SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
تجاوز الحراك الشعبي في الجزيرة العربية خطر الانفضاض، والنشطاء يؤكّدون يوماً تلو آخر أن حضورهم ليس عابراً، ولا ظاهرة منعزلة، بل يملأ الفضاء العام بكل أشكال التمثيل الشعبي، وإن استشراس الدولة الأمنية تهويلاً وتشويهاً، لم يحد من وتيرة تمدّد مساحة الاحتجاج الشعبي.
تتآكل مشروعية النظام بصورة غير مسبوقة، وهذا يفسّر الى حد كبير الاستدعاء الكثيف للخطاب الديني، المسؤول فيما مضى عن توفير جرعة المشروعية للنظام، كما يشرح بقدر هلوسات الصحافة الرسمية لناحية تكريس نقيضها الموضوعي، أي الاستبداد..ما أبشع أن تتصالح الكلمة مع غريمها..في هذا البلد، يتقمّص رؤساء تحرير دور ضباط أمن.
كل مصادر الردع التقليدية جرى استحضارها في مواجهة الحراك: التقديمات الإجتماعية، الفتوى والتحريض الطائفي، الدعاية المضادة، التهويل الأمني، قولاً وعملاً..وفي آخر النهار تطوي السلطة رهاناتها، وأوهامها، فقد أدبر الزمن الذي تحسم فيه السلطة، سياسية كانت أم دينية أو إعلامية، الجدل حول قضايا عامة، فوراء كل موقف موقف مضاد، ووراء رحيل رمز أو اعتقاله ورثة أوفياء يحيون الدور بعزيمة أشد.
بعد أيام من تنفيذ عقوبة السجن الجائرة ضد رمزي جمعية (حسم) الحقوقية، عبد الله الحامد ومحمد القحطاني، أعلن أربعة ناشطين حقوقيين في 3 نيسان (إبريل) الماضي عن (جمعية الاتحاد لحقوق الانسان)، وتضمّن بيان التأسيس نقاطاً متقدّمة في نقل ملف انتهاكات حقوق الانسان في السعودية الى الهيئات الدولية.
أطاح الحراك الشعبي المتنامي في العالمين الافتراضي والواقعي مفهوم أمن السلطة وإن تلفّع بمفاهيم عمومية مثل (أمن الوطن)، وإن مفهوماً جديداً للأمن يفرضه الشعب، ويولد من الحرية.
لا دولة (المواطن رجل الأمن الأول)، ولا الدولة (المؤتمنة على الشريعة)، ولا دولة الرفاه وأضرابها كفيلة بوضع حد لوتيرة السخط المتصاعد والمتنقل بين مناطق المملكة
مكوث الملك فترة طويلة في روضة خريم، خارج العاصمة الرياض، يصوّر على أنه انتقال السلطة من الحاضرة الى البادية، بما يشبه العودة الى تقاليد السلطة البدائية القائمة على الاستعمال المفرط للقوة، أو تفويض الدولة العميقة مهمة إخماد بؤر الاحتجاج الشعبي بصورة حاسمة.
سلمان العودة: فتح باب المعارضة
في تطوّر لافت، دخل أبرز صقور التيار السلفي الصحوي في المملكة، الشيخ سلمان العودة على خط الحراك الشعبي بعد أيام قليلة على صدور أحكام بالسجن على الحامد والقحطاني. وفي 15 آذار (مارس) الماضي، نشر العودة ما اصطلح عليه (خطاب مفتوح)، مشتملاً على أربع وستين نقطة، حذّر فيها من (الفوضى والتشرذم والاحتراب) إن لم تقدم الحكومة على الاصلاح. ولفت الى سيطرة الرؤية الأمنية إزاء الحراك الشعبي، ومنه أضاء على ملف السجون، وسيطرة جهاز المباحث على السجناء رقابة واعتقالاً ومحاكمة. وقال عن الناطقين الرسميين بأنهم (يعبرون عن بؤس) وينتمون (الى زمن مضى)، وأن الاداء الإعلامي قائم (على الحجب والتدخل الأمني)، في غفلة من وجود (الشبكات الاجتماعية والكمرات المحمولة التي توثق الأحداث فوراً). ولفت الى ما وصفه بـ(الجيش الأمني في تويتر) وقنوات شبكة حكومية توصم (كل ناصح بأنه (محرّض)، وكل داع إلى الإصلاح السياسي بأنه (طامع)، بينما الوعي يكبر وينمو، وحذّر من أن اغلاق الأبواب (فالمضطر قد يركب الصعب ويغفل عن المصالح والمفاسد)..وحدّد أسباب الاحتقان في (الفساد المالي والإداري - البطالة - السكن - الفقر - ضعف الصحة والتعليم - غياب أفق الإصلاح السياسي). وختم بالتحذير من العنف الثوري لأن (الثورات إن قمعت تتحول إلى عمل مسلح، وإن تجوهلت تتسع وتمتد، والحل في قرارات حكيمة وفي وقتها تسبق أي شرارة عنف).
