SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:
شعر عامر أنه يعيش في مسلسل بوليسي بعدما قطع بسيارته المتواضعة نصف مدينة الموصل متنقلاً بين أزقتها وهو يتكلم بهاتفه الجوال مع خاطفي ولده ليسلمهم الفدية التي طالبوه بها لقاء الإفراج عنه.
فعمله كمهندس في مشاريع ضخمة بات نقمة عليه ودفع المسلحين إلى اختطاف ولده مرتين خلال عامين من قبل الجماعات المسلحة فتمنى أنه لو يعمل «زبالاً وليس مهندساً»، كما ينقل عن عامر الشمري، تقرير لموقع «لنقاش»، المتخصص في الشأن العراقي.
أبن عامر تم اختطافه في طريق العودة من المدرسة، وبعدما بحث عنه لساعات عديدة تلقى اتصالاً هاتفياً من مجهول يقول انه من «داعش» ليبلغه بأن ولده رهينة وطالبوه بدفع فدية قدرها عشرون ألف دولار أميركي لقاء إطلاق سراحه.
جرت العادة وكما في المرة السابقة التي اختطفوا فيها ولده الأكبر سناً، بأنه قام بوضع مبلغ الفدية وقدره عشرة آلاف دولار داخل إحدى عبوات الزيت النباتي الفارغة التي كانت مرمية على رصيف إحدى المناطق التي يتمتع فيها المسلحون بنفوذ واسع كما يروي الشمري.
لكن عامر استغرب هذه المرة من طلب الخاطفين حين طلبوا منه التوجه إلى أحد مكاتب التحويل المالي، وتحويل مبلغ الفدية إلى ناحية ربيعة التي تبعد قرابة (108 كم ) شمالي غرب الموصل باسم «مازن حاتم محمد» ونفذ الشمري ما طلبه منه الخاطفين، وبعد ساعة واحدة اتصل به ابنه ليبلغه بأنهم تركوه في منطقة الإصلاح الزراعي غربي المدينة.
الشمري ليس الوحيد من أُجبر على استخدام التحويلات المالية لدفع فدية اختطاف ولده، فهناك علي عبد الرزاق الذي قام بتحويل مبلغ (15ألف دولار) إلى ناحية ربيعة لإعادة شقيقه المختطف من «داعش».
ويروي علي الذي يعمل في سلك الشرطة كيف أرغمته «داعش» على دفع فدية كبيرة لقاء إطلاق سراح أخيه البالغ من العمر 16 عاماً بعد اختطافه، ورغم محاولاته الكثيرة للكشف عن الخاطفين عن طريق الهاتف المحمول وإلقاء القبض عليهم لكنه فشل في ذلك وفضل دفع الفدية.
يقول عبد الرزاق، «بحكم عملي كرجل أمن في جهاز الشرطة أعرف الكثير عن وسائل «داعش» باستحصال الإتاوات ومبالغ الفدية عن طريق التسليم المباشر لامرأة منقّبة أو رميها في إحدى الأماكن العامة، لكنني هذه المرة فوجئت حينما طلب مني الخاطفون تحويل المبلغ إلى ناحية ربيعة عبر إحدى مكاتب التحويل المالي وبعد عودتي إلى المنزل وجدت أخي في البيت».
الصيدلي محمد ناظم أُجبر على ترك صيدليته ومدينته الموصل بعد دفعه فدية قدرها ثلاثون ألف دولار لقاء اطلاق سراح ابنته الصغيرة التي اختطفها المسلحون بعدما أوقفوا السيارة التي كانت تقلها أثناء عودتها من المدرسة.
يقول ناظم إنه انتقل للعيش في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان هرباً من بطش «داعش».
ويضيف، «قاموا باختطاف طفلتي بعدما تأخرت ليوم واحد فقط عن دفع مبلغ الجباية المترتبة بذمتي للتنظيم ثم أطلقوا سراحها بعدما قمت بتحويل المبلغ إلى محافظة دهوك حسب طلب الخاطفين.
ويقول موقع «نقاش»، إنه استفسر عن أسماء تلك المكاتب ومواقعها داخل المدينة وتبين أن «داعش» تستخدم مكاتب تحويل رسمية وأصولية ومعروفة وفي أماكن متعددة من المدينة ليس لها ارتباط معها.
ويستغل «داعش» مكاتب التحويل تلك التي استفسرنا عنها ووجدناها رسمية وتحويلاتها المالية خاضعة لإجراءات البنك المركزي ورقابة الأجهزة الأمنية، فتبدو تلك التحويلات أصولية بدليل تقديم الهوية الشخصية «الجنسية» وأرقام هواتف مسجلة، لكن باطن العملية هي غير أصولية.
ويروي العقيد جاسم الجبوري أحد ضباط مكافحة الإرهاب في نينوى إن استراتيجية «داعش» باستخدام مبالغ الإتاوات معروفة عبر أشخاص معروفين لدى الشركات والمعامل والأطباء والأساتذة وكل من يدفع تلك المبالغ في المراكز التجارية، وهم يجمعون تلك المبالغ شهرياً.
وعن تطور أسلوب جمع مبالغ الفدية عبر التحويلات المالية، يقول جاسم إن الأجهزة الأمنية ومكافحة الإرهاب بشكل خاص تتابع عمليات الاختطاف وتلاحق تلك القضايا بدقة «باعتبارها مصادر تمويل غير مباشرة ورئيسية للإرهاب».
وأكد ضابط في شرطة نينوى المحلية برتبة مقدم إلقاء القبض على العديد من مكاتب الصيرفة والتحويل المالي بعد ثبوت تعاونهم مع الجماعات الإرهابية في السنوات القليلة الماضية.
وأضاف، «مكاتب التحويل المالي تقوم بدور الوسيط للجماعات الإرهابية دون علمها، يعني ليس بالضرورة أن تكون تلك المكاتب تتعامل بشكل مباشر مع داعش، بل هي أيضاً ضحية لها».
النهاية