شیعه نیوز/ حتى كتابة هذه السطور ارتفعت حصيلة التفجير الذي وقع فجر الأحد 3 يوليو/تموز، في حي الكرادة إلى 120 شهيدا وأكثر من 200 جريح حالة العديد منهم حرجة ، وجلهم دون 20 عاما ، اي بعمر الورود ، ونعل اصغر واحد فيهم اشرف من "خليفة الدواعش ودولته القيطة” ، ولاعزاء لنا الا بوقف حفلات الدم "الداعشية” والى الابد .
لا اعتقد ، كما يعتقد البعض ، ان "داعش” تقتل لمجرد القتل ، فهذا التنظيم الارهابي صُنع من اجل تنفيذ اجندة سياسية ، تنتهي اما باعادة الاوضاع في العراق الى ما قبل عام 2003 ، او تقسيم العراق وشرذمة شعبه ، وكل ممارسات "داعش” وشقيقاتها منذ عام 2003 وحتى اليوم تصب في صالح تحقيق احد هذين الهدفين.
على الحكومة العراقية والاحزاب السياسية التي تدير العملية السياسية منذ عام 2003 والى الان ، ان تدرك ان الهدف الرئيسي من ممارسات "داعش” مثل التفجيرات والاغتيالات والقتل على الهوية ومذابح سبايكر وغيرها ، هو فصل الشعب عن الحكومة ، عبر خلق حالة من الاستياء والاحباط والتململ لدى الشعب ، الذي يمثل القاعدة التي يقوم عليها النظام والحكومة ، في حال لاسمح الله نجح "الدواعش” في تحقيق هذا الهدف ، فلن تقوم للنظام والحكومة والاحزاب السياسية قائمة ، لذلك على النظام السياسي والاحزاب السياسية وخاصة الحكومة وشخص رئيس الوزراء ، العمل باسرع ما يمكن لهزيمة "الدواعش” ، وان يكون تفجير الكرادة الدموي حافزا اضافيا في هذا المجال.
ان تفجير الكرادة اكد ان الفلوجة ليست مصدرا وحيدا للسيارات المفخخة التي تنفجر في بغداد ، فهناك حواضن ل”الدواعش” وسياراتهم المفخخة داخل بغداد وضواحيها، ولابد من التعامل مع هذه الحواضن بقبضة حديدية.
تفجير الكرادة اظهر ان السيارات المفخخة لم تنزل على اهل بغداد من السماء ، بل يتم نقلها الى الاماكن المستهدفة عبر الشوارع والازقة التي تسلكها باقي السيارات في بغداد ، وتعبر كل الحواجز ونقاط التفتيش الموجودة في العاصمة ، الامر الذي يؤكد ان الاجهزة المخصصة لكشف المتفجرات غير صالحة لهذه الغاية ، ولابد من اعادة النظر في آلية كشف المتفجرات.
تفجير الكرادة ، لا يمكن وصفه بانه اختراق امني ، فأمن بغداد مخترق من قبل بعض الاشخاص والجهات المندسة في النظام الامني ، فمن غير المعقول ان تتنقل سيارة براد وتحمل هذه الكمية من المتفجرات في بغداد بهذه السهولة لتصل الى الكرادة دون ان يعترضها احد.
تفجير الكرادة ، اكد ضرورة التعامل بقوة وحزم ، مع كل الاصوات "الداعشية” الموجودة في جسد النظام الحالي ، والتي كانت ومازالت تنفخ بنار الفتنة الطائفية ، لاسيما على خلفية معركة الفلوجة ، فهذه الاصوات ، المعروفة للعراقيين ، كانت صدى للدول الاقليمية الراعية ل”داعش” في العراق ، والتي وظفت كل امكانياتها السياسية والمالية والاعلامية لضرب النظام السياسي العراقي ، فالسكوت على هذه الاصوات اصبح بعد اليوم خيانة كبرى بحق الشهداء الذين سقطوا في تفجيرات "داعش”.
تفجير الكرادة بين ان من الخطأ القاتل الوقوع تحت تاثير الاعلام الخليجي الطائفي ، او الاخذ بنظر الاعتبار السياسات الطائفية لبعض الانظمة العربية الرجعية من تطورات العراق ، فهذا الامر اثر سلبا على الاداء الامني للحكومة ، وتسبب بازهاق ارواح عشرات الالاف من العراقيين ، لذا على المسؤولين في العراق ان يضعوا مصلحة الشعب العراقي فوق كل اعتبار ، فتلك الدول لم ولن ترضى على الحكومة العراقية مهما فعلت.
تفجير الكرادة ، اكد ضرورة توحيد عمل الاجهزة الامنية تحت اشراف قيادة موحدة ، وكذلك تطوير العمل الاستخباراتي ، اعتمادا على كوادر وطنية متخصصة ، ترصد خلايا "داعش”وهي نائمة.
تفجير الكرادة ، اكد ضرورة الاسراع في تحرير الموصل وكل الاراضي العراقية من "داعش” ، بمشاركة كل ابناء العراق وفي مقدمتهم الحشد الشعبي ، وعلى الحكومة ان تعتمد قائمة سوداء تدرج فيها كل صوت يمكن ان يعترض على مشاركة الحشد الشعبي في المعارك القادمة ، واحالة كل افراد هذه القائمة الى القضاء العراقي لمحاكمتهم بجريمة التواطؤ مع اعداء الشعب العراقي.
الهدف من كل هذه الاجراءات هو تجفيف منابع "داعش” الجغرافية والمادية والسياسية والاعلامية والدعائية في جميع مدن العراق وفي مقدمتها بغداد ، ولكن تبقى مواجهة "الدواعش” عسكريا واستئصالهم من العراق هو الاجراء الاقوى تاثيرا لاعادة الامن والاستقرار الى العراق ، وهذه الحقيقة لخصها مواطن عراقي يدعى حسين ، وهو جندي سابق وهو يتحدث عن استشهاد ستة من العمال كانوا يعملون في مخزن تملكه عائلته في الكرادة ، بقوله : "سألتحق مجددا بالمعركة، على الأقل هناك اعرف من هو العدو واستطيع قتاله”.
الوکالة الشیعية للأنباء