شیعة نیوز : أكد المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي أن الوحدة ليست مجرد شعاراً أو أمنية لدى البعض، ولا هي مجرد مصالح مشتركة، إنما هي بنيان متراص ومؤسسة متماسكة، كما أشار سماحته الى البعد الحضاري للوحدة مستلهماً الرؤية من القرآن الكريم ، مؤكداً العلاقة بين الابتعاد عن الوحدة والتفرقة والسقوط في الكفر متمثلاً – يقول سماحته- في التحزب والعصبية والحمية والخروج من تحت راية الله والنبي وأاهل بيته، والسقوط تحت الرايات الضالة التي تقود الناس الى النار.
وفي حديثه اليومي بمكتبه بكربلاء المقدسة أيام الاربعين، أوضح سماحته طريقة تجنب هذا المآل في ضوء الآية الكريمة: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا...} بالاعتصام بحبل الله وحبل رسوله وأهل بيته المعصومين، ثم الصمود والثبات على هذا الاعتصام والوحدة؛ {ولا تفرقوا}.
يبين سماحته أبعاد هذه الكلمة، بأن الاعتصام يكون الآن وفي المستقبل والى الابد، "فلاتحدث نفسك بترك هذا الحبل في أي وضع من الاوضاع، حتى وإن بلغ الأمر الى السجن والتعذيب". ويضيف سماحته مستطرداً: أن "التوحيد نعمة كبيرة"، يجب علينا المحافظة عليها.
وفي سياق حديثه عن الامام الحسين، عليه السلام، ودلالات نهضته المدوية، أكد سماحته على دور الامام ونهضته في توحيد القلوب وقال: إن "القرآن هو الحسين والحسين هو القرآن ، والحسين قرآن ناطق والقرآن حسين صامت"، والوحدة التي ارادها الامام الحسين ومن قبله جده المصطفى، ليست الوحدة المادية، إذ ربما الابدان متقاربة بيد أن القلوب متباعدة ومتفرقة، موضحاً أن توحد القلوب يتم "بالقيم، ومنها قيمة التقوى وطهارة القلب من الغلّ إزاء الاخوان المؤمنين، وايضاً بنبذ العصبيات"، مشيراً الى مشاهد زيارة الاربعين التي تضم مختلف ابناء القوميات والجنسيات والشرائح الاجتماعية.
وقال سماحته في هذا السياق بأن "العشائريات التي طغت على الدين كادت أن تقضي على الدين، و لكن انقذهم الرب من النار بفضل الرسول الاكرم، {وكنتم على شفى حفرة من النار فانقذكم منها}.
وعن دور النهضة الحسينية في رص الصفوف وإعطاء الوحدة معناها الحقيقي، قال سماحته: انك تذهب في أبعد نقطة في انحاء العالم، تجد راية منصوبة للإمام الحسين، وهناك من يعقد المجلس الحسيني ويتحدث عن قيم ومبادئ النهضة الحسينية، لذا فإن "هذه المؤسسة – الوحدة- ليست بالكلام ، بل مؤسسة بالعمل والدم، شيدها الامام الحسين بدمه ودم رضيعه ، والوحدة التي شكلها الحسين كان يأمر بها كما يأمر بها القرآن الكريم".
واشار سماحته الى ملامح من تلك المؤسسة الحضارية من أرض المعركة عندما استذكر موقف الامام الحسين من زهير العثماني الهوى، و جون، ذلك العبد الاسود من افريقيا، و وهب النصراني، عندما استوعبهم جميعاً في تلك الملحمة المدوية، كما استشهد بما قام به الامام الحسين، من وضع خده مرةً على وجه ابنه العزيز؛ علي الأكبر، كما فعل الشيء نفسه مع جون العبد الأسود، وما خلّف ذلك من ابيضاض بشرة ذلك الانسان العظيم، وانتشار الرائحة الزكية منه و التي أبهرت الجميع رغم مرور ايام على الواقعة.