الاخ ابو حسن المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً:
لا يجوز للرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن يجتهد مقابل النصّ,
بمعنى أن يأتي بقول يخالف النصّ الشرعي الصادر عن المولى سبحانه، وذلك
لقوله تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى )) (النجم:3-4).
وأئمّة
أهل البيت(عليهم السلام) كذلك، باعتبار أنّهم أوصياء للنبيّ(صلّى الله
عليه وآله وسلّم) وحفظة للسُنّة النبوية الشريفة ينقلونها عن النبيّ(صلّى
الله عليه وآله وسلّم) قابلاً عن قابل بما يسر الله لهم ذلك من الوسائط
والسبل والتي أحدها الإلهام, فقد ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) قوله:
(حديثي حديث أبي, وحديث أبي حديث جدّي, وحديث جدّي حديث الحسين, وحديث
الحسين حديث الحسن, وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين(عليه السلام)، وحديث
أمير المؤمنين حديث رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وحديث رسول الله
قول الله عزّ وجلّ)(1).
وأيضاً ورد عنه(عليه السلام):
(علمنا غابر ومزبور, ونَكت في القلوب, ونقر في الأسماع، وإنّ عندنا الجفر
الأحمر، والجفر الأبيض، ومصحف فاطمة(عليها السلام)، وإنّ عندنا الجامعة
فيها جميع ما يحتاج الناس إليه)، فسئل (عليه السلام) عن تفسير عن هذا
الكلام، فقال: (أمّا الغابر: فالعلم بما يكون, وأمّا المزبور: فالعلم بما
كان, وأمّا النَكت في القلوب: فهو الإلهام, وأمّا النقر في الأسماع: حديث
الملائكة, نسمع كلامهم ولا نرى أشخاصهم...)(2).
ثانياً: إن كان المراد بالتعطيل للحكم: عدم العمل به لعدم توفّر شروطه, فهذا يسري في مقام التطبيق على المعصومين وغيرهم في جواز التعطيل.
وإن
كان المقصود من التعطيل: عدم تطبيق الأحكام مع توفّر شروط تطبيقها, فقد
ذكر الفقهاء موارد العفو للإمام المعصوم، منها العفو عن الحدّ الثابت
بالإقرار دون البيّنة كما وردت به الأخبار(3).
وإن كان
المقصود بالتعطيل: إنشاء حكم لم يكن، فهذا يقول به من يقول بثبوت حقّ
التشريع لهم(عليهم السلام) كما كان ثابتاً للرسول(صلّى الله عليه وآله
وسلّم)، وهي مسألة خلافية كما سنشير إليه في جواب السؤال الآتي.
ثالثاً: للنبيّ(صلّى الله عليه وآله
وسلّم) حقّ التشريع, ويدلّ عليه ما روي في الوسائل عن زرارة بن أعين، قال:
قال أبو جعفر(عليه السلام): (كان الذي فرض الله على العباد عشر ركعات,
وفيهنَّ القراءة وليس فيهنّ وهم، يعني: سهواً، فزاد رسول الله(صلّى الله
عليه وآله وسلّم) سبعاً، وفيهنّ الوهم، وليس فيهنّ قراءة, فمن شكّ في
الأولتين أعاد حتّى يحفظ ويكون على يقين, ومن شكّ في الأخيرتين عمل بالوهم)(4).
وأمّا
الأئمّة المعصومون(عليهم السلام) فقد اختلف العلماء في أنّه هل لهم حقّ
التشريع كما كان لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أم لا، فذهب بعضهم
إلى وجود مثل ذلك الحقّ لهم, بينما ذهب بعضهم الآخر إلى عدمه(5).
رابعاً: أمّا بالنسبة لما رود عندنا من
أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) وضع الزكاة على الخيل الإثاث ديناران في
السنة, فقد أفتى علماؤنا باستحبابه لِما ثبت من أنّ رسول الله(صلّى الله
عليه وآله وسلّم) عفا عن الزكاة في الخيل(6).
فلعلّ ما صدر من أمير المؤمنين(عليه السلام) كان لمصلحة رأها في وقته إعمالاً لحقّ حكومته.
ودمتم في رعاية الله