ناصر العمر: على خطى العودة
شجّع خطاب العودة أحدّ لدّاته في التيار الصحوي، الشيخ ناصر العمر الذي قرر الدخول في حلبة الحراك الشعبي، وأكّد في حديث مطوّل نشره على صفحته الرئيسية في 20 مارس الماضي، على (أن الإصلاح واجب شرعي على العلماء..كما أنه واجب على الكافة كل بحسب استطاعته)، مؤكداً على (أن القيام به أمنٌ للبلاد وحفظٌ لها من الهلاك وشرور الأعداء). وحذّر العمر المسؤولين (من تحجيم دور المصلحين وإيصاد الأبواب دونهم). والعمر يشير الى المصلحين من طبقة رجال الدين، التي ينتمي اليها، ويعارض الاصلاحيين من التيارات الأخرى.
وكشف العمر عن وثيقة قدّمها مع مجموعة من العلماء والمثقفين تتعلق بعدة قضايا تهم البلد، لكن أحد المسؤولين في الديوان الملكي حال دون إطلاع الملك عليها، وقال له (تفضل مذكرتكم التي كتبتموها لخادم الحرمين، تراه ما قرأها ولن يقرأها! وما شافها ولن يشوفها!). فقلت له لماذا؟ هذه لخادم الحرمين وليست لك، فقال: أنا أمثل خادم الحرمين، وبإمكانك أن تكتب لخادم الحرمين وتقول أني أعدتها).
انتقد العمر سياسة الأبواب المفتوحة وقال بأن (الدولة تقول إن أبوابنا مفتوحة، وإذا بالواقع قد تغير، فتذهب للوزير أو المسؤول فلا تجده، تذهب للديوان الملكي فلا يسمح لك بالدخول، وهذا أمر خطير..).
طارق الحميد والدوسري: اعلام رسمي في مواجهة الحراك
عشرات الردود الموتورة على خطاب العودة نشرت في الصحف الرسمية، لم تناقش الخطاب بل صبّت جام غضب الحكومة عليه.
كتب طارق الحميد، رئيس تحرير الشرق الأوسط، ردّاً إنفعالياً في 17 آذار الماضي بعنوان (سلمان العودة.. خطاب مفضوح)! بدأه بهجوم على شخص العودة واعتبر خطابه تعبيراً عن (الأنا المتضخّمة)! وأنه (خطاب مفضوح، أشبه بالابتزاز، ومليء بالأنا المتضخمة) وأنه (يطالب الدولة بتنصيبه «رمزا»، و«وصيا»).
في اليوم نفسه، كتب سلمان الدوسري، رئيس تحرير جريدة (الاقتصادية)، مقالاً بعنوان (ثورة سلمان العودة)، وعلى الطريقة نفسها في التناول الشخصي، نبش الدوسري في سيرة العودة. وأكثر ما أزعجه في خطاب العودة أنه تضمّن (تعبئة عارمة وتجييش ضد رجال الأمن)، في سياق ردّه على انتقاد العودة لخضوع الدولة تحت تأثير الرؤية الأمنية فحسب، الأمر الذي يجعل الإصلاح خياراً مستبعداً.
