لا يبدو على القوات الامنية المشاركة في حملة تطهير الانبار من ارهابيي "داعش” امتلاكها مزيدا من الخيارات، سوى الحسم العسكري لتسوية ازمة المحافظة، لا سيما في مدينة الفلوجة التي مازال ابناؤها يستغيثون بالقوات المسلحة لتخليصهم من جرائم ذلك التنظيم، الذي رفض بشكل صريح خطة حكومة الانبار المحلية لايقاف القتال، حينما بادر امس الى تشكيل مجلس عسكري في المدينة يضم عددا من الفصائل الارهابية، في خطوة تؤكد بشكل كبير رفض تلك العناصر لخطة الحل، التي نادت بها الحكومة وشيوخ ورجال دين الفلوجة، لتجنيب ابناء المدينة مخاطر القتال.
وعلى خلفية رفض تلك الجماعات الارهابية للخطة الحكومية التي راعت ظروف المدينة وحاولت تجنيب ابنائها ويلات الحرب، فان الخيار العسكري عاد مرة اخرى للبروز كحل وحيد في انهاء ازمة الفلوجة، وتخليصها من ويلات "داعش” التي عمد افرادها امس الى اقتحام عدد من الصيدليات للحصول على ادوية وحبوب مخدرة، في صورة تؤكد انهيار نفسيات تلك الجماعات جراء الحصار المحكم الذي فرضته عليهم القوات الامنية.وبينما شهدت اجزاء واسعة من الانبار عودة الحياة الطبيعة لها عقب القضاء على تنظيمات "داعش” فيها، عادت كذلك الحركة التجارية للشاحنات والمسافرين على الطريق الدولي الرابط بين العراق والاردن وسوريا بعد تأمينه من قبل القوات الامنية، في حين تمكن ابطال القوات المسلحة من قتل اكثر من عشرين عنصرا من "داعش” والقبض على ثلاثة عشر اخرين، في جيوب اختبؤوا فيها بعد فرارهم من المناطق المحررة، فضلا عن تدمير ممرين سريين يربطان مناطق بابل بعامرية الفلوجة.
داعش ينهار نفسيا في الفلوجة
ونتيجة للضربات الموجعة التي وجهتها القوات المسلحة لافراد "داعش” في مدن الرمادي، وعدد كبير من مناطق الانبار الاخرى، والحاق خسائر فادحة فيها، لجأ افراد ذلك التنظيم، وفي خطوة للسيطرة على اوضاعهم النفسية المنهارة، الى مهاجمة عدد من الصيدليات في الفلوجة والاستيلاء على كميات كبيرة من الحبوب المخدرة التي تستخدم علميا للاشخاص المصابين بنوبات اكتئاب او حالات من انفصام الشخصية.ووفقا لمصدر امني رفيع المستوى تحدث لعراق القانون فان معلومات مؤكدة ودقيقة زودتها به مصادر استخبارية اكدت قيام عناصر تنظيم "داعش” الارهابي باقتحام ست صيدليات في مدينة الفلوجة وسرقة الكثير من ادوية "الفاليوم والاتيفان والماكادون والسومادريل وانواع اخرى من الشرابات مثل توسيرام والبلموكودائين والسيدوفيك” التي تعتبر بمجملها محتوية على مادة الكودائين المخدرة، لتعاطيها بعد تدهور حالاتهم النفسية والرعب الذي يتملكهم جراء الضغط الكبير الذي مارسته القوات الامنية في مدينة الفلوجة ومحاصرتها للارهابيين تمهيداً لتدميرهم بالكامل.واضاف المصدر ان الاخبار التي روجت في بعض الابواق المؤجورة من وسائل اعلام معروفة بمواقفها غير الحيادية المتعلقة بقصف مستشفى الفلوجة عارية عن الصحة تماماً بسبب امتلاك القوات الامنية للخرائط العسكرية والجغرافية والتكنولوجيا الحديثة التي تمكنها من تحديد كل شبر في المدينة وتحديد الاهداف التي يتم قصفها بدقة متناهية وعالية جداً، فضلاً عن المعلومات الاستخبارية الدقيقة من ارض المعركة التي تمكن القوات من ضرب اهدافها بدقة متناهية يومياً واخرها قصف مجاميع ارهابية في عدد من مناطق الفلوجة تم رصدها من قبل الطائرات المسيرة والمصادر الاستخبارية داخل المدينة.من ناحيته أكد رئيس مجلس إنقاذ الأنبار حميد الهايس، أن عصابات "داعش” الإرهابية تتمركز في خمس مناطق داخل الفلوجة، متهما من ينكر وجود ذلك التنظيم في محافظة الأنبار بأنه جزء منه.وبين الهايس لـ "المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي”، أن "المجاميع الإرهابية تتمركز في مناطق الحي الصناعي والجولان والنزال، فضلا عن الحي العسكري داخل مدينة الفلوجة”, موضحا "خلو محيطها من هذا التنظيم بشكل كامل”.وتابع إن "تنظيم داعش لديه علاقات مع بعض السياسيين وشيوخ العشائر، فضلا عن علماء الدين في المحافظات الساخنة”.
