SHIA-news.com شیعة نیوز:
سعي تركيا لتحسين صورتها في الشرق الأوسط بعد ان تضررت نتيجة النزاع الدائر في سوريا وتوتر علاقاتها الدبلوماسية مع مصر، استدعى منها بذل جهود كبيرة من اجل التقارب مع جاريها العراق وايران.
لكن النزاع المستعر الدائر في سوريا منذ اذار/مارس 2011 اسقط طموح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي اظهر بلاده على انها لاعب أساس على المسرح السياسي الإقليمي، المعادي للنظام في دمشق فيما تسود البرودة علاقاته مع العراق وإيران وإسرائيل، ليضاف الى ذلك اليوم الازمة الدبلوماسية بين انقرة والقاهرة.
طرد النظام المصري، امس السبت، السفير التركي في القاهرة بعد تصريحات لاردوغان قال فيها انه لا يكن "اي احترام" لمسؤولين يعينهم الجيش في اشارة الى اولئك الذين طاحوا بالرئيس المصري السابق الاسلامي محمد مرسي.
ويرى السفير التركي السابق في واشنطن فاروق اوغلو نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض ان "تركيا اليوم هي البلد الذي يسبح وحده في الفراغ".
فيما يرى سنان اولغن رئيس مركز اسطنبول للدراسات الاقتصادية والسياسية الخارجية ان "سياسة ما يسمى بـ(صفر من المشاكل مع الجوار) لم تعد موجودة بكل بساطة".
ويضيف "لقد فشلت تركيا في التوصل الى تبني سياسة دبلوماسية واقعية حيال التغييرات التي تشهدها المنطقة على اثر الربيع العربي".
واردوغان الذي شوهت صورته في الخارج بعد القمع العنيف للتظاهرات الشعبية التي حصلت في تركيا في تموز/ يوليو الماضي، دافع عن سياسته من خلال اعلانه أن بلاده تقف الى جانب "اهل الحق"، أيا كان عرقهم أو دينهم.
واكد اردوغان، امس السبت، ان حكومته تدعم الاحزاب الديمقراطية في العالم. ويقول "نحن لا نحترم ابدا اولئك الذين لا يحترمون الحقوق السيادية للشعب".
ويشير اولغن الى انه على الرغم من هذه التأكيدات، الا ان تركيا ادركت فشل سياستها وبدأت بالشروع في "البحث عن توازن جديد".
اعتمدت تركيا موقفا عدائيا تجاه سوريا ورئيسها، بدعمها الجماعات المتطرفة، ما أدى الى تأثر علاقاتها مع العراق وايران المجاورين، لذا أصيبت تركيا بالاخفاق السياسي، الامر الذي يحتم على أردوغان اعادة تقييم موقعها الإقليمي.
ويؤكد مراقبون للشآن العربي أن "تركيا ترى ان هذا هو على الارجح الثمن الذي تدفعه لاسقاط الأسد، ولكنها بالتأكيد لم تكن تتصور أن سقوط هذا النظام سيستغرق وقتا طويلا، ولهذا بدأت أنقرة فعليا باتخاذ خطوات من اجل التقارب مع العراق وايران".
في هذه الاثناء يسارع وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الى زيارة الى طهران الاثنين بعد زيارة نظيره الايراني محمد جواد ظريف الى انقرة والتي اكد خلالها الوزيران بان "ما يربط البلدين من اتفاقات حول القضايا الاقليمية هو اكثر من الخلافات".
وقام وزير الخارجية التركي الشهر الحالي بزيارة الى بغداد بحثا عن "بداية جديدة" بعد ان توترت العلاقات بين البلدين بسبب رفض أنقرة تسليم نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي المحكوم بالاعدام غيابيا، والاتفاقات النفطية التي وقعها الأتراك مع المسؤولين في اقليم كردستان العراق.
ويرى المراقبون ان "هذا التقارب بين طهران وبغداد على وجه الخصوص يعكس قلق أنقرة من تصاعد قوة الاكراد في سوريا على حدودها الواقعة بالقرب من مناطق متمردي حزب العمال الكردستاني، حيث شكلوا مؤخرا إدارة خاصة بهم في أقصى الشمال السوري".
ويشير المراقبون الى ان "تركيا تدرك الان ان عليها تحقيق التوازن في معارضتها للنظام السوري عن طريق اتخاذ تدابير لاحتواء الأكراد في سوريا، الأمر الذي يتطلب وجود تحسن في علاقاتها مع ايران والعراق".
وهذا التحول لم يمنع النائب التركي المعارض مسلم ساري من وصف داود اوغلو بأنه "أسوأ وزير في الحكومة" و"أسوأ وزير خارجية في تاريخ الجمهورية التركية".
وتصاعدت حدة لهجة الخطابات السياسية بين الحكومتين العراقية والتركية في شهر كانون الثاني عام 2012 ، في ضوء المشكلات التي أثارتها جملة من الأحداث والتصريحات ومنها مذكرة الاعتقال التي صدرت بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي والتي اعتبرتها أنقرة ضمنيا تستهدف فئة معينة.
وقالت أنقرة في وقت سابق إن الهاشمي مرحب به في الأراضي التركية متى شاء ويعتقد أن هذا الأمر أزعج المسؤولين العراقيين الذين يسعون لمحاكمته في بغداد.
ومن التصريحات التي شبهها محللون بالحرب الكلامية هي اتهام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بمحاولة "إثارة الطائفية"، محذرا من أن أنقرة "لن تبقى صامتة في حال نشوبها".
وكان المالكي قال بمقابلة تلفزيونية في وقت سابق إن تدخل تركيا في شؤون المنطقة سيجر عليها كوارث، وتبادل البلدان استدعاء سفيريهما بشان مزاعم عن التدخل في شؤون العراق.
واتفق العراق وتركيا في (العاشر من تشرين الثاني الحالي) على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين اثر زيارة لوزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الى بغداد، وأكدا تعاونهما في مجالات الطاقة والنقل والصحة والزراعة، وأبديا رغبة مشتركة في وضع حد للأوضاع المأسوية في سوريا.
النهاية