SHIA-NEWS.COM شیعةنیوز:
بعد أربعين من الهجرة النبوية الشريفة، وبعد انقضاء موسم الحج .. اجتمع ثلاثة رجال من الخوارج بمكة وهم عبد الرحمن أبن ملجم الحميري، والبرك بن عبدالله التميمي، وعمرو بن بكير، فتذاكروا الناس، وعابوا على ولاتهم، كما ذكروا جماعتهم من الخوارج الذين قتلوا في حرب النهروان، وترحموا عليهم وقالوا ما نصنع بالبقاء بعدهم؟ إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة الله، والذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، قد قتل منهم نفر ليس بقليل، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فلتمسنا قتلهم نكون بذلك قد ثأرنا منهم لإخواننا وأرحنا منهم العباد والبلاد.
فتم الاتفاق بينهم على التخلص من أمير المؤمنين الإمام علي ابن أي طالب (عليه السلام) ومعاوية ابن أبي سفيان وعمرو ابن العاص، فقال عبدالرحمن ابن ملجم .. أنا أكفيكم أمر علي، وقال البرك .. أنا أتكفل بأمر معاوية، أما قتل عمرو ابن العاص فتكفل به عمرو ابن بكير.
فتعاهدوا وتوثقوا، بأن لا ينكص رجل منهم عن تولي أمر صاحبه الذي توجه إليه، حتى يقتله أو يموت دونه، وتواعدوا أن ينفذوا جرائمهم فتوجه كل منهم إلي المصر الذي يقيم فيها صاحبه الذي تكفل باغتياله.
فالبرك أبن عبد الله التميمي، قد ترصد لمعاوية وهو خارج ليصلي الصبح، ومكث غير بعيد ينتظر دخوله في الصلاة، وعندما حانت له الفرصة شد عليه بسيفه وهو راكعا فضربه ضربة وقعت في إلية معاوية. كان معاوية آنذاك مرتديا ملابس كثيرة، فلم تؤثر به تلك الضربة، فجرحته جرحا بسيطا، فجيء له بالطبيب لينظر في أمره وإلى الضربة فقال له إن الضربة ليست شديدة .. لكن السيف كان مسموما، وسوف أعالجك من الضربة فاختر.. إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها مكان الضربة فتبرأ، وإما أن أسقيك دواء به تبرئ وينقطع به نسلك، فقال معاوية، إن في يزيدا وعبدالله ما يقرا عيني. فأختار شرب الدواء الذي قطع نسله على الاكتواء بالنار.
أما عمرو بن بكر التميمي، فتربص لعمرو ابن العاص، فكان عمرو ابن العاص يشكو ألما في بطنه ولم يخرج للصلاة فجرا، فخرج بدلاً عنه رجلا يدعى خارجة أبن أبي حبيبة، فضربه التميمي بسيفه ضربة موثقه فارق الحياة على أثرها، وهو يظن انه ضرب عمرو ابن العاص وتخلص منه، فأحتشد الناس وتم القبض عليه فأخذوه وادخلوه على أبن العاص، فقال التميمي مخاطبا عمرو، لك عمرا تفسق فيه يا ابن العاص .. ضربت وما ظننتت غيرك ... فقال عمرو .. أردتنا فأراد الله خارجة ولسوف تشرب من كأسه .. فأمر بصلبه وقتله.
أما ابن ملجم، فقد نزل الكوفة، وكان قد زار أحدا من أصحابه هناك، فكتم أمره الذي جاء من اجله ولم يطلعه على احد ، وفي يوما من الايام لقي إمرأة من تيم الرباب يقال لها قطام بنت شجنة وكان أبوها شجنة بن عدي وأخوها الأخضر بن شجنة من الخوارج وممن قتلوا في حرب النهروان، وكانت قطام هذه فتاة بارعة في الحسن والجمال، عندما رآها ابن ملجم شغف بها حبا، وفتن بجمالها، فأخذ يجري وراءها شهورا حتى أنسته الأمر الذي جاء من أجله، فتعلق قلبه بها فقرر أن يخطبها لنفسه، فلما التقى بها كاشفها الأمر، فقالت:-
قطام: يا ابن ملجم .. أنا أريدك وأقبل بك زوجا .. ولا مانع عندي من الاقتران بك.
