SHIA-NEWS.COM شیعه نیوز:
شیعة نیوز: لا تنقص العراق الجرأة لأن يعبر عن رؤيته وفهمه لما يجري الان في المنطقة. ولا ينقص العراق الوضوح المطلوب في التعبير عن هذه الرؤية. وبلغة عربية سليمة، يقول العراق:"اننا نشعر بقلق عميق من تنامي الظاهرة الطائفية في المنطقة التي اشعل فتنتها الاولى تنظيم القاعدة الارهابي والجماعات المسلحة."
كان سقوط نظام صدام الدكتاتوري المتخلف، وما زال، فرصة ذهبية بالنسبة للمنطقة للتحرك الجماعي المنسق والمنظم باتجاه التكامل الاقتصادي والتفاهم السياسي، كما كان سقوط هتلر والنازية فرصة بالنسبة لاوروبا للتحرك بنفس الاتجاه. الان اوروبا اضحت بجواز سفر يحمل اسم الاتحاد الاوروبي وعملة واحدة وبرلمان واحد واختفاء فعلي للحدود ومخافر الحدود ونقاط الشرطة والجوازات بين دول اوروبا. صار الان المواطن الاوروبي يتجول في كل ارجاء اوروبا بالبطاقة الشخصية، بدون تأشيرة او فيزا او ما شابه. قبل ستين سنة كانت دول اوروبا تتقاتل في ما بينها على متر هنا ومترين هناك.
كان بامكان منطقتنا ان تستثمر الفرصة التاريخية التي اتاحها سقوط النظام الدكتاتوري للانتقال الى مرحلة تاريخية جديدة في التكامل والتنمية والاستقرار والتعاون الاقليمي. لم يتحقق هذا، لأن قوى معينة، بغض النظر عن تسميتها الآن، عملت على دفع المنطقة باتجاه آخر، بدل التعاون، الى التصارع، وبدل التكامل الى الاختلاف، وبدل ان تقترب شعوب المنطقة ودولها من بعضها البعض بشكل اكبر، الى افتعال الازمات والخلافات التي يعود بعضها الى أزمان تاريخية سابقة.
ونحن نعرف الان الى اي مدى مؤسف جعلت هذه القوى، وادواتها المحلية و لاسيما القاعدة، العراق يدفع الثمن الباهظ في هذا الاتجاه. وبحجة مقاومة الاحتلال صار مسلحو هذه الجماعات يقتلون الناس على هويتهم المذهبية. وصارت ادبيات هذه الجماعات تستخدم لغة كانت رائجة في ازمان فائتة في وصف الجماعات المستهدفة من روافض وصفويين ونواصب وغير ذلك، مما نجده في بطون الكتب العتيقة الصفراء، ومما تساهم في تحفيز الناس على الاقتتال الطائفي والقطيعة الاجتماعية.
بعد تطورات "الربيع العربي" تسارع جهد هذه الاطراف باتجاه نقل الاستقطاب الطائفي من محيطاته المحلية الى المحيط الاقليمي الاوسع، لتدخل المنطقة برمتها في مستنقع الاستقطاب الطائفي الاقليمي، وبدل ان تكون المنطقة حاوية على دول مدنية حديثة تصبح المنطقة مسرحا لصراعات قبلية وطائفية ومجموعات لا تنتمي الى روح العصر.
ان العراق يخشى فعلا من هذا المنحى، ويخشى ان تنزلق المنطقة الى اتون الاستقطاب الطائفي، الذي سوف يحرق الاخضر واليابس، ويجهض كل احلام التنمية والتكامل والتلاقي بين شعوب المنطقة ودولها، ويخشى ان تكون سوريا بوابة هذا الانزلاق، خاصة وان هناك مؤشرات مثيرة للقلق بهذا الاتجاه. و خشية العراق هذه لاتعني عدم ايمانه بحق الشعب السوري الشقيق، مثله مثل كل الشعوب الاخرى، في اقامة نظام ديمقراطي حر يحترم حقوق الانسان والتعايش، فان هذا حق غير خاضع للمساومة والمداهنة والنقاش.
ويرى العراق ان من بين وسائل تجنيب المنطقة مثل هذا المنزلق هو التوصل الى حل سلمي سريع للازمة السورية عبر طاولة المفاوضات والتوقف عن تغذية ماكنة الاقتتال. مثل هذا الحل السريع والسلمي والسياسي يمنع المضاعفات السلبية التي قد تترتب على اطالة امد النزاع وتصعيد وجهه العسكري.
المصدر: الجوار