أحدث خطاب العودة صدمة إيجابية وسط مجتمع سئم من انحباس رجل الدين في دائرة السلطة. فمأزق الوعي الديني السلفي يكمن في المفارقة المذهلة بين من يدعو الى اسقاط بشار الأسد وإن تطلب إفناء ثلث الشعب السوري من أجل إسعاد الثلثين الباقين (الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق وعضو هيئة كبار العلماء)، وبين من يعتبر مجرد انتقاد الملك شكلاً من أشكال الخروج على ولي الأمر (الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء).
خلية التجسس.. عين على الحراك
حاز خطاب العودة على تأييد شعبي واسع. ويمكن التدليل هذه المرة على ذلك مادياً، فقد وفّرت مواقع التواصل الاجتماعية (تويتر وفيسبوك) فرصة إجراء إستطلاعات على نطاق واسع والحصول على نتائج بهوامش خطأ ضئيلة. وهذا ما استوجب استنفاراً أمنياً وإعلامياً ودينياً لتطويق تداعيات خطاب العودة.
كان لابد من كسر المزاج الشعبي وسياق الأحداث الذي كاد أن يرسم معالم مرحلة حراك شعبي حاسم، فجاءت قصة (خلية التجسس الإيرانية) التي جرى اختبار تسويقها بين نفي وإثبات الضلوع الإيراني، وبين تهكمات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي على مزاعم وزارة الداخلية حول أهداف الخلية، وكيف يمكن لأفراد ينتمون الى طائفة ممنوع أفرادها من العمل في المؤسسات العسكرية والأمنية والحيوية من الوصول الى أسرار خطيرة عن الدولة. في 26 آذار الماضي حسمت الداخلية خيارها في الكشف عن هوية الدولة المسؤولة عن خلية التجسس وأيضاً هوية الشخصيتين الأجنبيتين في الخلية: إيراني ولبناني. وبهكذا عناصر تكون القصة محبوكة بصورة تامة، وكافية في ظل استقطاب مذهبي شديد لصنع قضية رأي عام. وحينئذ لن يتساءل كثيرون عن تفاصيل وظائف وسيرة أفراد الخلية، وكيف يصبح رئيس الخلية إيرانياً سنيّاً يدرس في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وما يجمع بينه وبين طبيب أو مصرفي من الطائفة الشيعية في المنطقة الشرقية! ربما استعان صانع قصة الخلية بروايات دان براون.
المطلوب في خلية التجسس، بتر سياق التحوّلات الداخلية بعد انخراط قوى وشخصيات دينية ووطنية فاعلة في الحراك الشعبي. للإشارة فحسب، أن صانع قصة الخلية الاستخبارات العامة، التي يرأسها بندر بن سلطان، بحسب بيان وزارة الداخلية حول خلفية اعتقال المشتبه بهم (بناء على ما توفر لرئاسة الاستخبارات العامة من معلومات عن تورط عدد من السعوديين والمقيمين بالمملكة في أعمال تجسسية لمصلحة إحدى الدول).
حضر خبراء الأمن والدفاع الى الصحافيين الموكلين بتسويق (بضاعة) الداخلية، وكان الهدف واضحاً: لملمة أطراف السلطة وشدّها إزاء خطر يتهدد (الوحدة الجغرافية) للمملكة، كما ذكر ذلك العودة في خطابه المفتوح.. ولذلك عادت نغمة (الحفاظ على الوحدة الوطنية) و(أمن الوطن أولاً..).
