شیعة نیوز/ لم يعد الحديث عن النظام السعودي في الكتابات الغربية حديث القلقين على مكانة هذا النظام والمخاطر الوجودية المحدقة به فحسب بل من هذه التقارير ما تخطّى دائرة إصدار الإنذارات ورسم مستقبل المملكة بالرمادي حيث بات السؤال لدى البعض: هل نحن مستعدّون لما بعد آل سعود؟ .. في ظل سيناريو الانفجار الداخلي الذي هو واحد من سيناريوات ثلاثة محتملة ، إلى جانب سيناريو الحرب الخارجية ، أو حدوث تمرّد إمّا بصورة انتفاضة غير مسلّحة أو تمرّد جهادي .
و لا شیء یؤکد حتى حینه أنّ الدوائر الغربیة عموماً والأمیرکیة منها خصوصاً ، أنجزت الیوم خطّتها لسیناریو مماثل : ما بعد سقوط النظام. إلّا أنّ أحداً فی الغرب لم یعد على اقتناع بأنّ النظام السعودی لا یزال هو نفسه النظام المقتدر والمتخم بمقوّمات الصمود .
و تجدّد صحف الغرب و تقاریره الاستخباریة ، و معها تقاریر مراکز الدراسات وتقدیراتها ، إحصاءها فی کلّ مرّة حجم المآزق الاستراتیجیة التی تتقاذف المملکة السعودیة على خلفیة غیر ملف (الاقتصاد، النفط، الحکم، الأمن،...)، وهو ما صار تعدادها أو الاستشهاد بها باعثاً على الملل، منذ أن صارت الخبز الیومی للکتّاب الغربیین مع أحداث «الربیع العربی» قبل سنوات ، وتکثّفت فی الآونة الأخیرة مع انخفاض أسعار النفط ورحیل الملک عبدالله .
و هذا التکرار الممجوج لا یعنی بأی حال أن فی تصعید التقاریر الغربیة للهجة التشاؤمیة الکثیر من المبالغة، أو التعمّد السیاسی غیر الموضوعی للتصویب على نظام الریاض. فالواقع أثبت فی الأشهرة الأخیرة ولا یزال یثبت مصداقیة عدد من هذه التوقّعات .
و آخر هذه الکتابات کان تقریر موقع «دیفینس وان» الذی حمل عنوان «ابدؤوا الاستعداد لسقوط المملکة السعودیة» ، و هو للکاتبین ساره شایز (المستشارة السابقة لرئیس هیئة الأرکان الأمیرکیة المشترکة ومشارکة فی برامج مؤسسة «کارنیغی») والیکس دی وول (باحث وأکادیمی وخبیر شؤون عربیة وأفریقیة) . ویطالب معدّا التقریر حکومة الولایات المتّحدة بأن تکون جاهزة لمرحلة سقوط نظام آل سعود القادمة .
ویکشف التقریر أن صنّاع القرار فی واشنطن بدأوا بالفعل ، منذ وقت ، التخطیط لمرحلة انهیار المملکة السعودیة. ویرى التقریر أن السعودیة لیست دولة حقیقیة، بل «شرکة سیاسیة تتّبع نموذجاً ذکیاً ولکنه لیس قابلاً للاستمرار»، مشبّهاً الملک السعودی بـ«الرئیس التنفیذی لشرکة تجاریة عائلیة تحوّل النفط إلى دفعات من أجل شراء الولاء السیاسی، سواء عبر الدفعات النقدیة أو الامتیازات التجاریة لأعداد السلالة الحاکمة المتزاید، أو من طریق تأمین بعض المنافع وفرص العمل للمجتمع» .
وعن الشکل الثانی من شراء الولاءات السیاسیة یشیر تقریر «دیفینس وان»، المعروفة بقربها من وزارة الدفاع الأمیرکیة، إلى وجود «طبقة سنّیة مثقّفة منفتحة على العالم الخارجی بشکل غیر مسبوق، ما یرجّح عدم بقائها راضیة ببعض الخدمات التی یقدّمها الحکّام». ویسأل الکاتبان عمّا سیحصل فی حالة ارتفاع «ثمن الولاء السیاسی» حیث «السوق السیاسیة تخضع أیضاً لنظام العرض و الطلب» ، خاصّة أنّ هذه المخاوف تترافق مع سیاسة توسیع إنتاج النفط فی ظلّ الأسعار المنخفضة، وهو ما قد یرتدّ حاجة ماسّة إلى الإیرادات والضرورات .
وهذه السیاسة النفطیة التی یشیر إلیها تقریر «دیفینس وان»، والتی اتبعتها الریاض فی الأشهر الماضیة، تتکشّف الیوم عن فشل لم یعد معه النظام السعودی قادراً على الاستمرار فی اللعبة حتى الآخر، وهو ما تعنیه موافقة السعودیین على مقترح تحدید کمّیة التصدیر.
لکن ما یجعل المحلّل الفرنسی «تیری میسان» موافقاً على تشخیص مستقبل السعودیة فی تقریر «دیفینس وان» هو الصراعات داخل العائلة المالکة، وإن کانت قد انتهت ظاهریاً. أما الأمر الآخر الذی یضیفه، فی مقاله تحت عنوان «نحو انهیار المملکة العربیة السعودیة»، فهو تعامل النظام السعودی مع معارضیه، حیث توقّع الکاتب أن تجد السعودیة نفسها أمام «مزیج من حرکات التمرّد القبلی وثورات اجتماعیة ربّما تکون أشدّ فتکاً ودمویة من کلّ ما شهده الشرق الأوسط من صراعات».
و فی تحلیله الذی نشره "معهد واشنطن لسیاسة الشرق الأدنى" قبل أیام (16 شباط)، رأى سایمون هندرسون أن عدداً قلیلاً من الناس یشکّ فی خصومة ولیّی العهد محمد بن نایف ومحمد بن سلمان ، مستبعداً أن یکون التوتّر بین الرجلین قابلاً للاستمرار ضمن هیکل السلطة السعودیة، وفی حال المواجهة «ترجح الکفّة لمصلحة الأمیر محمد بن نایف، باعتبار أن القوات شبه العسکریة الکبیرة المعروفة بالحرس الوطنی (الذی یتمّ تجنیده على أساس قبلی) هی تحت إمرة متعب بن عبدالله الحلیف المقرّب من بن نایف» .
وبالعودة إلى «دیفینس وان» ، فإن سیناریو الانفجار الداخلی هو واحد من سیناریوات ثلاثة محتملة، إلى جانب سیناریو الحرب الخارجیة، أو حدوث «تمرّد إمّا بصورة انتفاضة غیر مسلّحة أو تمرّد جهادی»، قبل أن یختم دی وول وشایز بالتأکید على وضع الولایات المتّحدة السیناریوات الثلاثة موضع الاعتبار والکف عن «التفکیر الأوتوماتیکی» الذی طبعت به السیاسة الأمیرکیة تجاه السعودیة على الدوام.
الوکالهَ الشیعیهَ للانباء