نشرت صحيفة الحياة مقالا استعرض فيه الكاتب علي القاسمي الجريمة التي ارتكبها احد دعاة الوهابية في السعودية ( فيحان الغامدي ) المدمن المنحط سابقا والداعية حاليا بحق ابنته التي لم تبلغ الخامسة من العمر وتبريراته السخيفة للقيام بهذا العمل الشنيع .
رمز الخبر: 3740
16:00 - 06 February 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز : شیعة نیوز: وقال الكاتب في مقاله : قضية هذا الداعية ملأت الساحة الاجتماعية غضباً وفزعاً، وكانت تحمل ما يكفي من الاحتقان تجاه «الأب/ الداعية»، إذا ما عُلِم بأن الداعية كان يتحفنا بخطبه العصماء، ونصائحه من خلال منابر المساجد والمناشط الدعوية، حتى كدنا نحسبه آية زمانه، وخطيب عصره، وهذا ليس ذنبه، بل ذنب الذين مرروه، ومرروا غيره، ودفعوا به وبهم إلى مقاعد ليسوا أهلاً لها، من دون تدقيق لتجاربهم، وإحضارهم في حالة نضج كاملة، وبسير ذاتية مطمئنة نؤمن من بعدها وقبلها أننا إزاء الرجل المناسب في المكان المناسب .
واضاف : لا أعتب على شخص الداعية بقدر ما أعتب على من دافع عنه لحظة الجنون، وبرّر جريمته المخزية، وحاول جاهداً إخراجها من السياق الذي كانت فيه، محوّلاً إياها لتأليب شعبي، وتحامل مبالغ فيه، لكون المذنب مجرد «داعية»، وكأنه يريد أن يقول إن الدعاة منزهون.
وقال : سأظل أدعو على من يناضل ويتحمس من دون عقل ليقنعنا بضرورة التعامل مع الدعاة على أنهم قادمون من كوكب آخر، ولكم أن تشاهدوا بعض دعاتنا كيف أنه ينتقل بطابور من الحرس الشخصي أو الأحباب لتبسيط الفعل المصاحب، وسأدعو أيضاً على من يصرّ على أن يضع للتائب مكانة اجتماعية عبر تطويع المنابر له، ومن ثم تطويع البسطاء معه، ولا تستغربوا الدعاء لأنه اللغة التي تعلمناها من فمهم حين يغضبهم رأي أو يوجعهم طرح.
واستطرد قائلا : جريمة الداعية (الوهابي) تتلخص في تعذيبه ابنته ذات الأعوام الخمسة حتى الموت لشكوك انتابته في عذريتها، وجريمتنا نحن نوجزها في أن الحكم الصادر عليه انحصر في إلزامه بدفع الدية في مقابل إسقاط جميع التهم. هناك من يقسم بأن هذا الحكم المخفف على داعيتنا «البريء فجأة» ناتج من كونه داعية سابقاً، وهذه آراء اجتماعية نحاول مسحها وتجاهلها لكن الحكم السابق يعززها ويعمقها.
وقال القاسمي ان قراءتنا الغاضبة لشيء من فضائحنا الاجتماعية لا توازيها مساطر حساب وعقاب تخفف من حدة الغضب وتقلّص لغة الشكوك، لتتركنا في مأمن من مستقبل لا يمكن التنبؤ بحوادثه وجرائمه واضاف : على وزارة العدل ، وهي أعرف بحدة الجرح الذي سببه هذا الداعية بجريمته، أن تتجرأ وتنزل للمواطن الخائف والمنزعج من هذا الحكم، وتضع أسطراً شرعية أو عامة تشرح بإيجاز سر الحكم، ولماذا كان بهذه الطريقة؟ فقد نكون متسرعين في التقاط قشور القضايا من دون اللب منها، وليت أن القشور التي حفظناها لم تكن بمفردتَي الاغتصاب والقتل حتى لا يصدم الرأي المحلي بالحكم.
وتابع : النقاش الذي يتم تداوله حالياً تجاه تداعيات الحكم هو نقاش سيدخل دائرة لا تقبل إلا التأويل والاستغراب والخوف من أن يتم تناول القضايا المشابهة القادمة بالحكم ذاته أو ما يقاربه في التخفيف، ولكن بالمقارنة بما نملكه من تفاصيل نشرت في وسائل الإعلام، فالحكم محط استغراب، وسيظل حديث الألسن لزمن مقبل، ما لم يأتِ شيء من التفنيد العاجل المختصر لما خفي علينا، أو فلتكن هذه الجرائم قيد الكتمان، ولا تعلن للمجتمع العاطفي والإنساني، وهذا ما أظنه المستحيل بعينه.
يشار الى ان الغامدي وبعد ان طلق اباه امه لم يجد من يرعاه في صغره، فبدا حياة الضياع والتشرد والادمان ، فأخذته جدته لأبيه ، وعاش في كنفها حياة المشردين والخدم، فكانت تضربه وتقسو عليه وتكويه بالنار.
فأخذ يتنقل من بيت لآخر، وكان منهم من يطرده، ومنهم من يسمعه الكلام الجارح والسيئ، ليجعلوا حياته جحيما لا يطاق".
ترك الغامدي الدراسة في التاسعة من عمره وبدأ بالبحث عن والدته المتزوجة لكنها لم تتقبله ليعود من جديد إلى حياة الضياع، ويتحول الى دار الأيتام في مدينة أبها، ومكث فيها حتى الثالثة عشرة من عمره . لكنه بعد ذلك بدأ رحلة الدمار، وتعاطى المخدرات، ودخل مراكز معالجة المدمنين عدة مرات لكنه لم يفلح في ترك الادمان".
وفجاة تحول هذا الرجل المدمن المنحط في ليلة وضحاها الى داعية ومعالج اجتماعي ونفسي ينصح الشباب بالابتعاد عن الشرور، والرجوع إلى الله جل شأنه. ومثل هذه الامور غير مستبعدة في مجتمع يعيش منتهى التخلف في كافة مفاصله سياسيا ودينيا .