السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا
شكّ ولا ريب بأنّ أعداء الشيعة والتشيّع قد كرّسوا جهودهم لتضليل الرأي
العام في سبيل النيل من سمعة مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ولكن يأبى
الحقّ إلاّ أن يظهر.
وممّا افتروه في هذا المجال مسألة مختلقة سمّوها
(استعارة الفروج)، يريدون منها أن ينسبوا إلى الشيعة بأنّهم - والعياذ
بالله - يعتقدون بالإباحيّة في الجنس!!! (( سُبحَانَكَ هَذَا بُهتَانٌ عَظِيمٌ )) (النور:16).
وعلى أيّ حال فإنّ الموضوع واضح وجليّ وهو يختصّ بباب نكاح الجواري والإماء.
وتوضيحه:
إنّ نكاح الإماء لا يكون بصيغة العقد، بل بملك اليمين فقط، فمالكها هو
الأولى بها بالأصالة. ولكن في حالة عدم الاقتراب منها - أو بعد الاقتراب
والاستبراء - يحقّ لمالكها أن يزوّجها ممّن يشاء بمنحه له حصّة ملكيّته
لها، وعلى ضوء ما ذكرنا لا يحتاج هذا الزواج الجديد إلى صيغة النكاح، بل
ينعقد بالملكيّة التي وهبها المالك إيّاه. وطبيعي أنّه لا يحقّ للمالك
المجيز في هذه الفترة - فترة النكاح المشار إليه - أن ينكح ويقترب من أمته،
إلاّ بعد انتهاء فترة النكاح المذكور واستبرائها.
ثمّ إنّ هذه المسألة ليست اتّفاقية عند جميع علماء الشيعة، فمنهم من يقول بالمنع كما حكاه الشيخ الطوسي(ره) في (المبسوط)(1)، والعلاّمة الحلّي(ره) في (المختلف)(2)، وولده(3).
ولرفع الاستغراب في هذا المجال، نذكر فقرات من كتب أهل السُنّة حتّى يتّضح أنّ الشيعة ليسوا متفرّدين في أمثال هذه الموارد:
أولاً:
((فيمن أحلّ جاريته لرجل فوطئها: قلت: أرأيت لو أنّ امرأة ذات رحم محرّم
من رجل، أو رجلاً ذا رحم محرّم منه، أو أجنبياً من الناس، أحلّ جاريته لرجل
منه بقرابة، أو أحلّ جاريته لأجنبيّ من الناس، فوطئها هذا الذي أحلّت له،
(قال:) كلّ من أحلّت له جارية أحلّها له أجنبيّ أو قرابة له أو امرأته،
فإنّها تقوّم عليه إذا وطئها، ويدرأ عنه الحدّ جاهلاً كان الذي وطئ أو
عالماً، حملت أو لم تحمل، لو كان له مال أخذ منه قيمتها... إلى أن قال:
لأنّ وجه تحليل هذه الأمَة عند مالك إنّما هو عارية))(4).
ثانياً: قوله: ((ولدت منه... الخ)) في كافي الحاكم، وإذا وطئ جارية رجل وقال: أحلّها لي، والولد ولدي، وصدّقه المولى بأنّه أحلّها له وكذّبه الولد، لم يثبت نسب الولد منه، لأنّ الإحلال ليس بنكاح ولا ملك يمين... إلى أن قال: وظاهر قوله: لأنّ الإحلال ليس بنكاح ولا ملك يمين، يفيد أنّ المراد به: أن يقول أحللتها لك، ولعلّ وجه ثبوت النسب أنّ هذا القول صار شبهة عقد؛ لأنّ حلّها له لا يكون إلاّ بنكاح أو بملك اليمين... الخ(5).
ثالثاً: قال مالك في الرجل يحلّ للرجل جاريته: ((أنّه إن أصابها الذي أحلّت له قوّمت عليه يوم أصابها...الخ))(6).
رابعاً: ((...إذا أحلّ الرجل الجارية للرجل...))(7)،
و((يحلّ الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وابنه، والمرأة لزوجها...))،
و((... هي أحلّ من الطعام، فإن ولدت فولدها للذي أحلّت له، وهي لسيّدها
الأوّل...))، و((... إذا أُحلّت امرأة الرجل أو ابنته أو أُخته له جاريتها
فليصبها وهي لها...))(8)، و((... هو حلال...))، و((... قال: امرأتي أحلّت جاريتها لابنها، قال: فهي له))(9).
ودمتم في رعاية الله