SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
كان أردوغان ينوي إعلان سقوط كسب في كلمته في أنطاكية فلما لم يستطع أسقطت الطائرة واكتفي بها.. ولكن السؤال هو كيف سترد سورية؛ بصمت أم بصخب؟ وما هي الأهداف التي تفكر بضربها؟
ما هو الرد السوري على إسقاط تركيا للطائرة؟
أمام أحد أفخم الفنادق في منطقة ما من تركيا فوجئت عائلية حلبية هاربة من سورية بحاجز للتفتيش، فأوقف شبان بالزي المدني سيارتها ذات النمرة الحلبية، وقالوا بلهجة عربية مكسرة: نحن الجيش العربي السوري! وأخذوا أوراقها وعاينوها. واضطر رب العائلة لإفهامهم طويلاً أنه هو نفسه موالي للسلطة السورية. وكبرهان على صحة كلامه أراهم محفظته وفيها صورة للرئيس السوري بشار الأسد، فسمحوا له بالعبور طالبين منه الاتصال بهم في حال وجود طارئ.
أمثال هذه القصص منتشرة بكثرة قد لا تخطر على البال في كثير من المناطق التي فيها وجود ما للاجئين السوريين سواء كانوا موالين للسلطة أو معارضين لها. وتكاد تشكل ما يمكن وصفه بـ”أساطير المدن”. وحتى أن هناك بعض المبالغة التي بدأت تدخل. وهذا ليس مستغرباً فنحن بالنهاية أبناء الشعوب الشرقأوسطية.
ففي مكان آخر فوجئت مستعطية سورية بشاب يقول لها: معك الأمن العسكري، وثم ينصحها بالعودة إلى سورية مخبراً إياها أن الجيش العربي السوري منتصر لا محالة. وعندما جلست على الرصيف ذاهلة بعد أن لم تعد قدماها قادرتان على حملها أخرج من جيبه فلوساً أودعها في يدها ومضى.
وفي حانة ما نشب عراك بين بعض السكارى، أحدهم مسلح معروف في سورية. ورغم ازدحام الحانة بالعشرات فإن المسلح المخمور لم يستفق على نفسه إلا في سجن في سورية.
إن هناك عبارة معروفة في أغلب البيانات السورية التي تصدر عقب الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، وهي "الرد في الزمان والمكان المناسبين”. ولكن في الحالة التركية يمكن أن نضيف عبارة لم ترد في نص البيان السوري الرسمي، وهي: "الرد في الزمان والمكان المناسبين وبالطريقة المناسبة”.
وكمثال على الطريقة المناسبة يمكن التذكير بحالة خطف المقدم "حسين هرموش” أول قائد لميليشيا "الجيش الحر”، حيث تم شراء ذمة ضابط في الاستخبارات التركية بمبلغ قيل أنه بلغ مائة ألف دولار، فاستدرج هرموش إليه وقام بتقييده وتسليمه لآخرين عملوا على نقله ملفوفاً ببطانية إلى شاطئ السويدية ومنها بحراً إلى شاطئ رأس البسيط حيث سلم للأمن السوري.
لقد راهن الأسد منذ بداية الحرب وحتى الآن على الحس السليم والقرابة الإسلامية لدى الشعب التركي. وكان رهانه محقاً، فللمرة الأولى لا يبدي الشعب التركي أي اهتمام بحملات جمع التبرع لصالح المعارضة السورية. وفي حين أن المظاهرات المناهضة للحرب على العراق كانت عارمة وضخمة فإن المظاهرات التي خرجت ضد الإدارة السورية مخجلة في قلة عددها، فأكبرها لم يتجاوز بضع مئات رغم انخراط عدد كبير من الجمعيات الخيرية الإسلامية المقربة من حزب العدالة والتنمية في تنظيمها.
ولهذا لا ينتظر من الإدارة السورية أن تقوم بعمل من شأنه إيذاء الشعب التركي. ولن ينتظر منها أن تقوم بفعل قد تستخدمه إدارة رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان” لإثارة المشاعر القومية التركية بهدف الخروج من أزمتها الداخلية الحالية.