أبن ملجم: أأ .. أصحيح ما تقولين يا قطام؟
قطام: نعم .. ولقد آليت على نفسي أن لا أتزوج من خاطبي إلا على مهر لا أريد سواه.
أبن ملجم: وما .. وما هو مهرك يا عزيزتي؟
قطام: مهري عبارة عن ...... (صمت للحظه) .. أ ... هل لك استطاعة عليه؟
أبن ملجم: وما هو مهرك ها؟ .. قولي .. قولي ما هو .. اطلبي ما تشائين؟
قطام: حسنا .. مهري الذي اطلبه عليك هو .. ثلاثة آلاف دينار.
ابن ملجم: ثلاثة دينار!
قطام: و.....
ابن ملجم: وماذا؟
قطام: وعبدا وقينة ....
ابن ملجم: بأستغراب شديد .. عبدا وقينة؟!!
قطام: نعم .. وعبدا وقينة، و ...... (صمت)
أبن ملجم: (باستغراب وحيره) و وماذا أيضا؟ ........
قطام: (بكبرياء) وقتل علي بن أبي طالب.
أبن ملجم: هاااه .. قـ .. قتل علي؟ .. (حيرة وتفكير) الـ .. المهر .. والعبد .. والقينة وكل ما تطلبين من مهر هو لك وبين يديك .. لكن ..........
قطام: لكن ماذا يبن ملجم؟
أبن ملجم: قتل علي!
قطام: نعم وقتل علي..
ابن ملجم: قتل عليا .. هذا أمر يدل على أنك تريدين قتلي والتخلص مني! .. هلا طلبتي شيئا غير هذا؟
قطام: بل قتل علي هو الأهم عندي وهو ما أريد .. إن قتله أهم من المهر، ومن العبد ومن القينة .. فماذا تقول؟
أبن ملجم: (بتردد) .. أ أنا .. أنا لا أجرؤ حتى على الاقتراب من علي وهو فارس الفرسان وقاتل الشجعان .. فكيف بضربه وقتله؟!
قطام: بل ألتمس غرته .. وهذا ما أتمناه .. فإن أصبته شفيت نفسك ونفسي، وطاب لك العيش معي.
ابن ملجم: لكن ماذا لو قتلني؟
قطام: دخلت الجنة، فما عند الله خير من الدنيا وزينتها وزينة أهلها.
أبن ملجم: وووو .. ولماذا تريدين مني قتل علي؟
قطام: إن بقلبي نارا لا زالت تتأجج مذ قام عليا بقتل أبي وأخي وبني عمومتي في حرب النهروان .. ولن يهدئ لي بال او تنطفئ هذه النار حتى أسمع خبر نعيه.
أبن ملجم: لو طلبتي مني أحدا غيره لأنعمتك عينا .. لكن قتل علي! (يرفض بهز برأسه) هذا .. هذا أمر مستحيل.
قطام: ماذا دهاك يا ابن ملجم؟ .. هل جبنت؟ .. ألا تريدني لك زوجة؟
أبن ملجم: لاااه .. لست بجبانا .. وأنت ما أريد من النساء .. لكن الأمر ليس سهلا كما تتصورين!
قطام: ولماذا؟ .. وما الصعوبة في الامر؟
أبن ملجم: إنه علي .. علي .. هل تفهمين معنى هذا؟ .. إنه علي
قطام: وإن .. فأنت أبن ملجم!.
أبن ملجم: نعم .. لكن ............ (حيره)
قطام: لكن ماذا يا ابن ملجم؟
أبن ملجم: لكن .. كـ .. كيف؟ .. ومتى؟ .. وأين؟
قطام: كيف؟ .. ومتى؟ .. وأين؟ .. أقول لك.
أبن ملجم : قولي .. هيا قولي.
قطام : كيف؟ .. سيكون بسيفا مسموما أعده لك .. ومتى؟ .. في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان .. وأين ......... ( ابتسامة خبث ودهاء)
أبن ملجم: وأين هاااا .. وأين؟ ( حيره)
قطام: في المسجد!
أبن ملجم: هاااه .. في المسجد؟ .. في المسجد؟ .. كيف .. وفي أي وقت؟
قطام: نعم .. في المسجد وعند صلاة الفجر.
