SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
في الاروقة الديبلوماسية لاحد البلدان الخليجية كلام قاطع حول رسالة بعث بها ابو محمد الجولاني الى اولياء الامر في احدى الدول العربية وفيها اكثر من صيحة استغاثة «ابو بكر البغدادي توعدّ بان يذبحني ويبعث برأسي اليكم في كيس لعلف المواشي».
الرسالة مقتضبة لكنها صارخة، وفيها شكوى مما بدأ الاخرون يشتكون منه وهو ان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على وشك ان يلتهم «جبهة النصرة» وشقيقاتها بعدما كان الرهان على ان تذوب «داعش» في ذلك الكوكتيل العجيب من الجماعات الجهادية. العكس هو الذي حدث اعلنت دولة الخلافة واعلنت الخليفة.
ثمة من يتحدث عن فضيحة في تلك الدولة العربية بعدما وضع الاميركيون بين يدي كبار المسؤولين فيها معلومات موثقة حول كون شخصية حساسة ومسؤولة جداً ذهبت الى ابعد مما هو مخطط له في دعم «داعش» حتى بدا من احدى الوثائق كما لو انه بات المرجع العقائدي والمالي وحتى الاستراتيجي للتنظيم ولاغراض تتعلق حتى بمستقبل الاوضاع في الدولة اياها.
ويقول ديبلوماسي خليجي في هذا السياق ان نوري المالكي بات حالة لا تطاق. يتصرف كما لو ان السلطة تحولت لديه الى ظاهرة مرضية او الى ظاهرة شكسبيرية اذا جاز التعبير. كان يحسب ان كل من يرفع الصوت في وجهه، ولو كان من قبيل الانتقاد المخملي، انما يعمل لازاحته عن السلطة اما للحلول محله او بدفع ما من جهة داخلية او خارجية.
الديبلوماسي لا يتورع عن تحميل المالكي تبعة كل الانهيارات الامنية والسياسية التي تحدث في العراق، ولكن ليستدرك قائلاً ان الذي حدث لازاحة الرجل انما كان عبارة عن سيناريو جهنمي يمكن ان يشعل النيران في سائر ارجاء المشرق العربي.
والديبلوماسي اياه يؤكد ان بلاده كانت تعلم بأن ثمة من يدفع الامور الى تلك اللحظة الكارثية، وانها نبهت الى ذلك، اذ ان ذلك الطوفان من السيارات المفخخة والذي كان يتوخى تعرية نوري المالكي انما كان يزعزع مفاصل الدولة في العراق والتي فقدت الحد الادنى من صدقيتها مع استشراء الفساد، والاستئثار على نحو جعل العديد العديد من العراقيين يعيشون الابوكاليبس وعلى مدار الساعة.
وهو يقسم ان بلاده نصحت بكسر جبل الجليد مع طهران، وقد تحول، فعلياً، الى جبل النار، على ان يتم بحث الملف العراقي معها وبالعمق بعد ما كثر اللاعبون وبالصورة التي بدا معها ان العراق على وشك الانفجار، وهو الامر الذي ليس في مصلحة اي من دول مجلس التعاون الخليجي او اي من الدول العربية، حتى ان رجب طيب اردوغان بالغ كثيراً في لعبة الشطرنج والى تلك اللحظة التي سقطت فيها كركوك، التي طالما اعتبرها المدينة التاريخية للتركمان، في يد مسعود برزاني .
بطبيعة الحال واجه اردوغان مأزقاً من نوع آخر. هو الذي كان يدعو بشار الاسد بـ «الشقيق العزيز» قبل ان ينقلب عليه ويشير اليه باصبعه ان يرحل وفي مواعيد كان يحددها بلغة الصدر الاعظم، لم يعرف كيف يتصرف مع برزاني الذي اعلن انه مستعد للتوجه من اربيل الى كركوك للدفاع عنها. الدفاع عنها في وجه من؟
من خطط لاستخدام «داعش» تكتيكياً لاحظ، بعد فوات الآوان، ان الامور لا تمضي استراتيجياً لمصلحته. لمصلحة البغدادي الذي لا يؤمن باي حدود كونها صناعة صليبية ولا بالشخصية القومية للعرب كونها هرطقة ابتدعها اهل الضلال لجر العرب الى التيه عن دينهم الحنيف.
اللافت هنا ان اي صوت عربي لم يرتفع ضد احتلال البيشمركة لكركوك واعلان حكومة اقليم ( بل دولة) كردستان تحريرها وعودتها الى الدولة الام، وهي التي تتالف مثالثة من العرب والاكراد والتركمان, حتى ان صدام حسين الذي طالما دفع العراق ومعه العرب الى ذلك المسلسل من الكوارث تنبّه الى محاولات منهجية لتغيير هوية المدينة حاول تكثيف الحضور العربي فيها.