ولنعد الشريط من البداية: يعلن وزير الخارجية "أحمد داوود أوغلو” أن تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام "داعش” هو حليف للأسد، وللصدفة المريبة تنسحب "داعش” بعد فترة قصيرة من ريف اللاذقية الشمالي، حيث تجري المعارك العنيفة حالياً بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة، وتقوم بتهديد قبر اسماعيل شاه جد عثمان الأول، وهو لدى القوميين الأتراك يتمتع بمكانة تجعلهم يغضبون له ويتخذون مواقف انفعالية سريعة. وبهذا تكون "داعش” هيأت الأرضية الأولى لتصعيد تركي يتيح لحزب العدالة حرف الأنظار مؤقتاً عن أزمته الداخلية التي تكاد تأخذ بخناقه. والأكثر إثارة للدهشة هو أن القبر حرسته فصائل كردية.
وتستمر سلسلة الأحداث الغريبة؛ "أردوغان” يخطب في أنطاكية المدينة العربية الصميمة، ويأتي الهجوم على كسب قبل خطابه بيوم واحد فقط، حيث كان من المنتظر أن يعلن في خطابه عن سقوط كسب نفسها. ولما لم يتحقق ذلك تم ضرب الطائرة السورية في نفس الدقائق التي يتكلم بها، وأعلن خلال خطابه عن إسقاطها.
إن الإدارة السورية جليدية المزاج. ومن المستبعد أن تخرب بضربة واحدة نتائج صبرها المدهش خلال ثلاث سنوات على كل التصعيد الذي مارسه حزب "أردوغان”. وليس من المتوقع أن تقدم لـ”أردوغان” خيط النجاة من أزمته الداخلية التي حصدت حتى الآن رأس أربعة من وزرائه وتهدده هو وابنه على مذبح الفساد.
وبالمقابل تتعرض الإدارة السورية لضغط من أنصارها للرد. ولنتذكر أن الرئيس الأسد أكد في مقابلة سابقة أن سورية ردت في كل مرة على الاعتداءات الإسرائيلية مضيفاً قوله: «الإسرائيليون يعرفون عما أتكلم». إذاً سيكون الرد السوري على إسقاط الطائرة متوقعاً، ليس في المدى البعيد فحسب بل في المدى المتوسط وربما القريب.
طبعاً لن نكون من السذاجة السياسية بحيث نقول أن الرد سيكون في صندوق الاقتراع في الانتخابات البلدية التركية، وذلك بالرغم من أن السياق العام للسياسة السورية اتجاه تركيا هو في هذا المنحى. ولكننا هنا نتكلم عن أذى مباشر وإيلام. فما يكون؟
ليس لدى أحد جواب باستثناء الرئيس الأسد وحلقة ضيقة محيطة به. ولكن الرد بحسب السياق سيكون بأسلوب اللي. أي أنه سيكون صامتاً وخفياً وربما لن يعلم به إلا المتأذي به، وهو نظام "أردوغان”. والأمثلة التي ذكرناها سابقاً تتيح لنا الاستنتاج بقوة أن الإدارة السورية تمتلك من الأذرع الطويلة ما تقدر به على الإيلام. فهي اشترت ذمة مدير في الاستخبارات التركية كما ذكرنا. وكانت صحيفة "طرف” قد اتهمت رئيس الاستخبارات القومية "هاكان فيدان” بترفيع موظفين في جهازه هما، على حد قول الصحيفة، مشتبه بعمالتهما لسورية.
هل ستخطف سورية ضباطاً وعملاء سوريين وأجانب موجودين في غرف العمليات في الأراضي التركية؟
هل ستكشف عن معلومات محرجة للنظام التركي، تزيد إحراجه في جو الفضائح والتسريبات اليومية التي تأخذ بخناقه؟
هل سيخاطب الرئيس الأسد مجدداً الشعب التركي ليشكل على جري عادته ضربة معنوية لأنصار "أردوغان”، وخاصة في جو ترقب الانتخابات التركية؟
أو هل ستقدم سورية للمرة الأولى على ضرب مستودعات السلاح للميليشيات المسلحة في الأراضي التركية؟
لا جواب لدينا، ولكن هناك معطىً يدل على قدراتها. إنها حالة موجودة بكثرة مدهشة في تركيا، وهو شاب راسل كاتب هذه السطور طويلاً طالباً إرشاده لطريقة الانضمام إلى ما سماها "المنظمة التي تدافع عن الأسد والتي اسمها شبيحة”