شیعه نیوز/ الأتراك يقولون ان مسعود بارزاني هو الذي اذن لهم بالدخول بدعوى تدريب قوات البيشمركة ، واخرون يتهمون وزير الدفاع العراقي بعقد الصفقة ، والسؤال المهم :- لماذا هذا الإصرار من قبل الاتراك على بقاء قواتهم على ارض العراق رغم كل الاعتراضات ؟
الجواب يقول ان تركيا عينها على الموصل وكركوك منذ معاهدة سيفر في اعقاب الحرب العالمية الاولى والمتضمنة فصل العراق عن الدولة العثمانية عام 1920والتي رفض يومها الرئيس التركي كمال اتاتورك التوقيع عليها . وفي عام 1923تم عقد اتفاقية بين بريطانيا وتركيا لرسم الحدود الجديد لتركيا مع جيرانها وتضمنت الاتفاقية بندا يقول ( اذا اقتصت الضرورة يقرر مصير اجزاء الإمبراطورية العثمانية التي تسكنها اكثرية كردية وتركمانية و عربية او التي كانت حين عقدت هدنة 30تشرين الاول 1918وفقا لتصويت سكانها الحر)!!
فالأتراك يعتقدون ان ولاية الموصل امتداد طبيعي لهضبة الأناضول وان الاكراد والاتراك الموجودون في الموصل وكركوك هم من أصول تركية !!
ووفق اتفاقية لوزان تم اجراء استفتاء على ولاية الموصل عام 1924 تحت اشراف عصبة الامم المتحدة فاوفدت الحكومة العراقية يومها كلا من جعفر العسكري (وزير دفاع) وتوفيق السويدي( وزير عدل) بصفة مراقبين الى جانب الوفد البريطاني وفي ضوء نتائج الاستفتاء قرر مجلس عصبة الامم في 16كانون الاول عام 1925م ابقاء الموصل وكركوك والسليمانية ضمن الحدود العراقية بعد ان صوت اهالي هذه المدن لصالح الانظمام الى العراق ، فيما كانت اسرة النجيفي المتمثلة بجدهم محمد النجيفي (نائب في البرلمان ) هي الوحيدة التي ترغب بضم هذه المناطق الى تركيا بعد اغراءات قدمتها لهم تركيا انذاك .
وحاولت بريطانيا استرضاء تركيا بعد عودة هذه المناطق الى العراق عبر منحهم قرضا بمبلغ 20مليون جنيه استرليني مع تخفيض لديون تركيا فيما شجعت بلغاريا واليونان للوقوف ضدهم .
وقد وافقت تركيا على الاستفتاء عام 1926 م والتنازل رسميا عن المناطق اعلاه مقابل منحها 10%من عائدات النفط المستخرج من منطقة الموصل وكركوك لمدة 25سنة وقد تم لها ذلك !!
بقيت تركيا عينها على ولاية الموصل وكركوك ، وتتربص الفرص لاسترجاعها فيما تحرض الصحف التركية حكوماتها على ذلك وتدعوهم الى المزيد من الضغط كلما تعرض العراق الى تهديد او مشكلة داخلية ، فمثلا عام 1986م وعندما روج الاعلام الى دخول القوات الايرانية الأراضي العراقية من الشمال فكرت تركيا بالدخول الى الأراضي العراقية وحشدت جيوشها على الحدود للسيطرة على الموصل وكركوك بدعوى تعرض المواطنين التركمان للاضطهاد واصدر البرلمان التركي بيانا قال فيه (تركيا لن تبقى صامتة دون الاهتمام بكركوك والموصل ،)!!
في عام 1987،وعندما اشيعت اخبار عن نية ايران دخول محافظة البصرة اثناء الحرب العراقية الايرانية قامت الصحف التركية بحملة اعلامية تطالب بضرورة تدخل تركيا وضم الموصل وتركيا اليها !! بدعوى ان منطقتي الموصل وكركوك بقيتا خارج الميثاق الوطني التركي لعام1920 م.
لكن الرئيس التركي اوزال علق على ذلك ( تركيا ليست بحاجة الى مغامرات ).
في أعقاب احتلال العراق للكويت عام 1990م اكد رئيس الوزراء التركي اوزال على صرورة تدخل تركيا في الموصل وكركوك وفاتح الرئيس التركي بذلك والمطالبة بنفط الموصل وكركوك (المغتصب) على حد قوله !!
منذ عام 1991 وحتى عام 2003م كانت القوات التركية تقوم بعمليات عسكرية متكررة حتى قبل انسحابها قامت بعملية عسكرية واسعة اسمتها(فولاذ) ..وعام 1995م طالب الرئيس التركي سليمان ديميرل باعادة ترسيم الحدود مع العراق ، وضم الموصل وكركوك الى تركيا!!