كركوك التي ليست باي حال مدينة عادية، والذين يدعون الى اقليم سنّي غابت اصواتهم وهم يشاهدون المدينة تسقط من خارطة الاقليم الذي يفتقد، في هذه الحال, المورد النفطي الاساسي الذي يوفر له الازدهار الاقتصادي والسياسي، فاي اقليم سنّي من دون كركوك؟ وهل يعتاش الناس من الرمال فيما انقرة تتحكم، مزاجياً بمجرى نهر الفرات ودون اي اعتبار للقوانين الدولية ولا لاحتياجات الدول المشاطئة، وهي التي تقول بالاسلام وبالاخوة بين المسلمين التي يبدو انها تعني تحديداً ...«الاخوان المسلمين»؟
من يقول ان اصابع كثيرة احترقت في العراق نقول له ان رؤوساً كثيرة احترقت هناك بسبب تلك الغيبوبة القبلية التي عمل كتّاب واعلاميون عرب على تعميقها كما لو ان الشمولية ( التوتاليتارية) ليست موجودة سوى في سوريا وفي العراق، وكما لو انه الذين سعوا الى تحويل الربيع العربي الى حقول من الحرائق، ودون تبرئة اي نظام بطبيعة الحال، انما تتلمذوا على يدي افلاطون او توماس جيفرسون او ابي ذ ر الغفاري.
هذه لحظة مفصلية في تاريخ (وجغرافية) العراق وفي تاريخ (وجغرافية) العرب، فلماذا ما زال الكتاّب والاعلاميون اياهم يحّملون ايران المسؤولية عن كل مصائبنا. لا مسؤولية على عاتقنا، ولا اميركا هناك، ولا اسرائيل هناك، ولا تركيا هناك وانظمتنا، كما تعلمون، هي مثال للعدل والديمقراطية وللارتقاء ببني البشر.
اذا كنا من قش فلا احد يمكنه ان يمنع النيران ( اي نيران) من ان تفعل فعلها! وبالفعل انها تفعل فعلها!!.في الاروقة الديبلوماسية لاحد البلدان الخليجية كلام قاطع حول رسالة بعث
بها ابو محمد الجولاني الى اولياء الامر في احدى الدول العربية وفيها اكثر
من صيحة استغاثة «ابو بكر البغدادي توعدّ بان يذبحني ويبعث برأسي اليكم في
كيس لعلف المواشي».
الرسالة مقتضبة لكنها صارخة، وفيها شكوى مما بدأ الاخرون يشتكون منه وهو ان
تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام على وشك ان يلتهم «جبهة النصرة»
وشقيقاتها بعدما كان الرهان على ان تذوب «داعش» في ذلك الكوكتيل العجيب من
الجماعات الجهادية. العكس هو الذي حدث اعلنت دولة الخلافة واعلنت الخليفة.
ثمة من يتحدث عن فضيحة في تلك الدولة العربية بعدما وضع الاميركيون بين يدي
كبار المسؤولين فيها معلومات موثقة حول كون شخصية حساسة ومسؤولة جداً ذهبت
الى ابعد مما هو مخطط له في دعم «داعش» حتى بدا من احدى الوثائق كما لو
انه بات المرجع العقائدي والمالي وحتى الاستراتيجي للتنظيم ولاغراض تتعلق
حتى بمستقبل الاوضاع في الدولة اياها.
ويقول ديبلوماسي خليجي في هذا السياق ان نوري المالكي بات حالة لا تطاق.
يتصرف كما لو ان السلطة تحولت لديه الى ظاهرة مرضية او الى ظاهرة شكسبيرية
اذا جاز التعبير. كان يحسب ان كل من يرفع الصوت في وجهه، ولو كان من قبيل
الانتقاد المخملي، انما يعمل لازاحته عن السلطة اما للحلول محله او بدفع ما
من جهة داخلية او خارجية.
الديبلوماسي لا يتورع عن تحميل المالكي تبعة كل الانهيارات الامنية
والسياسية التي تحدث في العراق، ولكن ليستدرك قائلاً ان الذي حدث لازاحة
الرجل انما كان عبارة عن سيناريو جهنمي يمكن ان يشعل النيران في سائر ارجاء
المشرق العربي.
والديبلوماسي اياه يؤكد ان بلاده كانت تعلم بأن ثمة من يدفع الامور الى تلك
اللحظة الكارثية، وانها نبهت الى ذلك، اذ ان ذلك الطوفان من السيارات
المفخخة والذي كان يتوخى تعرية نوري المالكي انما كان يزعزع مفاصل الدولة
في العراق والتي فقدت الحد الادنى من صدقيتها مع استشراء الفساد،
والاستئثار على نحو جعل العديد العديد من العراقيين يعيشون الابوكاليبس
وعلى مدار الساعة.
