توقف الكثيرون عند فتوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية التي عارض فيها بقوة ذهاب الشباب السعودي الى الجهاد في سورية، وتأييده للمرسوم الذي اصدره العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا الخصوص، ونص على معاقبة كل من يقاتل خارج ارض المملكة بالسجن لفترة تتراوح بين خمس وعشرين سنة.
فالافت ان هذه الفتوى اقتصرت فقط على الشباب السعودي فقط الذي تعرض للتغرير به والبيع "في سوق النخاسة”،كما قال المفتي العام للمملكه مما قد يفسر على ان الدعوة للجهاد مباحة لغير السعوديين، اي من باقي الجنسيات الاخرى، وبما يصب في مصلحة الدعم المالي والتسليحي السعودي لجبهات اسلامية تقاتل في سورية لاسقاط النظام.
هذه الفتاوي الخاصة بالسعوديين تذكر باعلانات الوظائف التي تنشرها شركات في صحف سعودية وتضع للسعوديين فقط.ويسجل للشيخ عبد العزيز آل الشيخ انه كان منذ البداية ضد الدعوات التي تحث الشباب السعودي على الجهاد في سورية في وقت كانت هذه الدعوات على اشدها في القنوات الاسلامية المدعومة من امراء او رجال اعمال سعوديين، وكان يستند في ذلك الى القاعدة الشرعية التي تقول ان النفير الى الجهاد لا يتم لا بدعوة من ولي الامر.
ولكن ولي الامر السعودي كان غير معارض لهذه الدعوات، وتغير موقفه عندما بلغ الشباب السعوديين المقاتلين في سورية حوالي عشرة آلاف شاب، سقط منهم حوالي 1500 شخص قتلى حسب بعض التقارير غير الرسمية.
نقطة التحول بدأت عندما باتت السلطات السعودية تتلقى تقارير مفصلة عن عمليات التأطير الايديولوجي الذي يتعرض له هؤلاء في سورية على ايدي جبهات ودعاة يتبنون فكر تنظيم القاعدة، واكتساب هؤلاء خبرة قتالية عملياتية عالية الامر الذي سيشكل عليها خطرا اكبر من خطر نظرائهم الذين ذهبوا للجهاد في افغانستان بسبب تقدم نوعية التدريب على الاسلحة وفعالية الشحن الايديولوجي وعمق تاثيره.
القيادة السعودية تخشى ايضا ان ينطلق الشباب السعوديين من سورية في المستقبل القريب لشن هجمات في دول اخرى وتتعرض للمقاضاة امام محاكم دولية بتهم دعم الارهاب، وقد خسرت السلطات السعودية عشرات المليارات من الدولارات ان لم يكن اكثر بسبب مشاركة 17 من شبابها في تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر).
من الواضح ان كل هذه الفتاوى والمراسيم وقوانين مكافحة الارهاب تشير الى شعور القيادة السعودية بالتورط اكثر من اللازم في الازمة السورية، وانها تبحث لها عن مخرج آمن منها وتقليص الخسائر بالتالي.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: سيذهب هؤلاء الشباب السعوديون في حال ما قرروا التوقف عن الجهاد في سورية؟ هل يعودون الى السجون والمعتقلات في بلادهم، ثم ان هؤلاء ذهبوا الى الجهاد بعد ان "غرر” بهم من قبل علماء سعوديين وغير سعوديين، حسب وصف المفتي، وقبل صدور قوانين الارهاب وفتوى المفتي هذه فهل تطبق هذه الفتاوي والمراسيم بأثر رجعي؟
الاجابة واضحة، ليس بالنسبة الى الشباب السعوديين الذين ذهبوا الى الجهاد في سورية فقط، وانما الى الكثيرين غيرهم، وهو قاتلوا حتى "الشهادة” ولكن لا تعودوا الينا احياء، وان عدتم فمكانكم المعتقلات حتى تموتون فيها ايضا
النهاية