تغطية غير مسبوقة لقضية خلية التجسس، حيث بلغ عدد ما نشر في الصحف المحلية ما يقرب من مائتي تقرير ومقالة حول الموضوع. وما يبعث على الدهشة أن الصحف المحلية في بحثها عن معلومة مثيرة في سير أفراد الخلية تحيل من العادي الى استثنائي، وأيضاً خطير.. فالمصرفي الذي عمل 35 عاماً في المجال المصرفي قبل أن يتقدّم بطلب التقاعد عمل في قسم خدمات التحويلات المالية والدولية. والأكاديمي في مجال التربية كان يعد مقررات الأصول الفلسفية للتربية والأصول التاريخية والاقتصادية في جامعة الملك سعود بالرياض، كما شارك في اللجنة الدائمة لتطوير الجامعة (وشارك في إعداد التقرير الوطني عن التعليم العالي بالسعودية)، أما الطبيب فاستشاري في قسم الأطفال، واستغل موقعه (في تزويد معلومات عن الشخصيات المهمة الخاضعة للعلاج في المستشفى ذاته). فهل نلوم الاستخبارات الإيرانية التي أخطأت بل أجرمت في الإختيار، أم نسخر من تلفيقات الداخلية لشخصيات لا تنطبق عليها مواصفات الجواسيس، لأنها لم تكرّس حياتها لهذا النوع من المهام، فضلاً عن أن تسمح وظائف هؤلاء بمزاولة أدوار جاسوسية.
ولأن المطلوب صنع رأي عام، راح يتفنن المقرّبون من النظام السعودي من اعلاميين وأمنيين وسياسيين وكتّاب الى جانب بطبيعة الحال مشايخ ودعاة في شتم وتجريم الخلية ومن وراءها، فيما أطلق البعض خياله الخصب والدنيء لناحية فبركة وإضافة أبعاد أخرى لقصة (خلية التجسس).
شخصيات سياسية ودينية شيعية من المملكة أصدرت في 19 آذار مارس الماضي بياناً وصفت فيه إتهام وزارة الداخلية لشخصيات شيعية في قضية خلية التجسس بأنه (مرفوض ومريب)، واتهمّوا السلطات بـ (استغلال التوتر الطائفي المتفاقم في المنطقة). وأن الهدف هو (صرف الأنظار عن المطالب المتصاعدة بالإصلاح).
بعد أيام، صدر بيان آخر وقّعه 135 شخصية شيعية في محافظة الإحساء جدّدوا رفض مزاعم الداخلية حول خلية التجسس، وعدم إقحام الورقة الطائفية (في تصفية الخلافات السياسية الخارجية، أو إشغال الرأي العام عن المطالبات الإصلاحية والحقوقية الداخلية). واستنكر الموقّعون (الهجمة الاعلامية في الصحف المحلية ضد الرموز المدافعة عن المعتقلين ووصفها بالخيانة للوطن وبالتهور والانتهازية).
وكان الفريق الاعلامي الرسمي قد شنّ هجوماً عنيفاً ضد الموقّعين على البيانين، فكتب سلمان الدوسري، في (الاقتصادية) في 23 آذار الماضي مقالاً تهكميّاً بعنوان: (جواسيس ولكن أبرياء)، بدأه بلعن الربيع العربي، لأن ما قبله كان الوطن مليء بالعقلاء ولكن ما بعده (غدا الخطاب الجمعي مسيطراً على من نفترض أنهم نخباً اجتماعية، فلغة الشارع تسود ولغة المنطق تغيب).. المقالة برمتها تحوم حول نقطة واحدة: أن التمايز بين العقلاء وسواهم متوقف على العلاقة مع السلطة، سلباً أم ايجاباً.
أما طارق الحميد، رئيس تحرير الشرق الأوسط فعاد الى (التفضيح) مجدداً، فوصف بيان الشخصيات الشيعية في القطيف بـ (البيان الفضيحة). منشأ الفضيحة، بحسب مقالة الحميد في 24 آذار الماضي، عائد، من بين أمور أخرى، الى اتهام الموقّعين للحكومة بأنها تقوم (باللعب على ورقة الطائفية، ومحاولة التهرّب من استحقاقات الإصلاح الداخلي بعملية تحاشد واضحة مع بيانات الرموز الإخوانية في السعودية). وبدلاً من مناقشة هذه التهمة بالتحديد، انتقل الحميد الى الداخل الايراني واستعراض الخلافات الداخلية في ايران، والصراع بين الحرس الثوري والاستخبارات وأحمدي نجاد ومرشد الجمهورية الاسلامية.. وكل ذلك لإثبات قصة التجسس.. وبالتالي فإن بيان مثقفي الشيعة فضيحة (لا تبرئ المتهمين بقدر ما تسيء للعقلاء من الشيعة). وزاد الصحافي إدريس إدريس على الردود بعداً عقدياً متعالياً في مقالته ـ النداء (إلى شيعة القطيف: لا يهمكم من ضلّ إذا اهتديتم) المنشور في أول نيسان الجاري في صحيفة (الوطن) السعودية.
