SHIA-NEWS.COM شیعه نیوز:
لا يشبه مقاتلو «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» غيرهم من مسلّحي المعارضة السورية. يُعرف هؤلاء من هيئتهم الخارجية: لحىً مرخية وشوارب محفوفة وشعرٌ طويل يلامس الكتفين. أشكالهم الخارجية تُظهرهم أقرب إلى ممثلين في أفلامٍ تاريخية. عناصر التنظيمين أكثر التزاماً دينياً وانعزالاً عن غيرهم من عناصر التنظيمات الأخرى، ولا يحبّون وسائل الإعلام، ومعروفون بأنّهم «الأكثر إقداماً في مواجهة الموت» مقارنةً بباقي كتائب المعارضة المسلّحة. يتميّز «الدولة» عن «النصرة» بحرص مسلحي التنظيم على اللباس الأسود الموحّد والأقنعة التي تُخفي الوجوه. عدا ذلك، فإن ما يجمع التنظيمين المُتشددين أكثر مما يُفرّقهما. قيادات التنظيمين نجحت في حصر الخلاف بين أميريهما، أبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني، على مستوى القيادة والحؤول دون وصوله الى العناصر. لذلك ينشط عناصر «النصرة» و«الدولة» جنباً الى جنب في منطقة جبال القلمون. وتقول مصادر قريبة من التنظيمين لـ«الأخبار»: «لا تُصدّق أنّ الخلاف بين الدولة والجبهة كبير. ليست سوى خلافات بسيطة لا تستحق أن يُخاض فيها». فيما يشير مقاتلون من النصرة الى أنّ «الدولة أكثر تشدداً منّا. لكن ذلك ليس خطأً أيضاً».
لماذا لا يتوحّد التنظيمان إذاً؟ سؤالٌ لا إجابة شافية عنه.
هذا ما بين «تنظيم القاعدة» وشقيقته «الدولة الإسلامية في العراق والشام». ولكن ما بينهما، لا ينسحب على علاقتهما مع بقية الكتائب، ولا سيما تلك التي تدور في فلك «الجيش السوري الحرّ». «صوفة» الأخير، في عيون عناصر التنظيمين الإسلاميين، أكثر من حمراء. يعتبرون «عناصره تُجّاراً وعملاء ولصوصاً… إلّا ما ندر». أما التنظيمات الإسلامية الأخرى، كـ«لواء جيش الإسلام» و«حركة أحرار الشام» و«صقور العز» و«بشائر النصر» وغيرها، فلا نظرة موحدة إليها. ينطلق عناصر التنظيمين الجهاديين من حُكم أن «حُسن الظن لا يُجيز لنا القول سوى أنهم مجاهدون ثبّتهم الله». يحرص التنظيمان على إظهار هذه الصورة وتسويقها. ورغم أنّهما أحياناً يخوضان عمليات مشتركة مع «أحرار الشام» التي انضوت في ائتلاف «الجبهة الإسلامية»، إلّا أنهما يمتنعان نهائياً عن خوض أي عملية مشتركة مع «جيش الإسلام» الذي يُعدّ أساس «الجبهة الإسلامية». هذا على مستوى القيادة. أما في الميدان، وسط العناصر المقاتلة، فيتلاشى موجب التحفّظ. يُعدّد هؤلاء «خيانة جيش الأفلام»، ويستنكرون إطلاق «تسمية مقدسة على فصيل بعيد كل البعد عن صفاتها».
ويقول المقاتلون إنّ عناصر «الدولة» و«النصرة» ينفّذون معظم العمليات في القلمون والغوطة بمساعدة بعض الكتائب «المخلصة» كـ«الكتيبة الخضراء» و«أحرار الشام»، مشيرين الى أن «الكل يعلم أن جيش علّوش لا يُشارك بطلقة». ويضيفون: «هذا التنظيم تقوده المخابرات السعودية بإمرة بندر بن سلطان». وبالتالي، «لن يتحرّك عناصره من دون إشارة من هناك. وطبعاً لا يخفى على أحد أنّ لأميركا يداً في المخابرات السعودية». تهم العمالة تُقذف في اتجاه «الجيش». ينقل المقاتلون أنّ «جبهة النصرة تلاحق اثنين من قادة جيش الإسلام بسبب انسحابهما من بلدة قارة من دون إعلام القائد العسكري للجبهة، ما تسبب بسقوط شهداء». ويكشفون أن أحدهما، ويُعرف بـ«أبو خالد الجبل»، رفض تزويد الجبهة بصواريخ مكدّسة لديه في المستودعات، «ما دفع مقاتلينا إلى انتزاعها بالقوة».
هل يمكن أن يكون «جيش الإسلام» مشروع «صحوات» مقبلة؟ تساؤلٌ يُجيب عنه جهاديٌ في «النصرة» من منطقة الغوطة إجابة مبهمة، بحجة أنّه «لا يمكنك أن تشك بالجميع، لكن جيش الإسلام يجمع الكتائب بلعبة خارجية، والهدف من ذلك قلبهم مستقبلاً ضد القاعدة». وتعليقاً على اندماج مجموعة كتائب تحت مسمّى «الجبهة الإسلامية»، يردّ عناصر في «الدولة» و«النصرة» قائلين: «جمّعوا أنفسهم على أساس أنهم جبهة موحّدة، لكنّ قلوبهم مبعثرة». وبالسؤال عن موقفهم من حليفتهم، حركة «أحرار الشام»، يجيبون: «بارك الله فيهم. صادقين ثبّتهم الله، لكن اختراقهم سهل لأنهم حركة وليسوا تنظيماً كالجبهة».
مصادر قيادية في التنظيمين المتشددين تقول إن «مضمون أحاديث المجاهدين كانت صحيحة سابقاً، لكن الوضع تغيّر الآن». يؤكد أحد القياديين في «النصرة» لـ«الأخبار» «حصول حالات خذلان من قبل جيش الإسلام في بعض المواضع»، لكنّه يلفت إلى «عدم جواز تعميم ذلك على أصل العلاقة». وينقل أنّ «الشكوك وُضعت في الميزان»، كاشفاً بأنّ ممثلين عن «النصرة» و«الدولة» اجتمعوا إلى قائد «لواء جيش الإسلام» السابق الشيخ زهران علّوش في يبرود لتحديد طبيعة العلاقة في ما بينهم. وتشير المصادر إلى هواجس كانت تشغل قادة الجهاد في كل من «الجبهة» و«الدولة»، ولا سيما حول علاقة علّوش المعروفة بالنظام السعودي بسبب التمويل الضخم الذي يُزوّدونه به والثمن المتوقّع مقابل هذا التمويل. وتكشف المصادر أنّ هدف الاجتماع كان وضع النقاط على الحروف، و«اتّفقنا مع الشيخ زهران على أن يكون الحُكم إسلامياً دستوره القرآن والسنّة النبوية» بعد سقوط النظام. وأُبلغ علّوش رفض التنظيمين «أي إملاء أو قرار لا يتوافق مع جوهر الحُكم الإسلامي في دولة ما بعد الأسد». تُضيف المصادر، «وذلك ينسحب على معظم قادة المعارضة السورية المرتبطين بعلاقات مع دول خارجية (…) فليحتفظوا بصداقاتهم إن أرادوا، لكنّهم بالتأكيد لن يستثمروها على دماء المجاهدين».
النهاية