شیعه نیوز/ من خلال متابعتي اعمال مؤتمر باريس لمنظمة "مجاهدي خلق" أو "الزمرة المنافقة" كما تسمى بذلك في إيران، تفاجأت بحضور مندوب السلطة الفلسطينية وحركة فتح النائب "محمد اللحام"، مرتديا الكوفية الفلسطينية، حيث القى كلمة في المؤتمر، قال في بدايتها أنه جاء من القدس، حاملا تحيات اهله، لكن مضمون الخطاب أثبت عكس ذلك، وأظهر جليا أن صاحب الكلمة لم ينطلق من القدس الشريف، بل جاء من تل أبيب، حاملا كلمتها بكل مفرداتها وأدبياتها وتحيات سكانها الاسرائيليين، كيف لا، وان دققنا فيها جيدا، لا نجد فرقا بين ما يقوله الساسة الإسرائيليون وما قاله "اللحام"، حيث خلت كلمته من اي اشارة لا من بعيد ولا من قريب الى ممارسات الاحتلال الصهيوني الاحلالي وجرائمه اليومية في فلسطين، لذلك كان الأجدر به أن يقدم نفسه مندوبا عن المحتل الإسرائيلي، ولو كان فعل ذلك، لسهّل على الجمهور المشاهد لاعمال المؤتمر على شاشات التلفاز تصديق حديثه ومتابعته بجدية، وكان قد غدا الخطاب طبيعيا بسبب العداوة بين إيران و"اسرائيل".
اما الكارثة أن تتحول القضية الفلسطينية إلى بضاعة تجارية يستغلها "انتهازيون" و"تجار المعاناة" في ساحات إقليمية ودولية، ويتم توظيفها بأسوء الصور والأشكال. هنا، ومن حقي كمواطن إيراني مناصر للشعب الفلسطيني وقضيته، أن اسأل السيد اللحام والسلطة الفلسطينية وحركة فتح، أنه ماذا جنى الفلسطينيون من تدخلات زعماء فلسطينيين سابقيين في لبنان، والكويت والأردن في ثمانينات وتسعينيات القرن الماضي سوى تشريد بعد تشريد، ومعاناة بعد معاناة، وما جدوى اقحام القضية الفلسطينية في صراعات داخلية واقليمية اومؤتمرات تعرفون أكثر من غيركم منظموها وعلاقاتهم الوطيدة مع المحتل الصهيوني. كما أنه ما الفائدة من اقحام القضية الفلسطينية في الشؤون الداخلية للدول، ولاسيما دولة كإيران التي وان اختلف البعض معها في ملفات اقليمية، لكن علينا الاقرار بانها وقفت منذ انتصار ثورتها 1979 إلى جانب الشعب الفلسطيني، في كافة المستويات، وقدمت كافة أنواع الدعم للشعب الفلسطيني ومقاومته سياسيا، وماليا وعسكريا، وساهمت بشكل كبير في تعزيز قدرات المقاومة الفلسطينية الباسلة التي اصبحت رقما صعبا في المعادلات الاقليمية، وصمدت في الحروب الثلاثة الأخيرة، (2008، 2012، 2014).
كما يحق لي أن أسأل السيد اللحام ومن أرسله إلى هذا المؤتمر، هل نسيتم أو تناسيتم أن الشعب الإيراني بدعوة من قيادته الحالية وعلى راسهم "الولي الفقيه"، خرج بالملايين في مظاهرات يوم القدس العالمي قبل أسبوع، هتف نصرة لفلسطين والقدس، وهكذا يفعل منذ 37 سنة، ألم يجدر بك أن تأتي إلى هنا، إلى طهران، لتشكر هؤلاء الناس على قيامهم بالواجب تجاه أقدس قضية إسلامية وانسانية تدعي أنك تحملها وتزعم أنك ابنها، لتقدم لهم التحيات، بدل أن تذهب إلى مؤتمر في دولة معروفة بدعمها للاحتلال الصهيوني لتندد بمن خرج في ايران مناديا "يجب تحرير فلسطين" التي تعيش عليها انت وتأكل وتشرب منها وتتنفس من هوائها النقي، مادام تدعي أنك جئت من القدس وفلسطين، فأي كيان أو نظام يستحق التنديد والاستنكار والملاحقة في الساحات الدولية، النظام الذي يقتل شعبك ويشرده وينكل به ويهتك مقدساته، أم نظام يناصر شعبك و يعادي عدوه وعدوك.
يا سيد اللحام، ما المصلحة الفلسطينية من انتقاد شكل النظام الذي يحكم إيران أو أي بلد آخر عربي او إسلامي، وما علاقة فلسطين بذلك، وماعلاقة القضية الفلسطينية بطبيعة الحكم في الدول، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي وصفتها ب"الدكتاتورية"، فهل من كان معك في المؤتمر من الضيوف، أو من أتى بك إلى المؤتمر وهو معك فيه، تتمتع بلدانهم بأنظمة ديمقراطية ترعى مصلحة البلاد وحقوق العباد.
أين الموضوعية، او الرجولة في الحديث، هل الخلاف مع طهران على قضايا اقليمية ليست فلسطين طرفا فيها، يجيز لنا أن ننكر الجميل وننسى المعروف ونكيل الاتهامات ونرميها بالباطل؟!
نعم، قد اختلف انا كذلك مع بلدي في سياساتها هنا وهناك ولا اوافق عليها، لكن لا اسمح لنفسي ان اخرج عن طريق الصواب في التحليل وانفصل عن الواقع، لكي اكيل تهما جاهزة تروق لمن يرى حياته في تشرذم الامة الاسلامية وتفرقتها، ويجد مماته في توحيد الصف الاسلامي والعربي.
وفي الختام، لا بد من التأكيد أن مثل هذه التصرفات الشاذة بدأت بعد أن ربطت السلطة الفلسطينية وحركة فتح القرار الفلسطيني بالنظام السياسي العربي الرسمي وقراراته المحكومة بجملة ائتلافات إقليمية ودولية مشبوهة، ولا تخدم المصلحة الفلسطينية العليا ونضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه وتحرير أرضه، ونتج عن هذا الارتباط ضياع البوصلة والرؤية، الذي ترتب عليه مثل هذا السلوك وهذه التصريحات المشينة.
الوکالة الشیعية للأنباء