنة فكرية - عسكرية - مخابراتية - ايدلوجية - طائفية - ومذهبية ، بمعنى آخر سلطان وابنه بندر ، نايف بن عبدالعزيز ، وسلمان بن عبدالعزيز) ، أما المخابرات الأمريكية فامتعاضها ترجم على لسان موظف في مكافحة الإرهاب حيث قال - المعلومات الاستخباراتية قد تضيع ، وإن حصل ذلك فهذا بدوره سيؤدي إلى تضرر العلاقات ( أو التنسيق ) المشترك بين مكاتب الاستخبارات ـ كما أن المتطرفين سيرحلون إلى مواقع اخرى جراء هذا الفعل ، وقد فعلوا ، الموقع لم يكن فقط أنوب ضخ للمقاتلين الأجانب ، بل كان أيضا محطة حوار عامة للمتطرفين ) .
وإذا أردنا تحليل الاستراتيجية الاستخباراتية الأمريكية والتي عبر عنها موظف مكافحة الإرهاب فسنجد أنها تركزت مبدئيا على التصدي بفعالية للعناصر التالية - استمرارية صدى الرسالة ، استمراريه القدرة على اجتذاب مؤيدين ومناصرين ، القدرة على التجدد والنهوض المستمر ، وكل ذلك لا يمكن القيام به دون فهم واستيعاب كامل لطبيعة التفكير السائدة ومعرفة الحجج التي تدعم تنظيم القاعدة والفكر الجهادي والثوري الإسلامي عموما حينها يمكن الاختراق وزرع بذور الفتنة والشقاق بين كافة الأطياف , والأكثر من ذلك والأهم العزل عن النسيج الطبيعي والحاضن الشعبي ومن خلال كل ما يمكن من وسائل - الأخطاء التاريخية - الثغرات الأيدولوجية - الضعف السياسي إلخ ...
كما أن أستباق التشكيلات والخلايا التنظيمية الأولية وتفتيتيها قبل قيامها وانتشارها يعد حيويا في مشروع مكافحة الإرهاب ، هذا الخط بالمناسبة وجدنا صداه في تفجيرات بوسطن ومناطق أخرى عربية وعجمية أي أن الأمر وعبر التطور الطبيعي والسلوكي لرجال المخابرات وبعد أن تم تصفية العقول التنظيمية من الميدان دفعوا أنفسهم ليحلوا محلهم كمنسقين وموجهين ومن ثم معتقلين ( وإلا لا مبرر لوظائفهم ) !!! هذا الخط السلوكي والمنتهج بطبيعة الحال ينقل الولايات المتحدة وإداراتها الدموية من مربع الدفاع إلى مربع الهجوم ، وهذا فعليا ما حدث !!!
وعودة لصلب الموضوع ، على الجانب التقني كانت هنالك ايضا مصاعب متعددة عبر عنها أحد الموظفين بقوله - حتى تزيل موقع في الدولة X فقد تضطر إلى إزالة مزود كامل في الدولة Y ، نظرا لعدم وجود حدود في عالم الإنترنيت . إزالة الموقع الأمريكي السعودي المشترك تسبب في إيقاف أكثر من 300 سيرفر في كل من السعودية المانيا وتكساس . بعد العملية أظهر المسؤولون السعوديون مدى خيبة آمالهم جراء هذا الفعل ، علق أحد الموظفين في الجيش الأمريكي قائلا ، الجيش الأمريكي أغضب حليفا ، وتصرف خارج سلطاته . لقد تم بذل جهود حثيثة لإسكات الضجر والرفض السعودي والألماني .
تضارب الصلاحيات وحجم الوكالات والوزارات والشخصيات المشاركة في الحدث دفع بهذه القصة للعلن وليرفع الستار عن أكبر عملية استغفال رشفنا سمومها معا ونتائجها وقروحها لا زالت تنزف وإلى يومنا هذا ، فعلى سبيل المثال وأنا سأتحدث عن الشق الذي أعلمه وأترك ما لا أعلمه لراوي آخر ، فبعد عملية الإغلاق سارعت المباحث السعودية والمخابرات العربية لاعتقال الكتاب وزجهم في السجون فهذا مطارد وذاك مداهم وآخر لا يعلم عنه حس ولا خبر ، فتمت تصفية خيرة الشباب عمريا عبر أحكام جائرة وقسرية وسخيفة حقيرة . العجيب في الموضوع أن الواجب على من نجى من المداهمات والمرتبط بإدارة المواقع كان من المتعين عليه وضع بيان تفصيلي وتحذيري في المسالة فهو واجب شرعي لا مناص منه و وزره سيلاحق صاحبه إلى يوم يبعثون وما بعد يوم يبعثون ، أليسوا إخوانكم في الدين أو ليسوا أنصاركم في المعركة أم أنهم لا شيء ؟؟؟ وإذا كنتم غير قادرين على حماية إخوانكم بتحذير بسيط أو بيان فعلى أي مبدأ تعيشون ؟؟؟
إدارة شبكة الحسبة وعبر مركز اليقين وضعت الإعلان التالي والذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، فالصياغة تفيد أن الموضوع موازي لأحداث سابقة كانت تطرأ بين فترة وأخرى نتيجة هجوم أو تعطل في الخادم إلخ .. بدون تعليق !
وبعد ذلك بسنة تقريبا أي بعد أن تمت التصفية الكلية مخابراتيا أستيقظ مركز الفجر للإعلام ليخبرنا بتفاصيل كان الجزء الأعم من الكتاب ( وحتى المجاهدين بل وقادة المجاهدين وأمرائهم ) قد ذاقوه على جلودهم ودفعوا فواتيره بباهظ الأثمان ليخبرنا بالذي حصل دون أن يعطي أو يروي كل الحقيقة ....
النهاية
الجوار