وهو يقسم ان بلاده نصحت بكسر جبل الجليد مع طهران، وقد تحول، فعلياً، الى
جبل النار، على ان يتم بحث الملف العراقي معها وبالعمق بعد ما كثر اللاعبون
وبالصورة التي بدا معها ان العراق على وشك الانفجار، وهو الامر الذي ليس
في مصلحة اي من دول مجلس التعاون الخليجي او اي من الدول العربية، حتى ان
رجب طيب اردوغان بالغ كثيراً في لعبة الشطرنج والى تلك اللحظة التي سقطت
فيها كركوك، التي طالما اعتبرها المدينة التاريخية للتركمان، في يد مسعود
برزاني .
بطبيعة الحال واجه اردوغان مأزقاً من نوع آخر. هو الذي كان يدعو بشار الاسد
بـ «الشقيق العزيز» قبل ان ينقلب عليه ويشير اليه باصبعه ان يرحل وفي
مواعيد كان يحددها بلغة الصدر الاعظم، لم يعرف كيف يتصرف مع برزاني الذي
اعلن انه مستعد للتوجه من اربيل الى كركوك للدفاع عنها. الدفاع عنها في وجه
من؟
من خطط لاستخدام «داعش» تكتيكياً لاحظ، بعد فوات الآوان، ان الامور لا تمضي
استراتيجياً لمصلحته. لمصلحة البغدادي الذي لا يؤمن باي حدود كونها صناعة
صليبية ولا بالشخصية القومية للعرب كونها هرطقة ابتدعها اهل الضلال لجر
العرب الى التيه عن دينهم الحنيف.
اللافت هنا ان اي صوت عربي لم يرتفع ضد احتلال البيشمركة لكركوك واعلان
حكومة اقليم ( بل دولة) كردستان تحريرها وعودتها الى الدولة الام، وهي التي
تتالف مثالثة من العرب والاكراد والتركمان, حتى ان صدام حسين الذي طالما
دفع العراق ومعه العرب الى ذلك المسلسل من الكوارث تنبّه الى محاولات
منهجية لتغيير هوية المدينة حاول تكثيف الحضور العربي فيها.
كركوك التي ليست باي حال مدينة عادية، والذين يدعون الى اقليم سنّي غابت
اصواتهم وهم يشاهدون المدينة تسقط من خارطة الاقليم الذي يفتقد، في هذه
الحال, المورد النفطي الاساسي الذي يوفر له الازدهار الاقتصادي والسياسي،
فاي اقليم سنّي من دون كركوك؟ وهل يعتاش الناس من الرمال فيما انقرة تتحكم،
مزاجياً بمجرى نهر الفرات ودون اي اعتبار للقوانين الدولية ولا لاحتياجات
الدول المشاطئة، وهي التي تقول بالاسلام وبالاخوة بين المسلمين التي يبدو
انها تعني تحديداً ...«الاخوان المسلمين»؟
من يقول ان اصابع كثيرة احترقت في العراق نقول له ان رؤوساً كثيرة احترقت
هناك بسبب تلك الغيبوبة القبلية التي عمل كتّاب واعلاميون عرب على تعميقها
كما لو ان الشمولية ( التوتاليتارية) ليست موجودة سوى في سوريا وفي العراق،
وكما لو انه الذين سعوا الى تحويل الربيع العربي الى حقول من الحرائق،
ودون تبرئة اي نظام بطبيعة الحال، انما تتلمذوا على يدي افلاطون او توماس
جيفرسون او ابي ذ ر الغفاري.
هذه لحظة مفصلية في تاريخ (وجغرافية) العراق وفي تاريخ (وجغرافية) العرب،
فلماذا ما زال الكتاّب والاعلاميون اياهم يحّملون ايران المسؤولية عن كل
مصائبنا. لا مسؤولية على عاتقنا، ولا اميركا هناك، ولا اسرائيل هناك، ولا
تركيا هناك وانظمتنا، كما تعلمون، هي مثال للعدل والديمقراطية وللارتقاء
ببني البشر.
هل ايران اكثر ثراء منا، وهل تخلو بلادنا من الادمغة لكي نتهمها بانها تسعى
الى المنظومة الاقليمية من اجل تفكيك مجلس التعاون الخليجي، فهل نحن
كائنات بشرية ام كائنات من القش؟اذا كنا من قش فلا احد يمكنه ان يمنع النيران ( اي نيران) من ان تفعل فعلها! وبالفعل انها تفعل فعلها!!.
النهاية
نبیه البرجی