SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
قوى أجنبية، في طليعتها المستعمر الفرنسي السابق، من مصلحتها تخريب البلاد بقصد نهبها بشكل أفضل.
"يواصل السكان المسلمون لجمهورية إفريقيا الوسطى الفرار المكثف إلى خارج البلاد بحثاً عن النجاة من الهجمات التي تشنها عليهم ميليشيات الآنتي-بالاكا". تلك شهادة، بين شهادات أخرى، قدمها بيتر بوشارت، مدير قسم الطوارئ في منظمة هيومن رايت ووتش، الذي يقوم بمهمة في هذا البلد الممزق، منذ استقلاله عام 1960، بثلاث حروب أهلية وسبعة انقلابات عسكرية.
وبهذا الخصوص، يؤكد التقرير الذي نشرته المنظمة المذكورة أن "مسلمي جمهورية إفريقيا الوسطى يعيشون وضعاً لا يطاق ويتعرضون لأعمال عنف مرعبة... ترتكبها بحقهم ميليشيات الآنتي-بالاكا".
لا يقدم التقرير أرقاماً عن العدد الإجمالي للضحايا المسلمين، ولكن الأمثلة التي ترد فيه عن هذه أو تلك من المجازر تسمح بأن نفهم أن الوضع الذي يقترب من الإبادة، والذي أعلن عنه قبل أربعة أشهر، مسؤولون أميركيون وفرنسيون، قد تحول منذ ذلك الحين إلى وضع هو عين الإبادة الحقيقية.
لكن التقرير يبدو دقيقاً جداً بخصوص عمليات النزوح الكثيف من قبل المسلمين. بعض الأمثلة الضرورية :
-هروب أواخر المسلمين مما لا يقل عن 10 من المدن والقرى في الشمال الغربي من البلاد.
-مدينة بوالي أفرغت من كامل سكانها المسلمين.
-مدينة بوارو التي كانت تعد 4 آلاف نسمة وفيها 12 مسجداً، لم يبق فيها مسلم واحد.
-السكان المسلمون لمدينة يالوكي التي كان يسكنها أكثر من 10 آلاف نسمة، اختفوا بالكامل.
-في عدد كبير من القرى والمدن التي زارتها هيومان رايت ووتش، وهي مدن وقرى تضم أسواقاً كبرى في زاوا وبيكاديلي وبوغانانغون وبوغيرا، لم يعد هنالك وجود لمسلم واحد.
-مقاتلون من الآنتي-بالاكا قتلوا آخر مسلم وجدوه في مبايكي، وهي إحدى أكبر مدن البلاد، وكان يعيش فيها أكثر من 4 آلاف مسلم قبل بداية الصراع.
-نزوح الأكثرية الساحقة من مسلمي بوسانغوا، أي ما بين 7 آلاف و10 آلاف نسمة.
-في بوسومبتيلي، قامت قافلة لقوات حفظ السلام بنقل 190 مسلماً، ولكنها تركت على قارعة الطريق حوالي 65 امرأة وطفلاً ومعوقاً لم يتمكنوا من الصعود إلى الشاحنات لما يعانون من الضعف والهشاشة. وبين هؤلاء لاحظت بعثة هيومان رايت ووتش بين من تركوا على الطريق وجود تسعة من أطفال المسلمين يعانون من عوارض الشلل، إضافة إلى رجل مسن يعاني من البرص.
-في بداية شهر آذار/مارس الماضي، صرحت فاليري آموس، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية، أنه لم يبق في مدينة بانغي غير 900 من المسلمين، علماً بأن عددهم فيها كان يتراوح بين 130 و145 ألفاً.
إلى ذلك، يلحظ التقرير وجود حملات إحراق منهجي للأبنية السكنية وتدمير كامل للأحياء والقرى.
ومن المعلوم أن الارتكابات التي تقوم بها ميليشيات الأنتي-بالاكا هي، أو تقدم على أنها جاءت، كرد على الارتكابات التي اقترفت قبلاً من قبل مقاتلي السيليكا. ويقال بأن الآنتي-بالاكا هم بأكثريتهم من المسيحيين، وأن السيليكا هم بأكثريتهم من المسلمين.
ومن المعلوم أيضاً أن معرفة الدين من قبل مسلحي الطرفين هي في المستوى الأدنى، وأن المسيحيين والمسلمين كانوا يتعايشون منذ زمن بعيد في ظل التفاهم والتعاون. كما أن وجود أعداد كبيرة في صفوف الفريقين المتحاربين من "صغار الأشقياء" الذين يعتبرون الحرب فرصة سانحة لممارسة النهب وتحصيل المال (على ما تؤكده هيومان رايت ووتش) هو دليل إضافي على الطابع غير الديني للصراع القائم.
ومن المعلوم أيضاً وأيضاً، أن إفريقيا الوسطى، هذا البلد الذي يعد بين الأشد فقراً في العالم، يمتلك ثروات كبرى من الذهب والماس وحقول النفط وغيرها من المواد الأولية.
وأن "كبار الأشقياء"، أي قوى أجنبية في مقدمتها المستعمر الفرنسي السابق الذي ما تزال إفريقيا الوسطى واحداً من أهم مراكز نفوذه، لها كامل المصلحة في تخريب البلد بهدف نهب ثرواته.
وعند النظر إلى إفريقيا الوسطى التي أفرغت بشكل شبه كامل من سكانها المسلمين (أكثر من مليون نسمة) الذين التجأوا إلى البلدان المجاورة حيث يعيشون في ظروف البؤس الشديد، لا يمكننا إلا أن نتذكر الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، عندما وعد، خلال قمة الإليزيه المخصصة للسلم والأمن في إفريقيا التي انعقدت في السادس والسابع من كانون الأول / ديسمبر الماضي، بتدخل عسكري "سريع وفعال" بهدف "إعادة الاستقرار وإجراء انتخابات حرة وتعددية عندما يحين وقت ذلك".
ولا يمكننا أيضاً أن نتجاهل شهادات بيتر بوكارت بخصوص الجنود الفرنسيين المنتشرين في إفريقيا الوسطى والذين "يعطون الانطباع بأنهم في حالة شلل" ويكتفون بالقول بأنهم "لا يريدون التدخل في الصراع"!!!
وبالفعل، تتواتر شهادات أخرى كثيرة لتعطي الانطباع بأن المهمة الحقيقية لـ 6000 آلاف جندي فرنسي يتواجدون حالياً في إفريقيا الوسطى، هي أبعد ما تكون عن تلك التي وعد بها فرانسوا هولاند. يبدو أن هدفها هو إدارة عمليات ترحيل المسلمين قبل الانتقال إلى ترحيل المسيحيين ليجعلوا من إفريقيا الوسطى أرضاً بلا شعب لشركات فرنسية بلا أرض.
النهاية