رفض لخطة الحكومة المحلية
وفي سابقة، توقعها العديد من المراقبين، رفضت المجاميع الاجرامية في الفلوجة خطة الحكومة المحلية في الانبار لتسوية الازمة هناك، حينما عمد مجلس المحافظة ووزير الدفاع وكالة ووكيل وزارة الداخلية الى منح المجرمين فرصة، تنتهي غدا الخميس، لتسليم انفسهم او الرضوخ للخيار العسكري، وهو ما اختاروه فعلا بعد ان بادرت تلك المجاميع امس الى تشكيل "مجلس ارهابي” في الفلوجة ضم عددا من الفصائل الاجرامية، في خطوة تعد رفضا صريحا لخطة الحكومة السلمية.واكد مصدر امني لعراق القانون ان القوات الامنية تنتظر ساعة الصفر للانقضاض على التنظيمات الارهابية في الفلوجة وتدميرهم بالكامل وتخليص مدينة الفلوجة الاسيرة من براثنهم، لاسيما عقب تشكيل تلك التنظيمات "المجلس العسكري” الذي ضم مسميات ارهابية اذاقت ابناء الفلوجة العديد من الويلات، في خطوة تعد رفضا قاطعا لخطة الحكومة المحلية في التوصل الى حل سلمي يقي ابناء المدينة المزيد من الدمار والقتال. ولفت المصدر الى ان المجاميع الارهابية المكونة من ” داعش والقاعدة والجيش الاسلامي وكتائب جيش محمد وكتائب أسد الله الغالب وحماس العراق وفيلق عمر وثوار الفلوجة وابناء الفلوجة” شكلوا ذلك المجلس ليؤكدوا للجميع انهم ليسوا مع الحلول التي يمكن ان تجنب ابناء المدينة الاقتتال والمعارك، واعلنوا مجددا وحشيتهم واصرارهم على سفك الدماء.
الحياة تدب في المناطق المحررة
وفي صورة تدلل على عودة الحياة الى طبيعتها بشكل تام بعد القضاء على مجاميع "داعش” في المناطق الانبارية المحررة، عاودت سيارات نقل البضائع والمسافرين حركتها الطبيعية على الطرق الرابطة بين العراق والاردن وسورية، في حين نفذت القوات الامنية وابناء العشائر العديد من الحملات لتنظيف المدارس والمواقع الحكومية الخدمية في المناطق المحررة والتي مارست عملها امس الثلاثاء بشكل طبيعي.
قائد القوات البرية في الانبار الفريق الاول الركن علي غيدان، اكد ان العمل يجري حاليا لاعادة تنظيم الشرطة المحلية في محافظة الانبار لاستلام امن المناطق المحررة من "داعش” في مركز الرمادي ومنطقة البوبالي.واضاف غيدان خلال حديثه لـ”المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي” ان "الشرطة المحلية في الانبار بدأت بمسك الارض والسيطرة عليها في منطقة البو فراج، مع البدء باعادة تنظيم الشرطة المحلية في منطقة الملعب لاستلام الملف الامني”.
