أكد مسؤول قسم الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان الشيخ ميثم السلمان امس 8 مايو/ أيار أن تقرير اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية تلمّس جوهر المشكلة التي نعانيها في البحرين وهي الإخلال بالمواطنة المتساوية.
رمز الخبر: 13145
15:31 - 09 May 2016
شیعه نیوز/ وطالب السلمان في ندوة الحريات الدينية في البحرين قراءة في تقرير اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية 2016 التي نظمتها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية في مقرها في البلاد القديم، بحوارٍ حقيقي يفضي لجعل المواطنة المتساوية ركيزة ثابتة لصناعة الإستقرار الإجتماعي والسياسي المستدام.
وفيما يلي ورقة الشيخ ميثم السلمان كاملة: نثمن عالياً اهتمام اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية بملف الحريات الدينية بالبحرين ونرحب بالتوصيات التي تقدمت بها اللجنة آملين من المجتمع الدولي العمل بهذه التوصيات للإسهام الفعلي وممارسة الضغوط المجدية على السلطة لإيقاف الإضطهاد الديني الممارس تجاه المواطنين الشيعة.
إنّ التقارير الدولية حول الحريات الدينية والتمييز العنصري وحقوق الإنسان بصورة عامة تسهم في الكشف عن حقيقة الأوضاع الحقوقية في البحرين في ظل التضييقات الممنهجة التي تتعرض لها الجهات الحقوقية المستقلة، والقيود الشديدة المفروضة على حق تكوين الجمعيات المدنية غير الحكومية من جهة أخرى.
وإننا إذ نرحب بالمحصلة بهذا التقرير فإننا ننوه بأن التوصيات التي خرج بها من الممكن للسلطة في البحرين لو توفر العزم الحقيقي والإرادة الجادة والمسعى الطيب والرغبة المخلصة أن تحول البحرين بالفعل إلى نموذج يحتذى به في التسامح الإجتماعي والسياسي مستمثرة بذلك أصالة هذا الشعب وطينته الميّالة إلى التعايش السلمي والإحتفاء بالتعدديات العرقية والإثنية ونبذ العنف والقسوة والتشدد، حيث أن لهذا الشعب تاريخه العريق في احتضان التعدديات الدينية إذ شكلت عاصمة البحرين المنامة نموذجاً لاحتضان الكنائس ودور العبادة للجاليات الوافدة في أجواء مثالية مثلت نموذجاً حضارياً راقياً في احترام حق المعتقد وحقوق التعبد وإقامة الشعائر في بيئة متسامحة لا مكان للتشدد والتجبر فيها.
إن استثمار الملايين على حملات العلاقات العامة وعقد مؤتمرات التسامح والحوار لأغراض سياسية بحتة تسعى لدفع الإنتقادات الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الحريات الدينية وإضطهاد المكون الديني الذي يمثل ٦٥٪ من الديمغرافية الدينية للمواطنين، هي منهجية خاطئة أثبتت فشلها في إيهام المجتمع الدولي أن الحريات الدينية مصانة في البحرين، وما هذا التقرير إلا تأكيد لهذه الحقيقة التي تتطلب وقفة جادة من السلطة والجهات غير الحكومية لعلاج هذا الملف ووقف الإضطهاد الممنهج الذي يتعرض له المواطنون الشيعة.
•وفي ما يلي أهم النقاط الواردة في التقرير مع الإدلاء بملاحظات عليها: ١- أكد التقرير إرتفاع وتيرة الإنتهاكات ووثق زيادة ملوحظة في معدلات الإستجوابات، والإعتقالات، والحجز التعسفي للمواطنين الشيعة، بما في ذلك رجال الدين لانتقادهم لسجل الحكومة في مجال حقوق الانسان والحرية الدينية. وهذا التوثيق يؤكد بمستوى لا يشوبه شك أن خلفية الإعتقالات والإستجوابات إنما هي للتضييق على حرية التعبير المكفولة بموجب الدستور والشرعة الدولية لحقوق الانسان، حيث أنه من حق كافة المواطنين إنتقاد السلطة والكشف عن مواطن الإنتهاكات والتعبير عن رأيهم في السلطة، وأي إخلال بهذا الحق لابد أن يكون متوافقاً مع النصوص القانونية الواضحة المتوافقة مع التزامات البحرين الدولية في مجال حقوق الإنسان.