منذ خمسين عاما وتركيا ترفض عقد اتفاقية مع العراق بشأن المياه ، وقد بدأت الأزمة عندما بنت تركيا سد (GAD)جنوب شرق الأناضول على منابع دجلة والفرات والذي يتكون من 21سدا بدعوى مبدأ السيادة على النهرين ويؤكد خبراء ان تركيا تطلق مياه النهرين بين الوديان حتى لاتصل الى العراق وسوريا . وقد شجعت إسرائيل هذه المشاريع ودعمتها ماليا وفنيا وكان هناك مشروع لمد أنابيب احدهما شرقي والآخر غربي ينقلان الماء الى الجزيرة العربية والآخر الى إسرائيل ليأتي بعائدات الى تركيا تقدر بملياري دولار سنويا .
بعد عام 2003 م تعاملت تركيا مع العراق بانه دولة بلا سيادة ، وعقدت العديد من الاتفاقيات مع إقليم كردستان دون الرجوع للحكومة الاتحادية واهمها عقود النفط فيصدر نفط الاقليم عبر أراضيها مقابل دولار عن كل برميل على ان تودع مبالغ العائدات في المصارف التركية !! وتعمل في الإقليم 1023شركة تركية !
شجعت تركيا الإقليم على الانفصال ، واستقبلت مسعود على انه الزعيم القومي للاكراد نكاية بزعيم حزب العمال التركي اوجلان ، حيث اصدر حزب العمال بيانا دان فيه عملية تسويق مسعود بديلا عن اوجلان .
في الثاني من اب عام 2012م زار وزير خارجية تركيا احمد داوود اوغلو كركوك دون التنسيق مع الحكومة الاتحادية وعدها العراق يومها انتهاكا للسيادة .
عادت تركيا العملية السياسية في العراق ، وعمدت الى استقبال ورعاية الفارين والمطلوبين للعدالة في العراق ورعت مؤتمراتهم وتوجهاتهم .
رعت تركيا الإرهاب وتعاملت مع المنظمات الارهابية على انها دول يتم التفاوض معها ، وكانت تخطط بالتنسيق مع هذه المنظمات لاستعادت الموصل ، حيث ان قصة القنصل التركي في الموصل اثناء دخول داعش ، ومعه طاقم القنصلية قد اعيدوا الى تركيا بشفافية عالية ودون اذى رغم ان داعش مارس مهنة القتل والذبح والتدمير مع اول دخوله الموصل فكيف اعيد هؤلاء الى بلدهم ؟ كما ان تركيا باشرت ببيع النفط المنهوب من العراق لصالح التنظيمات الإرهابية وبأسعار زهيدة ؛ وقد كشفت المخابرات الروسية تفاصيل عملية البيع والشراء ، ناهيك عن التسهيلات الكبيرة التي منحتها تركيا الى المنظمات الارهابية عبر عمليات المرور عبر اراضيها وتوفير معسكرات التدريب وغيرها من التسهيلات المالية كل هذا على حساب دماء الابرياء من الشعب العراقي ومصير العراق !!
حتى يومنا هذا مازالت تركيا كلما يتم الاعداد للموازنة في بلدهم ترصد مبالغ (وهمية ) الى ولاية الموصل وكركوك !!
الآن القوات التركية على ارض العراق رغم كل الاعتراضات والتهديدات وتدعي انها جزء من القوات المشاركة في تحرير الموصل ، وفي اخر تصريح لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي امس قال(مخاوفنا من الاطماع التركية في الموصل حقيقية ) .نذكر ان الميزان التجاري بين العراق وتركيا 12مليار دولار وهو اعلى ميزان تجاري للعراق مع اي دولة اخرى .
ما يجري بين تركيا والعراق اليوم محاولة تركية لإعادة انتاج مشكلة الموصل التاريخية (1918- 1926) بثوب جديد موشح بتسميات مختلفة… لكن الوقائع تشير اليه بوضوح. فهل تركيا جادة في أمرها، ولمصلحة من اعادة عجلة التاريخ والتحرك او العمل على إدارة المشكلة من جديد؟! وتعلم تركيا ان لديها مشاكل مشابهة ويتطلب منها الحذر فيها قبل ان تستمر بهذه المشكلة أولاً، وثانياً لا تفيدها صناعة صراعات وأزمات خارجية وأبواب الجحيم داخلها مفتوحة، وما التفجيرات الإرهابية التي حدثت وتحدث على أراضيها الا دليل على ذلك ، فهل ترعوي وتنسق مع جارها العراق وسوريا وتقيم علاقات طيبة مبنية على حسن الجوار ام انها سادرة في غيها ؟.
الوکالة الشیعیة للأنباء