على المستوى الأمني، شرعت الداخلية بملاحقة الموقّعين على بياني القطيف والاحساء بخصوص خلية التجسس، وقام جهاز المباحث بالتحقيق مع العشرات من الموقّعين، وصدر أمر من الداخلية بمنع سفرهم. ما يبعث على السخرية أن التهمة هي (التوقيع على بيان ضد وزارة الداخلية)!
تدابير أمنية ودينية ترافقت مع حملة الدولة العميقة، فقد دعا المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في 6 نيسان الجاري الى التصدي لـ "التشيع”، ووصف المفتي في خطبة الجمعة في 12 نيسان الموقعين على بيان القطيف بأنهم (مثيرو فتنة) ويسعون (لزعزعة أمن الوطن).
في السياق نفسه، تعرّضت مواقع التواصل الاجتماعي الى هجوم حاد من قبل المفتي والمشايخ. فقد وصف المفتي موقع (تويتر) بأنه (مجلس للمهرّجين والتغريدات الكاذبة) (خطبة الجمعة، 22 مارس الماضي)، ولم يكن الهجوم الأول للمفتي على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ وصف في مطلع شهر مارس الماضي استخدام شبكات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك) لمناصحة ولي الأمر بأنه (فضيحة وليس دعوة). فيما قال إمام وخطيب الحرم المكي الشيخ عبد الرحمن السديس عن مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يغلب عليها الهوى (لاستمالة الدهماء بالتأليب والضجيج والتشويش والتحريش والعجيج).
شركة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أعلنت في 25 آذار (مارس) الماضي بأنها طلبت من الشركات المشغلة لبرامج اتصال مرئية مثل سكايب وتطبيقات للتحادث كالواتساب وفايبر مراقبتها أمنياً تحت طائلة حظرها إذا لم تتمكن من ذلك.
بدت صورة الدولة العميقة تتجلى بوضوح في الآونة الأخيرة محثوثة بذعر التهكّنات الغربية بأن 2013 هو عام الربيع السعودي، ما دفع لوضع خطة أمنية تقوم على إفراغ الحراك الشعبي من الرموز الفاعلة عبر اعتقالهم في ظل محاكمات صورية في سياق مشروع إجهاض حراك خرج من نطاق النخبة والطائفة والإقليم..وبات حراكاً شعبياً بحق.
مسلسل الاعتقالات والمحاكمات الصورية جارية الآن وتستهدف إخماد كل بؤر الحراك الشعبي الذي يدخل عامه الثالث دون مؤشرات واضحة على قدرة النظام على احتواء التحركات العامة التي تنطلق من مناطق مختلفة من البلاد.
اليوم تبدو الصورة أكثر من جليّة على أن خيار القمع فقد مفعوله المرجو، لأن استخدامه كان يتم ضد فئة محدودة، وكان الذعر ينتاب الغالبية من أن يطالها، ولكن اليوم بات القمع عاماً، وباتا غالبية السكان قادرة عل كسر عامل الخوف والتخويف، خصوصاً وأن تجارب الشعوب الأخرى أثبتت بأن القمع لا يكسر إرادة الشعوب بل إنها وحدها من يحسم النتائج، ولذلك كان الشعار المرفوع (اذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر) هو ما وضع للقمع حدّاً، وأطاح بعدد من رؤوس القمع في المنطقة مثل زين العابدين بن علي (تونس) ومعمر القذافي (ليبيا)، وحسني مبارك (مصر) وعلي عبد الله صالح (اليمن)، وليس بقية الجلاّدين ببعيد عن هذا المصير.
النهاية
احرار الحجاز