لقد صادقت البحرين على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولم تتحفظ على المادة 19 التي تكفل "الحق في حرية الرأي والتعبير”، "يشمل ذلك حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى.
وقد أوضح تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق أن هناك خرق واضح لجملة من القوانين المحلية والإجراءات الرسمية لالتزامات البحرين الدولية في الإيفاء بمتطلبات المادة 19 من العهد الدولي.
٢- أكد التقرير تخلف حكومة البحرين بشكل كامل عن تنفيذ التوصيات المقدمة من اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لمعالجة الإنتهاكات السابقة ضد المسلمين الشيعة وتحسين أحوال الحرية الدينية بشكل أكبر وتقديم المتورطين في الانتهاكات للمحاسبة القانونية.
ونشير هنا إلى أن تواتر التقارير الدولية والتوصيات الأممية والتوصيات الدولية عند المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والتي أكدت على جوهر الإخلال والتخلف العمدي عن تطبيق توصيات السيد بسيوني بشكل كامل مع التأكيد على أن التطبيق الجزئي لبعض التوصيات لم يعالج الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان. ولدينا يقين، وجزم، وقطع، بأن حكومة البحرين تخلفت عن تنفيذ التوصيات بشكل كامل، فمنها ما طبق بشكل كامل وهي غير جوهرية ومنها ما طبق بصورة جزئية، ومنها ما طبق بصورة معتلة ومشوهة، ومنها ما لم يطبق بالكامل كتوصية الإفراج عمن عبروا عن قناعاتهم السياسية دون الدعوة لانتهاج العنف لتحقيق قناعاتهم السياسية.
٣- أكد التقرير أن حكومة البحرين تخلفت عن الإلتزام بالجدول المعلن لاعادة بناء المساجد المهدمة وعددها ٣٨ مسجداً، كما أكد تقرير المقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد فبروفسور هاينر بيدلفيلد في التقرير الذي رفعه لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهو ما يعني بأن السلطة لم تقم إلى اليوم ببناء 42٪ من المساجد المهدمة وفقاً للتقارير الحقوقية المنشورة.
٤- أكد التقرير تخلف السلطة الواضح والبين في تطبيق توصية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بمحاسبة المسئولين عن الإنتهاكات الخطيرة، التي تضمنت استهداف المتظاهرين الشيعة وسجنهم وتعذيبهم وقتلهم بشكل منهجي.
وقد أوضح التقرير أن حكومة البحرين أدانت عدداً قليلاً جداً من ضباط الشرطة التنفيذيين مع غياب الشفافية أو بانعدام الشفافية بالمرة فيما يخص المحاكمات والإتهامات ومدة العقوبات بالسجن، وقد تم تبرئة الكثير منهم.
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن السلطة تخلفت حتى اليوم في تقديم الجهات المتورطة في هدم ٣٨ مسجداً بصورة غير قانونية.
٥- إعتمد التقرير على المحصلة التي توصل إليها خبراء الأمم المتحدة في اكتوبر ٢٠١٥ من استشراء واستمرار أنماط متعددة من التمييز الثقافي والإقتصادي والتعليمي والإجتماعي والسياسي والديني ضد المواطنين الشيعة في البحرين، حيث وجد الخبراء أن الاستخدام المفرط للقوة والإنتهاكات التي تستهدف رجال الدين الشيعة متواصلة ومنهجية، وأن علماء الدين الشيعة عرضة للإستهداف الممنهج، ولا يشكك في هذه الحقيقة لا المجتمع الدولي ولا المراقبين الدوليين ولا الأمم المتحدة ولا الجهات الحقوقية المستقلة ولا عموم أبناء الشعب.
