SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز :
شیعة نیوز: في منطقة سترة المحاصرة بقوات درع الجزيرة في يوم 15 مارس 2011، تروي الطبيبة الشابة حنين قصتها مع سيدة ثلاثينية صادفتها في سترة، كانت حنين قد ذهبت صباحاً في سيارة إسعاف لإنقاذ المصابين في ذلك اليوم المرعب، نزلت مع السائق لانقاذ المصابين وعلقا في المسافة بين الشباب الذين تتم مهاجمتهم وبين سيارة الإسعاف. تقف سيارة تقودها سيدة في العقد الثالث من عمرها: اركبا سريعاً. تشق السيارة طريقها قبل أن توجه سؤالها إلى حنين: أنت طبيبة؟ تجيبها: نعم. تخبرها عن جرحى في أحد البيوت يحتاجون إلى معالجة ولا يستطيعون الخروج بسبب المحاصرة الأمنية. كانت حنين تحمل معها عدة الإسعافات الأولية. في ذلك البيت تعالج حنين 4 إصابات بالشوزن.
وبسبب الجيش الذي طوّق المنطقة بالكامل، بقى الجميع محاصراً داخل البيت، لم يتمكنوا من الخروج أو العودة إلى منازلهم، المرأة الستراوية تقول لحنين: لا تخافي، سأقوم بايصالك بمجرد أن يهدأ الوضع قليلاً في الخارج. قريباً من المغرب تنطلق حنين والسائق مع هذه السيدة في وضع مشحون بالرعب والموت، تقول حنين: "لم يكن في الشارع سوى تلك السيارة التي تقودها تلك المرأة الحديدية، المكان كله يختنق برائحة الغاز المسيل للدموع، كنت مرعوبة لكني كنت أشعر بدقات قلبها ثابتة، وأن أدرينالين الخوف لا يعرف طريقه إلى قلبها، أبناء هذه المرأة كلهم خرجوا منذ الصباح في المواجهات ولا تعلم عن مصيرهم شيئاً". في أحد الشوارع الفرعية، تفاجئهم عدد 12 من أجياب الأمن تأتي من الجهة المقابلة. الجميع جمد في مكانه فيما قامت المرأة الستراوية بلف السيارة على شكل الحرف U، وركنتها جانباً وأنزل الجميع من فورهم رؤوسهم تحاشياً للطلقات المباشرة. الغريب، أن سيارات الجيب مرت مسرعة دون توقف فيما يبدو أنها متجهة لمهمة مستعجلة. لم يصدق الجميع ما حدث، وأنهم نجوا، تنفسوا الصعداء، بهدوء قالت السيدة (الستراوية): الآن نستطيع مواصلة طريقنا.
هذه السيدة الستراوية ليست إلا واحدة من جملة النساء (المغمورات) المشاركات في الاحتجاجات في البحرين، لا تزال المرأة البحرينية الثائرة تشارك بقوة ربما لا تجد نظيرها في باقي الربيع العربي. في القرى والمناطق المشتعلة بالاحتجاجات، تخرج مسيرات يومية سوادها الأكبر هو المرأة، بعض المسيرات تتم الدعوة لها من قبل المرأة نفسها، تقوم بنشرها والتحشيد لها عبر الرسائل الهاتفية ومواقع التواصل الاجتماعي.
لن يكون غريباً أن ترى عدداً من الفتيات يرتدين عباءاتهن السوداء، يقفن عند أحد مداخل قريتهن التي يتهيأ أهلها للخروج في مسيرة احتجاجية، يجررن حاوية القمامة التي اعتاد المحتجون على إغلاق المداخل بها لإعاقة اقتحام أجياب الشرطة، وبعضهن يحملن أحجاراً ثقيلة لسد الشارع للسبب نفسه، فيما مجموعة من الفتية يغلقون مدخل آخر، وأخريات يقدن سياراتهن قريباً من مداخل المنطقة ليخبرن عن أي مداهمة أو كمين من قبل رجال الأمن.
وفي منطقة أخرى، سترى سيدة في العقد الثالث أو الرابع من العمر، تفتح باب بيتها وسط إغراق كامل للمنطقة بمسيلات الدموع عقاباً على الخروج في مسيرة احتجاجية، وتدعو الشباب إلى الدخول والاحتماء بداخله حتى يهدأ القمع.
سيدة أربعينية أخرى، تخبئ في بيتها الكبير، والذي يحتوي على ديوانية معزولة، عدداً من الشباب المطلوبين من قبل السلطة لأنهم طالبوا بالديمقراطية، تقوم بتوفير الوجبات لهم وحمايتهم من أعين المخبرين المترصدين بحثاً عنهم.
في العاصمة المنامة تتظاهر مجموعة من النسوة مطالبات بالديمقراطية، يتم قمعهن وإغراقهن بمسيلات الدموع، إحدى الفتيات تقف صامدة وسط سحابة كثيفة من الغازات البيضاء، ورجل أمن يرش مادة الفلفل الحارقة على وجه فتاة أخرى، وثالثة تتعرض للركل أو الدفع على يد آخر، ورابعة تعتقل، فيما تصرخ خامسة في وجه رجال الأمن مطالبة بحقها في التظاهر السلمي. يطلق سراح المعتقلات بعد أيام، ليعدن لممارسة حقهن في التظاهر من جديد. هكذا تحضر المرأة البحرينية في الساحات، بعباءتها السوداء المحافظة، وبلا أسماء مشهورة وبرّاقة، لكن بالكثير من القوة والتحدي من أجل الوصول إلى الديمقراطية.
المصدر: العوامیه