وتابع غيدان أن "قوات الجيش العراقي ستخرج من مدينة الرمادي وتنسحب الى مهامها الاخرى بعد الانتهاء من بناء الشرطة المحلية واستلامها زمام الملف الامني من قوات الجيش”.ولفت غيدان الى ان "اغلب الارهابيين الذي كانوا يسيطرون على منطقة الملعب ووسط الرمادي قتلوا من قبل طيران الجيش والقطعات العسكرية، وأن أعدادا قليلة تمكنت من الهرب خارج المنطقة وهناك متابعة من الاستخبارات لحركة الارهابيين الهاربين داخل المحافظة”.في غضون ذلك كشف مصدر امني لعراق القانون ان الحركة التجارية ونقل المسافرين على الطريق الدولي عادا الى سابق عهدهما بعد ان امنت القوات العسكرية الطريق الدولي الرابط بين العراق والاردن وسوريا واصبحت الشاحنات التجارية وسيارات نقل المسافرين تمر بسلام في جميع مناطق الطريق الدولي باستثناء المنطقة المحاذية لمدينة الفلوجة التي يقوم الارهابيون بين الحين والاخر باطلاق النار منها على السيارات المارة، ما دعا القوات الامنية الى اجراء تحويلة بسيطة صوب طريق امنة اكثر.وبين المصدر ان مبادرات عديدة نفذتها القوات الامنية وابناء العشائر لتنظيف المباني الحكومية والمدارس والشوارع من مخلفات الاشتباكات العسكرية والمتاريس التي اتخذها تنظيم "داعش” مخابئ لعناصره الارهابية، بعد ان عادت الحياة الى مجاريها في العديد من مناطق الانبار، لاسيما الرمادي التي شهدت افتتاح الدوائر الحكومية ابوابها لاسيما المدارس التي تستعد لاستقبال الدوام الرسمي بعد انقضاء فترة العطلة الربيعية.في تلك الاثناء، اعلنت وزارة البلديات تشكيل لجنة عليا لتسريع تنفيذ المشاريع التي توقفت في الأنبار نتيجة للاحداث الأمنية الاخيرة .
وقال المستشار الاعلامي للوزارة جاسم محمد لعراق القانون، إن ” الوزارة شكلت لجنة عليا لمتابعة 15 مشروعاً خدمياً توقف في محافظة الانبار خلال الاشهر الثلاثة الماضية "، مشيرا الى أن ” موظفي الوزارة باشروا اعمالهم امس الثلاثاء في مدينة الرمادي بشكل منتظم”.بدورها خصصت وزارة الكهرباء 700 محولة إلى محافظة الانبار بعد تعرض محولات المدينة إلى التخريب من قبل العصابات الإرهابية.وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس لـ”المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي” إن "مئات المحولات تم تخريبها على يد المجاميع المسلحة في الانبار، فضلا عن استهداف خطوط الطاقة للضغط العالي والواطئ والذي تسبب بانقطاع التيار الكهربائي”.
انتصارات عسكرية متلاحقة
وتوالت بشكل كبير الانجازات العسكرية الكبيرة، التي تمكنت بواسطتها من سحق تنظيم "داعش” في عموم الانبار، فضلا عن المناطق المحاذية للمحافظة، في مشهد يؤكد بسالة تلك القوات، واصرارها على دحر المجاميع الارهابية.
حيث قتلت القوات الامنية 14 مسلحاً واعتقلت 13 اخرين ينتمون لتنظيم "داعش” في ناحية الكرمة والعامرية واطراف مدينة الفلوجة، جنوب الانبار.كما تمكنت قوى الامن من قتل خمسة من التنظيم وأصيب ثلاثة آخرون باشتباكات اندلعت بين الجيش وارهابيي التنظيم وسط الرمادي.كما ذكرت مصادر أمنية رفيعة المستوى أن المجرم "محمد العبيدي” الملقب بـ”ابي امير ” وهو ضابط برتبة عميد في الجيش السابق ومسؤول عن تمويل العمليات الارهابية التي تستهدف القوات الامنية والمواطنين العزل في مناطق حزام بغداد قتل مع اثنين من مرافقيه في منطقة اللطيفية .وقالت مصادر أمنية رفيعة المستوى ان ” قوة امنية قتلت العبيدي بعد مطاردتها له ومحاولته الفرار هو واثنان من مرافقيه في عملية نوعية ".
الى ذلك كشفت قيادة شرطة محافظة البصرة عن وجود منشورات تابعة لتنظيم "داعش” تهدف لزعزعة أمن المحافظة .
وقال مدير شرطة البصرة اللواء فيصل العبادي خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر قيادة الشرطة عرض خلاله اعترافات "26″ معتقلاً "انه تم العثور على منشورات تابعة لعصابات داعش الارهابية تهدد أمن المواطنين في قضاء الزبير كما انها تهدف لزعزعة الاستقرار في المحافظة”.
النهاية