٦- انتقد التقرير الحكم بالسجن لمدة أربع سنوات على سماحة الشيخ علي سلمان، وهو الأمر الذي انتقده خبراء الأمم المتحدة بوصفه انتهاكاً لحرية التعبير، وتكوين الجمعيات، وحرية الدين. إن الشيخ علي سلمان سجين رأي بامتياز، والإجماع الدولي والأممي والعالمي الرافض للحكم الصادر ضده يؤكد أن المراقبين الدوليين للمحاكمة بلغوا يقيناً لا يشوبه شك أو ريب أنه معتقل رأي بامتياز.
٧- أكد التقرير أن الإعلام الموالي للحكومة استخدم الخطاب الطائفي المثير وتورط في التحريض على الكراهية، إذ لم يتم إقرار القوانين الإعلامية الجديدة لكبح التحريض ضد المواطنين الشيعة والتحريض على معاداة الشيعة، حسب توصية تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق. إن تخلف السلطة عن تطبيق توصية بسيوني 1724 التي أوصت بأخد تدابير عملية وتبني تشريعات للحد من خطاب الكراهية في الإعلام يحتاج إلى وقفة جادة مع تحديد الأطراف المتورطة فعلاً في بث ثقافة معاداة الشيعة.
ونؤكد هنا بأن البحرين بحاجة لدراسة تقوم بمسح إعلامي لتحديد الجهات المتورطة في التحريض على الكراهية التي تؤدي إلى ممارسات التمييز الطائفي ونشوء العداوة بين المكوّنات.
٨- أكد التقربر أن المواطنين الشيعة لا يستطيعون الخدمة في الجيش والأمن إلا في بعض الوظائف الإدارية، وتخلو المستويات والرتب العليا من الأجهزة الأمنية والعسكرية من المواطنين الشيعة. هنا أستحضر توصيات الولايات المتحدة الأمريكية للبحرين بالمراجعة الدورية الشاملة بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة باعادة تشكيل القوى الأمنية لتكون مشتملة على طبيعة المكونات الوطنية.
٩- التقرير أكد الإستهداف الممنهج للمواطنين الشيعة في شعائرهم الدينية في عاشوراء، وإصرار السلطة على بناء مسجد البربغي التاريخي في غير محله، والتنصل من مسئولية تعويض الأهالي الذين قاموا باعادة بناء المساجد المهدمة بأموالهم الخاصة رغم تعهدهم بذلك.
التقرير يتلمس جوهر المشكلة التي نعانيها في البحرين وهي الإخلال بالمواطنة المتساوية، إذ إنّ حرمان المواطنين من الحقوق السياسية أو الإجتماعية أو المدنية أو من التمتع بكل الحقوق والحريات المكفولة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان بصورة عمدية ومع سبق الإصرار والترصد ضرب واضح من ضروب الإضطهاد الذي لا نرضاه لوطننا أو لأي بلد من بلدان العالم، حيث لا يشكك العقل المنصف اليوم في تعرض المواطنين الشيعة للاضطهاد الممنهج.
عندما يشعر المواطن أن نشاطه المدني والتجاري والسياسي والإجتماعي والديني والرياضي والفني والمسرحي يتعرض للمنع والتضييق والحرمان المتعمد بسبب انتمائه الطائفي فإنه ينبغي للعالم أن يرفع له قبعة الاحترام لمطالبته السلمية بالمواطنة المتساوية.
إننا نؤكد أن المواطنة المُختلَّة هي أمّ الأزمات في البحرين منذ عقود، فالبلاد بحاجة لحوارٍ حقيقي يفضي لجعل المواطنة المتساوية ركيزة ثابتة لصناعة الإستقرار الإجتماعي والسياسي المستدام.