SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
توطين وتغيير ديموغرافي ـ طائفي هو خلاصة ما تقوم به العائلة الحاكمة في البحرين، في سياسة ممنهجة تتبعها منذ مطلع عام 2012، تاريخ بدء عملية توطين لأجانب بلغوا حتى اليوم عشرات آلاف الأشخاص من دول محددة وبمواصفات معينة، في محاولة ترمي إلى تعزيز أكثرية طائفية على حساب أخرى، لتسحب من تحتها أحقية التمثيل الشعبي في مؤسسات الحكم التابعة للسلطة.
عملية استيطانية منهجية تجري منذ مدة في البحرين بتنظيم دقيق جداً يشرف عليه ضباط أمن بحرينيون موزعون على عدد من السفارات في الخارج. وهؤلاء لا يأتمرون مباشرة بقيادة أجهزة المخابرات الرسمية ولا بالمرجعيات الدبلوماسية في السفارات، بل لهم مرجعية خاصة مرتبطة مباشرة بالملك.
فما إن ارتفعت حدة الأزمة في سوريا وبدأت موجة نزوح السوريين إلى خارج الحدود وأُقيم مخيم الزعتري للاجئين شرقي مدينة المفرق الأردنية في صيف 2012، حتى بدأ ضباط أمن البحرين بتعزيز جهودهم نحو هذا المخيم كاحتياط ضخم للمستوطنين الجدد في المملكة. أقيم مكتب خاص لهؤلاء الضباط في سفارة البحرين في عمان، ولاحقاً افتتح مكتب قريب جداً من «الزعتري» بمشاركة ضباط أمن سعوديين يحظون بتغطية أمنية أردنية، وأنشأ هؤلاء مركزاً مهمته إعادة تأهيل المرشحين لنيل الجنسية البحرينية، كالتدريب على اللهجة البحرينية وتعليم النساء على إعداد المأكولات البحرينية وتعليمهم أسماء المناطق والشوارع والقرى، وغيرها من المعلومات التاريخية والجغرافية عن المملكة، بالإضافة إلى تدريبهم على الولاء للنظام، مستغلين سوء ظروفهم وتقطع سبل الخيارات البديلة أمامهم.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، وضعت السلطات البحرينية مواصفات معينة ومحددة لاختيار الأشخاص والعائلات لمنحها الجنسية البحرينية، ومنها أن لا يكونوا من أبناء المدن، ويفضل أن يكونوا من الأرياف، وتحديداً من البدو، والأفضلية لسكان أرياف كل من حلب وحماه وحمص ودير الزور ودمشق، باستثناء ريف درعا (من دون أن يعرف سبب رفض تجنيس أبناء هذه المنطقة). ومن المواصفات أيضاً، أن يكون سنياً بطبيعة الحال (ما دام الهدف من عملية التجنيس ترجيح الكفة مقابل المواطنين البحرينيين الشيعة). والأولوية لللاجئين في الأردن بسبب سهولة الاتصال معهم والعمل على تدريبهم في المركز القريب من مخيم الزعتري. وقد حصلت «الأخبار» على مجموعة من أسماء ضباط المخابرات البحرينيين والسعوديين الذين يتولون منذ أشهر إدارة عملية الإعداد للتجنيس في الأردن، هم: حمدان صالح الغتم، منصور خميس الحلو، إبراهيم الشبيب، بدر عيسى الدوسري. ومن الأسماء التي حصلت عليها «الأخبار» لعوائل مستوطنين سوريين دُرِّبوا تمهيداً لمنحهم الجنسية: عائلة حسن الشمري وإخوانه (وهم ليسوا من سكان مخيم الزعتري، بل من سكان عمّان)، عائلة حمود نايف الصديد، عائلة عبد الله زهير الخلف (ضابط سوري متقاعد من أهالي دير الزور)، عائلة صالح سطم الصوفي، عائلة عماد الهدوان، عائلة محمود ناصر السلمان، عائلة عبود الصرفي، عائلة خالد الجربوع، عائلة منصور سلامة العطوان، عائلة عمر الشاوي وأوﻻده (من ريف حلب).وقد يكون مخيم الزعتري في الأردن الأسهل لاختيار البحرينيين الجدد، لكنه ليس الوحيد.
مواصفات التجنيس،أن يكون «سُنياً» من البدو ومن الأرياف السورية
وتتحدث المصادر التي مدت «الأخبار» بهذه المعلومات عن أن ضباط الأمن البحرينيين ينشطون في عدد من الدول العربية كالعراق، وأعمال التجنيس تطاول اللاجئين السوريين على الحدود السورية - العراقية، أو في المخيمات الموجودة في الأراضي التركية. وهناك أيضاً أعمال تجنيس سريعة مع سعوديين بتشجيع مباشر من مخابرات السعودية التي تعدّ الخزان الأكبر في الخليج العربي لتغيير معلَم هذه الدول الديموغرافي والطائفي، تماماً كما حصل في الكويت التي تراجع مواطنوها الشيعة كثيراً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ليستقر على أقل من 20% بينما كانت النسبة متعادلة في الكويت في العقود السابقة. وقد تغيرت معالم الكويت تحديداً بعد الاجتياح العراقي للكويت عام 1991، حيث كان عدد السكان الأصليين لا يتجاوز 560 الفاً، وبفضل إغراق الكويت بنحو 500 ألف سعودي، بات عدد سكان الكويت اليوم نحو مليون و250 ألف نسمة.
100 ألف حتى الآن
توطين الأجانب في البحرين كان يجري بأعداد قليلة، وكان يشمل عمالاً أجانب، وخصوصاً من بنغلادش أو الهند (الإسلاميون السنّة منهم)، لكن الحراك الشعبي المتواصل منذ مطلع عام 2011، المطالب بتعديل الدستور لتمكين الأكثرية البحرينية من أن تتمثل في المؤسسات الدستورية تبعاً للتوزيع الواقعي القائم، واجهته السلطة الحاكمة بهجوم استيطاني قدرته مصادر عربية على علاقة مباشرة بالملف بمئة ألف شخص على الأقل، لكن المخطط المتبع يرمي إلى توطين نحو مئتي ألف مواطن. ويبلغ تعداد سكان البحرين مليوناً ومئتين وثلاثين ألفاً، من بينهم أقل من 570 ألف مواطن حسب إحصائيات عام 2011، ويقدر عدد من يتبعون المذهب الشيعي منهم بـنحو 70%.
وإذا كانت حملات التجنيس للاجئين السوريين أو للعراقيين والسعوديين تجري بهدوء وبعيداً عن الأنظار، إلا أن السلطات البحرينية لا تخجل من أعمال تجنيس تجري علناً وتدفع بأسباب عجيبة كالتبرير الذي ساقه نائب رئيس الاتحاد البحريني لألعاب القوى محمد عبد اللطيف بعد تجنيس لاعبين أفارقة؛ إذ قال: «إن البحرينيين لا يصلحون بدنياً لسباقات المسافات الطويلة، وجينات اللاعب البحريني وإمكاناته البدنية والفيزيولوجية لا تسمح له بمنافسة عدائي أميركا وجامايكا وكينيا وبعض الدول الأخرى، وإن أغلب اللاعبين الذين يُمنحون الجنسية هم العداؤون المتخصصون في سباقات المسافات الطويلة من 800 متر فما فوق».
یوسف حرب
النهاية