أبن ملجم: عند صلاة الفجر؟
قطام: نعم .. عند صلاة الفجر.. تنتظره هناك وتنتظر دخوله في الصلاة .. أنت تعرف أن عليا أتقى الأتقياء .. إذا نهض للصلاة انقطع عن عالم الدنيا ودخل عالم الملكوت .. أريد منك أن تتربص له في المسجد وتهجم عليه بسيفك وهو رافعا رأسه من السجود او الركوع وتضربه ضربة موثقه .. (ثواني من الصمت) .. فهل تستطيع فعل ذلك أم ....... أم أرى زوجا قويا شجاعا غيرك؟
أبن ملجم: لاااااه .. لا كنت لغيري أبدا .... والله ما حملني من مكة إلى هذا المصر إلا لأمر واحدا فقط .. وهو قتل علي وتخليص الناس منه .. فقري عينا .. إنك لتسمعين خبر مقتل علي بالكوفة قريبا.
قطام: إذا موعدنا ليلة التاسع عشر من شهر رمضان .. قبل صلاة الفجر.. تأتي بيتي .. وسوف أسلمك سيفا مسموما تضربه به ضربة موثقة يلقى بها حتفه انتقاما منه لما فعل بأبي وإخوتي وتشفي نفسي .. (بخبث) ... إن سلم من الضربة لن يسلم من السم الناقع بالسيف.
أبن ملجم: لأجل عينيك يا قطام .. والله لأفعلنها .. والله لأفعلنها وإن هلكت.
قطام: إن تمكنت منه وجاءني خبره .. أترقبك بثوب الزفاف عروسا.
أبن ملجم: مرحا مرحا .. ثلاثة آلاف وعبدا وقَيْنَةٌ ** وضرب عليّ بالحسام المصمصم فلا مهر أغلى من عليّ وإن غلى ** ولافتك إلا فتك أبن ملجم
وفي مثل هذه الليلة .. تربص أبن ملجم اللعين، لسيدنا ومولانا علي أبن أبي طالب عليه السلام .. ساعة خروجه من بيته ذاهبا لأداء صلاة الفجر، وهناك مكث اللعين غير بعيد يرقب لحظات دخول مولانا المسجد والصلاة، فوقف اللعين أمام مولانا وإمامنا ساجدا مطيلا سجوده كعادته .. وعند رفع رأسه الشربف من السجدة الأولى رفع الرجس سيفه بيده ( ليتها شلت وقتها ) فضربه بالسيف على رأسه .. فخر مولانا وسيدنا وإمامنا صريعا في محرابه، تفور الدماء من رأسه الشريف تسيل على وجهه وكريمته، أما والله لقد فعل شيئا إدا .. فتجمهر الناس حوله، وأخذوا في طلب ابن ملجم اللعين فقبضوا عليه، وأدخلوه على أمير المؤمنين
يقول الإمام علي .. أيها الناس .. دعوه وشأنه .. أيها الناس .. إن النفس بالنفس، والجروح قصاص .. إن مت فاقتلوه، وإن بقيت، رأيت رأيي فيه .. والله إني لأكره أن اقتص منه غاضبا.
فحمل مولانا إلى بيته مضرجا بدمائه وجيء له بالأطباء لينظروا في أمر علاج جرحه رأسه الشريف، فكلما عاوده طبيبا قال ليس للشفاء من حيلة ... فكل طبيب يزوره يقول له .. اعهد عهدك يا مولاي فإنك قريبا مفارق، فالجرح مسوما بسم ناقعا لا ينفع معه دواء .. فبقي على تلك الحالة ليلتان ينازع المرض حتى استشهد ليلة الحادي والعشرون من شهر رمضان .....
وهكذا أفل عنا نور الأرض، وتوشحت شمسنا بالسواد، واظلم الكون علينا لمصاب جرى بكوفة عراقنا، أما والله لقد تهدمت أركان الهدى، قتل مظهر الدين، قتل يعسوب الدين، وقاضي دين المدين، قتل قاصم الجبارين، مبيد الظالمين أبو الحسنين على ابن أبي طالب عليه السلام
آجرك الله يا سيدي يا رسول الله، آجرك الله يا سيدتي ويا مولاتي يا فاطمة الزهراء، آجرك الله يا مولاي يا أبا محمد الحسن التقي، آجرك الله يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبدالله الحسين، آجرك الله يا مولاي يا صاحب العصر والزمان، آجركم الله يا موالين ويا محبين ويا شيعة علي في مصاب أمير المؤمنين عليه السلام . جعلنا الله وأياكم.
النهاية
براثا