SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
تتوالى خطوات «هيكلة» مسلحي سوريا، بإشراف سعودي مباشر، في خطوة تبدو وثيقة الصلة
ببدء الرياض «حملة مكافحة إرهاب». وتؤكد المصادر أن الحملة تشكّل مقدمة لاستجلاب دعم دولي عسكري مُعلن، بعد التخلص من عبء «الجهاديين»، ولو بطريقة صورية. وفي السياق ذاته، تحدثت مصادر عن «إعادة انتشار» تعتزم «جبهة النصرة» تنفيذها، وتصبّ في السياق نفسه
صهيب عنجريني – صحيفة الأخبار
دارت في اليومين الماضيين عجلة إعادة هيكلة المجموعات المسلحة في سوريا، بعدما انطلقت مطلع الشهر الجاري بانضمام «لواء عاصفة الشمال» إلى «الجبهة الإسلامية» (راجع «الأخبار»، العدد 2237). وشهد الأسبوع الماضي خطوات عدة في هذا السياق، فأعلن «تجمع كتائب شهداء حارم» و«الفرقة 17» و«لواء أحرار صوت الحق»، كلّاً على حدة، الانضمام إلى «جبهة ثوار سوريا».
وكشفت مصادر إعلامية عن انضمام «لواء أحرار سوريا» (أحد أكبر تجمعات السرقة باسم الثورة، راجع «الأخبار» العدد 2175)، و«لواء أسود الثورة» و«كتائب أنصار الحق» إلى «لواء التوحيد»، أحد مكوّنات «الجبهة الإسلامية». كذلك أُعلن قبل يومين تشكيل «جيش الشمال الإسلامي» في دير الزور، بعد اندماج عدد من التشكيلات الصغيرة.
مصدر ميداني معارض أكّد لـ«الأخبار» أنّ «الجهود الميدانية في الوقت الحالي منصبّة على إعادة الهيكلة في جميع الجبهات، وبإشراف سعودي مباشر». ووفقاً للمصدر، فإن «المخطط العام يقضي بدمج الفصائل الصغيرة في كيانات أكبر، كخطوة أولى. أما الخطوة التالية فستكون إيجاد صيغة تضمن إدارة المعارك على جميع الجبهات وفق بوصلة واحدة». وعلاوة على الهدف الميداني، ثمة هدف سياسي من وراء إعادة الهيكلة، ويتمثل في «تمكين الجهات الخارجية الداعمة من تقديم دعمها علناً، عبر حل مشكلة تفكك القوى من جهة، وإيجاد واجهة غير إسلامية للقوات من جهة أخرى». ومن المسلّم به أن «القيادة الفعلية ستكون سعودية بتفويض أميركي، وتكون قيادة أركان الجيش الحر واجهة إعلامية». وأوضح المصدر أن «الكيانين الأساسيين على الأرض سيكونان جبهة ثوار سوريا (يتزعمها جمال معروف)، والجبهة الإسلامية (يتقاسم زعامتها أحمد عيسى الشيخ وزهران علوش وحسان عبود). مع احتمال انضمام «جيش المجاهدين» المُنشأ حديثاً («الأخبار»، العدد 2191) إلى الإسلامية». وإذا كانت «جبهة ثوار سوريا» بعيدة عن تهمة «التطرف»، فإن الحال مختلفة بالنسبة إلى «الجبهة الإسلامية». فالأخيرة أكّدت في «ميثاقها» أنها تسعى إلى «بناء دولة إسلامية بعد إسقاط النظام». لكن ذلك لم يمنع السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد من وصفها بـ«المعتدلة»، رغم أن دراسات أميركية عدة كانت قد وصفت الجبهة بـ«القوة المتطرفة» (انظر مثلاً دراسة هارون ي. زيلين من «معهد واشنطن»، بعنوان «الجبهة الإسلامية السورية: قوة متطرفة جديدة»). وفي هذا السياق، يتساءل المصدر: «أين المشكلة في إقامة نظام إسلامي في سوريا؟ أليس النظام في كل من إيران والسعودية إسلامياً؟».
خطة «إعادة انتشار» لـ«النصرة»
ولم يغفل مخطط «إعادة الهيكلة» عن العقبة التي يمثلها تحالف «الجبهة الإسلامية» مع «جبهة النصرة» التي وُضعت أخيراً على «قائمة الإرهاب السعودية». الخطوة التي يرى مصدر مطّلع على كواليس «الجهاديين» أنها «تعمية إعلامية». ويوضح المصدر لـ«الأخبار» أن «معلومات مؤكدة تشير إلى مخطط إعادة انتشار ستنفذه جبهة النصرة، في خطوة مستجدة ظاهراً، ومبرمجة سلفاً في حقيقة الأمر». وأكد أنّ «مخطط النصرة سيتم بالتنسيق مع شخصيات سلفية كويتية فاعلة في الحرب السورية، وقد بدأت أخيراً خطوات تنسيقية غير معلنة مع السعوديين». وفي المعلومات أن لقاءً مهماً عُقد في هذا الشأن، الأسبوع الماضي، بين ممثل عن النصرة وشخصية خليجية داعمة (كويتية على الأرجح)، وتوافق الطرفان على حشد مسلحي النصرة تدريجياً في دير الزور والحسكة، ما يحقق أهدافاً عدة، على رأسها سيطرتها على حقول النفط. ويتطلب ذلك عزل الرقة الواقعة تحت سيطرة «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وفتح طريق آمن للوصول الى «حوض الخابور» (نهر الخابور هو صلة وصل بين حقول نفط دير الزور والحسكة، وصولاً إلى تركيا). وأشارت المعلومات إلى نية لإنشاء «غرفة عمليات موسعة» في المنطقة يساهم فيها، إلى جانب «النصرة»، عدد من المجموعات المسلحة. ولفتت إلى تعهد الشخصية الخليجية بتسهيل وصول إمدادات سرية من الأسلحة إلى «النصرة» لتحصين دفاعاتها وتقوية نفوذها في دير الزور. وتوقعت المعلومات أن تبدأ «النصرة» الانسحاب تدريجياً من حلب وإدلب، وتسليم مواقعها هناك إلى «الجبهة الإسلامية»، الأمر الذي يصعب تنفيذه في درعا البعيدة، والتي سيقتصر الأمر فيها على سحب «النصرة» قيادات الصف الاول، وانضمام باقي المسلحين إلى مجموعات أخرى، مع احتمال تكرار الأمر في الغوطة في ريف دمشق، عبر انضمام مسلحي «النصرة» إلى «جيش الإسلام» المنضوي تحت راية «الجبهة الإسلامية».
ووفقاً لهذا المخطط، سيكون الميدان السوري قد شهد توزعاً لمناطق انتشار المجموعات المسلحة، بحيث تُصبح «الجبهة الإسلامية» الكتلة الأبرز في درعا وريف دمشق، كما في حلب وأجزاء من إدلب، وتصبح «جبهة ثوار سوريا» الأبرز في حماه والغاب وأجزاء من إدلب، فيما ينفرد «داعش» بالرقة، ويتنازع مع «النصرة» على دير الزور والحسكة ونفطهما.
f